الزائفون

لطفي بن إبراهيم حتيرة

الزائفون 

لطفي بن إبراهيم حتيرة

[email protected]

بين ظاهر القول والقول خفاء وبين السطح وتحت السّطح مسافة بعيدة.. بين السطح وتحت السّطح ما بين الظاهر والقرار.. الظاهر خزي وعار ولعنة على الزائفين, والقرار وعي و نور وجمال للعارفين.. الظاهر متغيّر بليد والقرار ثابت أصيل.. الظاهر مبنى تجرفه السيول, و القرار معنى تغذّيه العيون.. الظاهر قصر من ورق تحطّمه الرياح, والقرار قلعة من رخام تزيدها الأيّام متانة ومكانة..

اللغة أفق وآفاق.. اللّغة بعد وأبعاد.. اللّغة حلم وأحلام تولد وتتوالد, اللّغة بعث جميل ووجد ووجود وتواجد.. اللّغة كون وتكوّن, اللّغة ليست حجارة مقدّسة, مفرّغة من محمولها ولا حمارا يحمل أسفارا ولا يدري عن أسفاره شيئا.. اللّغة هي الحامل والمحمول والمحمل..اللّغة كيان وجوديّ بها وجودنا وبها تواجدنا وبها نحيا و نسعى و نبني ونشقى وبها  نموت ونولد حيّا.. اللّغة أمل وتأمّل وفكر وتفكير وتفكّر

اللّغة هويّتنا وشخصيّتنا وكلّ شيء فينا.. اللّغة أصلنا وأصالتنا, عزّنا وعزّتنا.. اللّغة هي التـّي حضنتنا يوم حاول المستعمرون ومن والاهم طمس هويّتنا.. اللّغة  هي التـّي حملت رايتنا وحمّلناها راياتنا يوم توجّه الحاقدون نحو غرب وشرق.. اللّغة هي التـّي وحّدت صفوفنا يوم حاول المفرّقون تمزيقنا وتشويه عروبتنا وتخريب بيوتنا وإفساد أطفالنا.. اللّغة هي همومنا وآلامنا, هي أفراحنا وأعيادنا, هي صلاتنا و

سجودنا, هي مولدنا وموتنا.. اللّغة هي رمالنا ونخيلنا, هي أنهارنا ورمّاننا, هي قمحنا وزيتوننا.. اللّغة

بيتنا وسكننا ورحلة عمرنا.

يؤسفني أن أرى أقلاما تدّعي العروبة و الإسلام  وهي تكتب بلغة غربيّة استعمارية  حاقدة.. تكتب ولا تدري لماذا تكتب ولمن هي تكتب.. منهزمون, مهزومون لا يعرفون إنتماء ولا يفقهون للهويّة ولا للأصالة معنى.. أغرتهم الأضواء وغرّهم البروز وحب الظهور أمام البسطاء وطمعوا في منصب خادع ورياء وحفنة دولارات من هنا وهنا..

يؤسفني ويحزّ في نفسي هذا الزّيف والسراب.. وهذا الجهل والتجاهل.. وهذه الغربة الّتي يعيشونها ويتعيّشون منها.. هم غرّبوا فاستغربوا  وهزّتهم الأحلام الزائفة والنفوس الخربة, المنخربة.. هم الزّيف.. هم القحط.. وهم مداخل وأعوان التغريب والتخريب المتعمّد.. هم الغربان السوداء والعمائم الجوفاء و

القلوب العمياء والعقول العرجاء.. هم البوم الناعب ليل نهار ويسكن القبور والخراب وكما يقول المثل

..من تتبّع البوم أوصله إلى الخرائب..