هكذا تحدث زعيم منظمة بدر!!

هكذا تحدث زعيم منظمة بدر!!

ياسر الزعاترة

هادي العامري، هو الأمين العام لمنظمة بدر التي أصبحت سياسية بعدما كانت تنظيما مسلحا شكّل القوة الضاربة التي أثخنت في رموز النظام السابق من «البعثيين السنّة» على وجه التحديد، وهي أول من مارس الاغتيالات والتصفيات في الساحة العراقية بعد الاحتلال.

اليوم يشغل العامري منصب وزير النقل (هو منصب يكفي للتكسب، فالمؤهل ليس شرطا عند المالكي)، وحين نستمع إليه، فإننا نستمع إلى واحد من رموز حكومة المالكي المهمين، والأهم أننا نستمع إليه بوصفه زعيم تنظيم مسلح، ومن سياسي يتحدث بلغة مذهبية دون مواربة.

وكالة «رويترز» أتحفتنا بلقاء مهم مع العامري يتعلق في جوهره بمشاركة عراقيين في القتال إلى جانب نظام بشار، في ظل معلومات عن مشاركة مقاتلين من منظمة بدر وعصائب الحق وحزب الله (العراق) وسواها من المنظمات في القتال.

نتوقف عند حوار العامري لأنه الأكثر وضوحا في خطابه المذهبي، خلافا لغالبية المتحدثين من حلفاء إيران، والذين يكتفون بالسلوك المذهبي، من دون التورط في الخطاب المذهبي.

وفي حين اخترع حزب الله (اللبناني) مؤخرا ذريعة حماية ظهر المقاومة بعد أن توسل لبعض الوقت قصة حماية المقامات الشيعية، وقبلها حماية القرى الحدودية الشيعية اللبنانية، فإن العامري يبدو أكثر وضوحا في مذهبيته، ليس في تركيزه الكبير على المقامات، بل في حديثه عن حماية الشيعة في سوريا (لا يشمل ذلك العلويين الذين يصنفون كفارا في الفقه الشيعي التقليدي).

يبدأ العامري الحوار بأسلوب هجومي قائلا: «تريدون أن نظل جالسين. الشيعة يُعتدى عليهم ونحن نظل جالسين، وأنتم تساعدونهم بالمال والسلاح، وأميركا تساعدهم (المقاتلين السنة) بالمال والسلاح». ثم يزيد الموقف وضوحا بالقول: «قبل أسبوع التقيت بنائب وزير الخارجية الأميركي وقلت له بصراحة: نحن لا نشجع أحدا على الذهاب للقتال (في سوريا)، ولكن بكل صراحة إذا صار (تكرر) مثل هذا التعدي الذي حدث على القرية الشيعية في دير الزور، أو إذا لا سامح الله صار تعدي على مرقد السيدة زينب سوف لن يذهب واحد أو اثنان بل آلاف، بل عشرات الآلاف من الشباب (الشيعة) سيذهبون ويقاتلون إلى جانب النظام (السوري) ضد القاعدة وضد من يدعم القاعدة».

يحشر العامري ما يجري في سوريا (عن قصد) في القاعدة، متجاهلا أنها ثورة شعب خرج يتصدى لطاغية وجَّه الرصاص إلى صدور أبنائه الذين خرجوا يطلبون الحرية والتعددية بشكل سلمي، ثم يقول: «أنا رفعت السلاح ضد صدام حسين أكثر من 20 عاما. قاتلت في الجبال والأهوار وفي كل المناطق. والله لو خيرت بين القاعدة وبين صدام حسين لقاتلت إلى جانب صدام حسين ضد القاعدة لأنه لا يوجد أسوأ من القاعدة».

لكن العامري يعرف أن القاعدة ليست عميلة لأميركا، وبالتالي فإن ما يجري في سوريا ليس مؤامرة أميركية، ثم إنه قاتل نظام صدام حسين، بينما كان على عداء مع أميركا، ولم يقل أحد إنه عميل لها يومئذ، فلماذا تتهم الثورة السورية بالعمالة؟! هنا يجري القبض على العامري متلبسا بالتناقض الفاضح، لأن عداء أميركا لصدام كان أكبر من عدائها لبشار الأسد.

العامري هنا، وفي هذا الحوار يفضح البعد المذهبي لوقوفه خلف نظام بشار، وإذا كانت القاعدة قد اعتدت على قرية شيعية في دير الزرو كما يقول، فلماذا كان يقف مع النظام منذ البداية قبل أن تطرح حكاية المراقد الدينية في سوق التداول السياسي؟!

العامري في هذا الحوار يفضح على نحو لا يقبل الشك البعد المذهبي للتحالف الإيراني الذي يساند بشار، لاسيَّما أنه هو نفسه من جاء على ظهر الدبابة الأميركية إلى العراق، وهو آخر من يتحدث عن المشروع الأميركي والصهيوني، أو عن مساعدة الغرب للثورة السورية، مع أنها مساعدة موهومة، إذ يعلم الجميع أن الغرب هو من يضغط لمنع السلاح النوعي عن الثوار.

يبقى أن إعلانه الحرب المذهبية على الأمة (التي يختصرها) في القاعدة لا يمكن أن يمر مرور الكرام، ومن أفتوا بالجهاد في سوريا من العلماء ليسوا ناطقين باسم القاعدة، لكنهم قوم ردوا على العدوان بمثله، وإن لم يوفقوا في طبيعة الخطاب المذهبي الذي استخدموه دون حاجة لذلك، لأن المعركة هي لصد عدوان سافر، وليست معركة ضد الشيعة في العموم.