هدايا الأهل... تؤرق المغتربين!!!

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

لم يكن صاحبنا يخطط لقضاء لقضاء اجازة الصيف بينهم وقرر تاجيلها الى العام المقبل كون زيارة الاهل والاصدقاء في موسم الصيف باتت تشكل له ارهاقا في ميزانيتة وبخاصة فيما يتعلق ببند شراء الهدايا للاهل والاصدقاء ...

ففي الماضي  كان ياتي سنويا الى زيارته اهله واحضار الهدايا لهم والاصدقاء ولكن في هذه الايام المسؤولية بالنسبة له زادت عن السابق حيث الصغار كبروا وتزوجوا وبات لهم اسرة ولا بد من تقديم هدايا لهم ان كان ابنا او خا او بنت اخت او زوج اخت او زوجة اخ، ناهيك عن زيادة الوزن ان كان الحضور عن طريق الطائرة مما يعني دفع رسوم زيادة حمل رغم إن الهدية إحدى أهم وسائل التواصل والمحبة والود والتقدير بين الناس لما لها من قدرة على التعبير عما تحمله مشاعر المهدي إلى المهدي إليه، هذا بجانب الابتسامة والكلمة الطيبة التي تكمل الصورة التي تزدان بها العلاقات الانسانية، وتنمو معها اواصر المحبة والترابط الاجتماعي هذا الشعور كنت اشعر به في الماضي ام الان فان المسؤوليات كثيرة باتت ترهك ميزانية الجميع ...

حياة طبيعية

وتحكي «موظفة» ان الهدية هي مفتاح القلوب وتقرب البعيد تلطف العلاقات الاجتماعية وتجعل الحياة طبيعية خالية من التشاحن، ولا يشترط ان تكون الهدية باهظة الثمن فيمكن ان يكون لباقة ورد منتقاة بعناية من حديقتك المنزلية مفعول السحر ونتائج ايجابية افضل من هدية غالية لدي اصحاب القلوب المرهفة، لذا اختيار الهدية المناسبة هو احدى الوسائل في ان تحقق هدفها المنشود لانه يمكن لهدية خاطئة ان تأتي بنتائج عكسية وتتسبب في ازمات اجتماعية، كما ان الهدية تقدم بوصفها رمزاً أو وسيلة للتعبير عن الحب والمشاعر الإنسانية الصادقة التي نكنها لأشخاص يحتلون في قلوبنا مكانة عظيمة، وليس المهم أن تكون الهدية غالية لكي تكون مؤثرة ولكنها تعطي صورة عن مدى تقديرنا لمن سنقدمها له. من منا لا يحب أن يتلقى هدية في مناسبة ما .

كما أن  الهدية الآن أصبحت من المظاهر الاجتماعية التي يشوبها بعض الزيف والتملق لكنها في السابق كانت من القلب وكانت الوردة تعتبر من اجمل الهدايا وأغلاها، ولكن الآن أصبح هناك مبالغة وتكلف في التهادي الامر الذي افرغ الهدية من معناها ونعلم أن الهدية كلما كانت بسيطة كانت معبرة اكثر لأن الهدف منها ليس المادية بل المعنوية وتحقيق والترابط والتواصل ما بين الافراد والجماعات والأسر مكانة المهدي.

ويعلق الاستاذ الدكتور على الامر بالقول ان الهدية ينظر لها من زاوية الشخص صاحب الاهداء ومكانته عندك، والهدية ان كانت أخوية بعيدا عن الانتهازية والمصالح الخاصة فإنها مدعاة للمحبة وتقريب المشاعر، ويشير إلى ان رفض الهدية قد يصيب المهدي بالصدمة والألم خصوصا اذا كان المهدى اليه صاحب مكانة وعلاقة طيبة معه ...

انواع الهدايا

و انه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة أن الهدايا التي يشتريها المغتربون نوعان. هدايا للكبار والتي تكون ما بين الساعات والعطور والقمصان وحقائب اليد والقطع الذهبية، وللصغار وأغلب هداياهم هي ألعاب إلكترونية أو سي دي أو ملابس، وأن الهدية أصبحت في غاية الأهمية خاصة الأهل الذين يسكنون في منطقة الخليج باعتبارها رمزاً للرفاهية، لذلك يتوقع منهم الأهل أن تتماشى الهدايا مع الصورة المطبوعة في أذهانهم، لذلك لا عجب إن استدان أحد من البنك من أجل ميزانية الهدايا، وان هناك هدايا تقدم في غير المناسبات المعروفة ومنها هدية المحبة والمودة، التي يقصد بها تثبيت الصحبة وتأكيد الأخوة، وحسن العشرة والمروءة بين الناس، وهذا النوع من الهدية قد يكون من الأعلى للأدنى، أو من الكبير للصغير، أو من المعلم للتلميذ، فإذا كانت من الأعلى إلى الأدنى صار فيها شيء من معنى الصدقة، بخلاف ما إذا كانت من الأدنى إلى الأعلى، لأنها تكون أبعد عن ذلك ...

صــــلة رحميــة :

كما أن  الهدية تكون من باب الصلة والبر إذا كانت بين الأهل والأقارب، وقد تكون من باب التحبب والتقرب إلى الله، كالهدايا التي تقدم للعلماء والصالحين، وقد يقصد بالهدية التوسعة إذا كانت من الغني للفقير، وقد يقصد بها تأليف القلوب، كأن يعطيها الإنسان لمن بينه وبينه عداوة، وقد تكون الهدية لتأكيد الصحبة والمحبة، إذا كانت بين الإخوان والأصحاب، وقد تكون هدية تشجيع كما إذا أعطى المدرس هدية لطالب نجيب عنده، أو يحفظ القرآن، أو يستذكر دروسه، مشيرا الى أن الهدية لها عدة معانٍ جميلة ينبغي الالتفات لكل معنى منها، وقد تكون الهدية في مناسبة كالعيدين، أو مناسبة دينية أو اجتماعية موافقة للشرع مثل هدية زواج، أو ولادة، أو إلى المريض، أو بعد الشفاء، أو للنجاح، أو للترقية، أو للمسافر، أو للعائد من السفر ...

وخلاصة  القول ان تبادل الهدايا سلوك راقٍ منذ القدم وحثّ عليه الإسلام باعتباره سبيلاً إلى التحاب بين المتهادين، ولمس الناس هذه الحقيقة وأصبحوا على يقين أن الهدية تلخص كثيراً من المشاعر ويعبر أبسطها عما في القلوب تجاه الأهل والأقارب والأصدقاء والزملاء، ومع التطور أصبح عالم الهدايا متسعاً وينتعش في مناسبات كثيرة قديمة ومستحدثة، ولا يقتصر تبادلها على الأفراد بل يمتد إلى الدول والزعماء ورغم أهمية الهدية فقد تترك في نفوس البعض ألماً حينما يتلقاها أعزاؤهم باستخفاف، فيما تظل الهدية مهما اختلفت اشكالها وتنوعت صورها رمزاً من رموز التقدير والامتنان، ومع التطور كان لابد لعالم الهدايا البسيط، ان يتطور ليواكب العصر الحديث، حيث تنوعت المناسبات كأعياد الحب، والأم، والاب، واختلفت مناسبات الهدايا، فمن هدية للتهنئة برمضان وأخرى بمناسبة شراء السيارة الجديدة، والمنزل الجديد والمواليد، ومع كثرة المناسبات التي يحتار امامها الناس تلعب محلات الهدايا والتغليف دورا كبيرا في مواجهة الطلب المتزايد على الهدية، بل تطور الامر الى الاعتناء بالتغليف الذي يحول الهدية البسطية الى اخرى راقية شكلها اغلى بكثير من سعرها الحقيقي وهذا ما تقوم به معظم محلات الهدايا وتغليفها والخدمة تتفاوت اسعارها من محل إلى آخر وحسب نوعية الخامات المستخدمة في التغليف.

تلك سمة من سمات الحداثة والعولمة والتى تعمقت في وجدان كثير من الاسر مما يعنى تقديم الهدايا في كل المناسبات الخاصة والعامة حتى تصعد في سلم التقدم والرقى الحضاري ومواكبه العصرنه واللحاق بركب الحضارات العالمية والدخول على عالم العولمة من أوسع ابوابه !!!...