تلك حكايات وقصص لا نهاية لها !!!

تلك حكايات وقصص لا نهاية لها !!!

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

في كل مرة أحرص علي زيارة صديق العمر  الذي يقيم في تلك الديار الطاهرة منذ سنوات طويلة، وفي كل مرة نلتقي كانت تغمر لقاءنا الفرحة التي ننتزعها من فك الزمن البخيل،

ونسترجع الذكريات ونتبادل أخبار الديار والعشيرة، وندعو بالرحمة لمن سبقنا إلى لقاء ربه الكريم. في هذه المرة،أي قبل نحو أسبوعين، كانت تعلو وجهه مسحة حزن تمردت على كل محاولاته لإخفائها عن العيون. قال لي فجأة: بيتي (إنباع). دهشت كيف يبيع صديقي الصدوق بيته وأنا أعلم أنه لم يمتلك ذلك البيت (بالساهل)، فقد كلفه سنوات طويلة من الكفاح والعرق، ومسافات طويلة يسيرها كل يوم ودروب صباحا ومساءا أو حسبما تقتضي طبيعة عمله.

 سألته إن كان قد فكر في مشروع يستوجب بيع البيت أو أن ظروفا طارئة صعبة فرضت عليه هذا القرار،أو أنه (بالمرة) أصبح زهدا في السكن بالاقليم الاوسط ، حيث يقع البيت، ويرغب في الإنتقال للسكن في الخرطوم عاصمة الجمال وقبله المهاجرين من أبناء وطنى الفقراء مثلما يفعل الكثيرون. قال لي إن كل ذلك لم يحدث، ولم يجل بخاطره ولكنهم باعوا بيته بدون علمه وبمستندات وتوقيعات مزورة.علم بالصدفة أنهم باعوا بيته، ليس ذلك فحسب، ولكن عملية بيع نفس البيت تكررت أكثر من مرة وتبادل ملكية البيت أكثر من مالك، ودخل في حسابات (الكسر)، وما زال البيت معروضا للبيع !!! .

كان لي بيت ولكن حل فيه آخرون وصحاب بعضهم مات وبعض في السجون قال لي إن البيت لحسن الحظ لم يحتله ساكن جديد بقوة هذه المستندات المزورة وما زال الساكن القديم يسدد الإيجار لوكيله بانتظام، وقدر أخف من قدر. ولأنه لم يذهب للسودان منذ بضع سنوات، فقد قام وكيله بتوكيل محامي لمعالجة ومتابعة هذه القضية، ثم أضاف في نبل شديد، إنه يتمنى ألا يكون أحد من ذويه طرفا في عملية النصب هذه، لأن من ارتكبوا هذه الجريمة لا بد وأنهم يعرفونه شخصيا،ولديهم معلومات كافية عنه، ويعلمون أنه خارج الديار. هو يريد عودة بيته إلى حضنه من جديد!!!

مأساة صديقي ، وأتمنى ألا تصبح مأساة فعلا وتقوم السلطات العدلية والأمنية المعنية بإبطال هذا العبث البين، تحدث لكثير من المغتربين، ويستغل الجناة في ذلك حالة الإنفلات والفساد التي نخرت في عظام مؤسسات العامة قبل الخاصة !!!

 أعرف مغتربا في مدينة ما  انتقل إلى جوار ربه الكريم والحسرة تملأ نفسه بعد أن شاهد بيته يحتله آخرون، وبيته ليس في الكلاكلات أو في أقاليم البعيدة ، ولكن في قلب الخرطوم!!!

الماساة المجتمعية الحقيقية لا تتمثل وقوع مثل هذه الجرائم،ولكنها تكمن في الأيدي الخبيثة الفاعلة المستترة،والظاهرة أحيانا،على مختلف المستويات، صاحبة المصلحة في تعويق الإجراءات وتزوير أو تغييب الحقائق.هؤلاء يواجهون الضحية من حيث لا يحتسب عندما يلجأ للعدالة، ويضعون كل العراقيل أمامه،بأريحية تامة ونهج منظم ونفس طويل،وبلا أدنى خوف من عقاب،فيفقد الضحية الثقة في العدالة، وهذا مؤشر خطير لإنهيار قيمي يستلب المجتمع، ونذير بأسوا قادم!!!

هذا حال الناس وواقعهم المر  في تلك الازمان !!! فكيف يكون الحال في البقاع و الاصقاع النائية من تفلت وإنفلات وتحايل على الانظمة واللوائح القانونين لأن من يلج في تلك المتاهرات القانونية يعرف كيفية الخروج والانفلات من العقاب والجزاء والرادع !!!

 لأن من  تثبت عليه الادانة ويلج خلف أسوار السجن يجد كل شى من أكل وملابس ومأوي مكيف ينعم به خير من جوار أهله وعشيرته !!! تلك حكايات وقصص  لا نهاية لها !!!