"ما تعرفش تقلدني... كبيرك تحسدني" ...!!!

"ما تعرفش تقلدني... كبيرك تحسدني" ...!!!

هنادي نصر الله

[email protected]

تبتْ أعينُ الحاسدين وتبّ مكرهم اللعين وحقدهم الدفين.... جاء ليخطبها؛ فاستكثروا عطاء الله عليه وعليها؛ وبدأوا يُدبرون المكائد لكليهما... ابتسموا من أعماقِ قلوبهم عندما تخاصما... وغضبوا عندما تصالحا... وعندما حان موعد الزفاف؛ أصيبوا جميعهم بالرعشةِ والجفاف.. " لقد اقترنا" قالوها بغيظٍ... آخذين على أنفسهم عهدًا أن يبقوا بهما متربصين تربصًا أحمقًا.. فمناهم أن يسمعوا في العاجل القريب أنهم " افترقا" ...

هو نشيطٌ ٌ ومميزٌ في عمله؛ يكره أن يأتي على الموعد المحدد لدوامه؛ بل يعشق أن يسبقه بنصف ساعةٍ على الأقل؛ كي يرتبَ نفسه؛ يُحب إتقان عمله بلغةِ المغامرةِ؛هم لم يكلفوا أنفسهم أن يُصبحوا في مستوى نشاطه وهمته؛ بل أرهقوا ذواتهم في الإيقاع به وبين مسئوله في العمل؛ فرحوا عندما مسكوا عليه" زلة" كبروها،أثاروها في أحاديثهم وقهقوا مراتٍ ومراتٍ .

لم يستسلم لهم؛ رغم ملاحقتهم الشديدة؛ فقد أخذ على عاتقه أن يبقى أمينًا على عمله الذي يتطلبُ إنجازه الدقة والإتقان...وهم أيضًا لا يستقيلون عن واجبهم " في دفنه بالحياةِ آلاف المرات وتثبيط همته" بألاعيب شتى..

قد يحسد الزميل زميله، والأخ أخاه، والجار جاره، والقريب قريبه، والسلفة سلفتها، الحسدُ يُصبح جزءًا من حياة الناقمين على عطاء الله، والمعترضين على قضائه وقدره، أولئك الذين يُحاربون عباده في نعمٍ لا ذنب لهم فيها إلا أن الله قسمها لهم..!!

لا عزاء للمحسودين سوى الصبر رغم مرارته؛  الصبرُ " جميل" يُعلمنا سياسة " ضبط النفس " في الأوقات العصيبة، يُعلمنا كيف نُكابر بينما نظرات الحاسدين" تُوقعنا أرضًا" فلا نشعر بأجسادنا... ! حقًا قوله عز وجل " وما يُلقاها إلا الذين صبروا وما يُلقاها إلا ذو حظٍ عظيم"... فلنتمعن أيضًا قول شاعرٍ " اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله ، النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله"...!!

لا عزاء للمحسودين سوى أن يدفعوا إساءة الحُساد بالتي هي أحسن امتثالاً لقوله تعالى" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن؛ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"

إلى كل من يشعر بأعراض الحسد" التثاؤب، النعاس، الرغبة في النوم، القلق، الأرق، العصبية، الفتور، الشرود الذهني، عدم الرغبة في إنجاز الأعمال والشعور بالنعاس وقت أدائها والتردد أثناءها عدا عن  الخوف... الخ... عليكم بالرقية الشرعية في الصباح والمساء.. بل عليكم بها قبل أن تعيشوا هذه الأعراض، استيعذوا بالله من شر حاسدٍ إذا حسد، وتسلحوا بترتيل القرآن الكريم لاسيما الآيات المانعة للحسد كالمعوذتين والفاتحة، والصافات وخاتمة البقرة... وغيرها..

أحسنوا إلى حاسديكم، وعاملوهم بأخلاقكم الحسنة لا بأخلاقهم؛ لا تستلموا لنوبات غضبهم كلما حالفكم النجاح في توفيقٍ ما أو الحصول على مكرمةٍ ما.. قولوا لهم " هذه تقادير الرحمن" فلم تُحاربوننا؟؟

وللأمانة أقول.. إن التطبيق صعب ويحتاج إلى إرادة؛ تتحدى الوضع النفسي والجسدي للمحسود؛ الذي عليه أيضًا آلا يخافُ من مقابلةِ حاسده ـ إن عرفه ـ بل أن يتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وآلا يُحدث عن إنجازاته أمامه، بل أن يعمل بوصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" ..

وأخيرًا... ما أجمل أن يسعى الإنسان لإصلاحِ عيوبه؛ والإنشغال بنفسه؛ بدلاً من يُطلق العنان لعينيه لملاحقةِ الآخرين، ماذا فعلوا؟ وكيف فعلوا؟ وكم رزقهم؟ وماذا أكلوا وشربوا؟ وهل ناموا سعداء واستيقظوا بهناء؟؟ وكيف وكيف وكيف؟؟؟ 

للأسف حالُ بعضنا وهم يُحاولون أن يتقمصوا أدوار غيرهم كرأيٍ شعبيٍ يقول" ما تعرفش تقلدني.. كبيرك تحسدني" !! ليتنا جميعًا نتأمل " اركض ركض الوحوش .. غير ما بتحوش" وليتنا ندرك بأن الرزق مقسومٌ وسوء الظن بالآخرين لا ينفع...!!!