واقعنا اليوم وعلامات الساعة

عابدة فضيل المؤيد العظم

واقعنا اليوم وعلامات الساعة

عابدة فضيل المؤيد العظم

1- من علامات الساعة: "يُكذّب الصادق ويُصدّق الكاذب، ويخون فيها الأمين ويؤتمن الخائن". و"تلد الأمة ربتها"، "ويرتفع أسافل الناس". ومنها: "ترى الحفاة العراة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان".

وتحدث في آخر الزمان مفارقات عجيبة؛ إذ جاء في الحديث: "يمطر الناس ولا تنبت الأرض"! ومن علامات الساعة: "كثرة الكتابة وانتشار التعليم" ورغم ذلك: "يرفع العلم ويظهر الجهل"!

2- ومن علامات الساعة: "يكثر موت الفجأة"، و"تكثر الزلازل"، و"يمسي المرء مؤمناً ويصبح كافراً، ويمسي كافراً ويصبح مؤمناً".

3- ومن علامات الساعة: "يذهب الصالحون" أي يكثر الفاسقون، و"يكثر الهرج" أي يكثر الفساد وتقل التقوى، و"يكثر العقوق" أي يقل البر بالمقابل، و"يذهب الرجال وتبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد".

فما نستنتج؟

المجموعة الأولى فيها تناقض وخروج عن المنطق والعقل، وأيضاً خروج عن الأعراف والقوانين الأرضية المألوفة التي وضعها الله والتي اعتقدها الناس وساروا عليها، أي "يضعف ارتباط الأسباب بالنتائج"، فيعمل الإنسان ويكدح ثم لا يحصل على النتيجة الجيدة المرجوة. بل يحدث العكس: "فتمطر ولا ينبت!؟ ويدرسون ويحملون الشهادات ولا يحيزون العلم اللازم".

والثانية فيها عنصر المفاجأة، والتحول السريع جداً وغير المتوقع، وتنتفي سنة "التدرج"، فيموت الناس على الفور بلا تمهيد ولا مقدمات، وتخرب الزلازل البلاد بلا إنذارات ويتشرد الناس بلا استعداد. وتنقلب عقيدة المرء بين يوم وليلة ويتسارع تأثره وتغيره فيتحول بين الكفر والإيمان.

والثالثة اختلال كبير في النسب والموازين، فتكثر أشياء بشكل غير معقول وتقل أشياء بشكل غير مسبوق.

هذا ما جاء في الأحاديث الصحيحة، وحين تأملتُ ما يحدث في عالمنا اليوم شعرت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطانا إشارات بأن آخر الزمان فيه تناقضات وفيه مفاجآت وفيه اختلال، وهذه الثلاث هي العلامات الرئيسية وتندرج تحتها ظواهر كثيرة. 

وكأن "علامات الساعة" لا تنحصر فقط فيما ذُكر في الحديث بل هناك المزيد، وكأن نبينا الكريم نبهنا إلى بعضها ثم ترك لنا اكتشاف بقيتها لأنها على شاكلتها، وها نحن نراها ونعاينها بأنفسنا. ألا ترين معي كيف كثر الاكتئاب والعاهات بين الناس وكيف نشأت أمراض جديدة غريبة وعجيبة، وبالمقابل قل احتمال الناس للآلام والأحزان، ألا ترين التناقض في شخصيات الناس حولك وفي سلوكهم وأحوالهم وأقوالهم وأفعالهم، فتارة يكون الفرد في أشد حالات التسامح وتارة يكون هو نفسه وعلى نفس الأمر في أشد حالات الحقد والسخط؟!

والمستفاد:

كل شيء بات قريباً منا ونحن في خطر، فالحذر الحذر! وكل أمر كنا نستبعده أضحى ممكن الحدوث، وكل سوء قد يمسنا وسيحدث فجأة وبلا مقدمات: الموت، المرض، العاهات، الحوادث والغرق والحرق، وتغير الحال ممكن كأن تهجرك زوجتك أو يتزوج زوجك عليك!

وأهمه أن الكفر قريب، والإلحاد قريب، واختلال المفاهيم قريب، إذ كثرت شكوك الأبناء، وكثرت تساؤلاتهم، فيقولون: "لا دليل على فرضية الحجاب! ولماذا تحرمون الرشوة (وهي إكرامية) والربا و(هو تجارة) ولا ينجح عمل من دونهما؟!"... وهكذا انهدمت المسَّلمات، وضاعت الثوابت. وأيضاً انتشر العقوق وساد.

أيها الناس إذا توقعنا كل شيء أخذنا العدة، والوقاية خير من العلاج، وسلاحنا في الاستزادة من التقوى ومصاحبة الصالحين، وتقوية النفس والتجلد فمصائب الدنيا كثيرة وكبيرة، ولن ينفع إلا الصبر والقوة في التعامل معها.

أيها المربون نحتاج إلى مضاعفة الاهتمام بأنفسنا وأولادنا، فانتبهوا واحذروا ولا تتهاونوا ولا تهملوا، ولا يقولن أحد ربيت ابني جيداً ويرميه في مدارس الانترناشيونال، أو يتركه بلا رقابة، أو يرسله ليكمل تعليمه في الخارج فقد يفجؤك يوماً بما لا يسر.