"كتائب السيسي الإعلامية".. موعد مع الهيستريا!

"كتائب السيسي الإعلامية"..

موعد مع الهيستريا!

سليم عزوز

لا أعرف ما إذا كان هناك من سبق «زياد بركات» في استخدام اصطلاح «كتائب السيسي الإعلامية» في وصف مقدمي البرامج في فضائيات الثورة المضادة، أم أن صك البراءة لهذا الاختراع له «حصرياً»؟!

تقرير «زياد بركات» بثته «الجزيرة»، قبل أيام عن هذه «الكتائب»، التي أثبتت التسريبات الأخيرة، أنها تدار من مكتب الجنرال «عباس كامل» سكرتير السيسي الخاص، والتي قال «زياد» إنها مع ذلك لا تحظى بالإحترام حتى ممن يستخدمها فهو يطلق عليهم «الواد» و»البت» و»العيال بتوعنا»، وكيف أن هذه «الكتائب» بدأت حملتها على الرئيس محمد مرسي الذي علقت في رقبته كل الأزمات بما في ذلك «سوء الأحوال الجوية».وهنا ظننت أنها مبالغة من كاتب التقرير، قبل أن يصدمنا بفيديو يحمل لقطة قديمة لحلقة من برنامج «إبراهيم عيسي» يرجع ذلك لمحمد مرسي وحكومة هشام قنديل.

«كتائب السيسي الإعلامية» عادت سيرتها الأولى تقود حملة على قناة «الجزيرة»، إلى حد أن بعض عناصرها فقد عقله في ظروف غامضة، وقد أصيبوا بهستريا تحتاج «لدقة زار» لإخراج الجن من أجسادهم، إذ طالبوا السيسي بعد قصف «درنة» في ليبيا بقصف قطر، مالكة «الجزيرة» وأحدهم ظن أن صاحبه عبد الفتاح السيسي هو «الفك المفترس» فطالبه بأن يقصف غزة بالمرة!

«زفة بلدي» أقامتها «الكتائب» لقرار السيسي بقصف قواعد تنظيم «داعش» في ليبيا، بدا فيها السيسي في رحلة هروب من فشله، ولأن الجيوش عندما تحارب فإنه يلزم على الأمة أن تحتشد خلف قياداتها السياسية فقد طالبونا بالوقوف خلف قائدهم، فات هؤلاء أن الاصطفاف الوطني، يكون خلف قيادة لا تفتقد للشرعية وليست مغتصبة للسلطة بقوة السلاح، وما بينها وبين الآخرين هو خلاف حول بعض المسائل السياسية.وكبيرهم ليس رئيساً لمصر ابتداء!

يبدو أن «الكتائب الإعلامية» كانت موجهة من قبل مكتب سكرتير عبد الفتاح السيسي لإحداث ضجيج وطني، باعتبار أن حاكمهم يقود حرب التحرير الكبرى، وذلك لتجاوز التسريبات، التي بثتها مؤخراً قناة «مكملين» وكشفت كيف تدار الأمور في مصر، وكيف أن البلاد دخلها عداً ونقداً 30 مليار دولار من دول الخليج في وقت كان شعار السيسي الأثير: «ما فيش»، و»مش قادر أديك»، ويلاحظ أيضاً أن دولتين من دول الخليج أعطته باليمن فلم تعلم الشمال ما أنفقت اليمين، فلم تعلن الدول المانحة، حجم ما منحته لمساعدة الانقلاب على الثورة المصرية، ومن «لحم الحي»، فالإثم هو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس.

عبد الفتاح وسكرتيره

وفي الوقت الذي كانت فيه «الكتائب» تعيد وتزيد في أن ما جرى في مصر لم يكن انقلاباً، فهناك رئيس اسمه «عدلي منصور»، وفي الوقت الذي كانوا يروجون بأن الإخوان يستهدفون «الدولة المصرية» كان من يدير مصر هم اثنان «عبد الفتاح وسكرتيره»، والأخير هو موفده الشخصي لجمع زكاة الركاز، ولا ذكر للرئيس في الأمر، فالدولة لم تكن سوى السيسي وصاحبه، والأموال المجلوبة لا تدخل من المنافذ الشرعية، ولكن من «مكاتبهم» بالخارج، والأمور تدار على طريقة محلات البقالة، «عشرة من هنا، وعشرة من هنا، وعشرة من هناك، وقرشين للبنك المركزي»!.

وهو مستوى كاشف عن أنه لا وجود للدولة المصرية، بل تستطيع أن تقول إنه مستوى لامس الحضيض على نحو يمثل سبة في جبين الإنقلابات العسكرية على مر التاريخ. إزاء هذا التسريب، رأت «الكتائب» بقيادة المايسترو «سكرتير السيسي الخاص»، أن مذبحة الدفاع الجوي، التي راح ضحيتها عدد من الشباب، يمكن ان تغطي على ما جاء في التسريبات، ومن الواضح أنها لم تؤد الغرض، فكان الهروب إلى ليبيا، وبالتركيز على قضية خطف واحد وعشرين قبطياً على يد تنظيم الدولة الإسلامية هناك، وهذا ما يوضح سبب التصعيد، علماً بأن القضية عمرها يقارب الشهرين.وقال أقرباء المخطوفين إنهم نقلوا الأمر للمسؤولين فلم يحركوا ساكناً.

وثبت مؤخراً أن جماعة حفتر، يحتجزون من فترة مجموعة من الصيادين المصريين، لم تتدخل السلطات المصرية للإفراج عنهم ولم تكترث بهم، لأن المصريين في الداخل والخارج، عبء على حكامهم. وقد تم الإعلان عن ذبح هؤلاء، وعليه فقد كانت «الطلعة الجوية» التي قصفت «درنة»، ربما لينافس مبارك في لقب قائد الضربة الجوية! ولأننا حديثو عهد بالحروب، فقد نصبت ليلة الضربة «زفة»، كفرح العمدة، عبر وسائل الإعلام ومن خلال «الكتائب»، وأعرب عدد من مقدمي البرامج عن استعدادهم للتجنيد في الجيش المصري، ولم يكن هذا توارد رغبات بينهم فنحن نعلم أن الموجه للرسالة الإعلامية هو شخص واحد اسمه «عباس كامل» ويشغل وظيفة السكرتير الخاص لعبد الفتاح السيسي!

الاصطفاف الوطني

كانت ليلة ليلاء، طالبونا فيها باسم الوطنية، والجيش في حالة حرب، أن نصطف خلف قيادة عبد الفتاح السيسي، وضربوا مثالاً بالاصطفاف الذي جرى في واشنطن عندما قررت الولايات المتحدة الامريكية الحرب على الإرهاب، وكأن بوش الابن جاء لموقعه بعد انقلاب عسكري على كلينتون، وكأنه ارتكب المذابح ضد الشعب الأمريكي، وكأنه أشعل النيران في جثث ضحاياه من الأمريكان! واشنطن كانت تقود حربها هي، لكن عبد الفتاح السيسي كان يقود حرباً بالوكالة للدول العظمي، أو هكذا تصور، ومن أجل فرض خليفة حفتر رئيساً على الشعب الليبي، وكان يعتقد أنه بهذه الحرب يمكن أن يعيد الحماس الغربي له، والرجل يشعر بأنه يفتقد لمبرر استمراره، وكفيله التويجري لم يعد في القصر الملكي في العربية السعودية! في «الزفة» المفتعلة استمعنا لنداء الضرورة الذي يتمثل في نسيان الخلافات الآن، وكأن خلافنا مع السيسي هو في وجهات النظر، ولأن الأمر كله مفتعل من بدايته لنهايته، فإن صورة بثتها قناة «الجزيرة» لثلاثة أطفال طالهم القصف، جعلت من حملة «الكتائب الإعلامية» كأنها هشيماً تذروه الرياح، أو كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.

يقول المثل، «ما يجمعه النمل في سنة يأخذه الفيل في خفه»، فصورة واحدة بثتها قناة «الجزيرة» بددت مهرجان أضواء المدينة المنصوب، فكان الحديث عن ضرورة قصف قطر، ولم يحددوا ما إذا كان المطلوب قصفها بالنووي أم بالنابلم، فاتهم أنهم ما داموا في ظل الشعور بالعزة الوطنية، أن يطلبوا قاصفهم ومخترع القصف الجوي، بأن يقصف بالمرة «سد النهضة»، وهو ما يمثل خطورة عظمى على الأمن القومي المصري، لاسيما وأن هناك من طالبه بأن يقصف حماس وأم حماس!

أداء «الكتائب الإعلامية» جاء مسخرة من العيار الثقيل، لأنهم لم يعاصروا حروباً من قبل، فضلاً عن أن ملقنهم «عباس كامل» لم يشارك في حرب رغم حمله لرتبة اللواء، ربما رأى حرب الباسوس فيديو! لقد جاء في برنامج «العاشرة مساء» أن الأطفال الثلاثة من مدينة أخرى وقد ماتوا نتيجة انفجار موقد كهربائي.ومرة أخرى تهزمهم «الجزيرة» بتقرير، مجرد تقرير، كشف أن الأطفال الثلاثة هم ضحية القصف، وتم نقلهم لمستشفى «الهريس» في «درنة»!.

وأمام هذه الهزيمة، احتفى القوم بمداخلة من تطاول على قطر عبر قناة «الجزيرة»، وأقاموا «زفة» جديدة فالمذيع ارتبك، هكذا قالوا.مع أن صاحبهم فعل هذا لفقدانه الأمل في استضافته في استوديوهات «الجزيرة» بالدوحة، فقد تم وقف برنامج «المشهد المصري» الذي كان يسمح باستضافته وأمثاله، وأغلقت «الجزيرة مباشر مصر» التي كان احتفاؤها بالرأي العام يحتم عليها استضافته، فضرب ضربته فربما يكافأ بفرصة عمل في «بلاط السيسي»!. ليس في تطاول المتطاول ما يدعو لارتباك المذيع، فهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وفي مرات كثيرة كان التطاول أكثر فجوراً، لكن ربما فوجئ «توفيق طه» وهو إعلامي محافظ بهذا المستوى ممن يتم تقديمه على أنه خبير في العلوم السياسية، وهو محظوظ بالطبع لأنه لم يقع في قبضة «غادة عويس»، فلو كانت هي لجعلته في حكم ضحايا السيول!

النطق بالشهادتين

لا بأس، فالمهزومون يبحثون عن الانتصار ولو في المنام، والقوم كانوا في حالة غير طبيعية، جعلت من مذيع مستجد يقول إن من قتلتهم «داعش» نطقوا بالشهادتين قبل قتلهم، ونسى أن يقول إنهم صلوا الفجر حاضراً، ولم ينتبه وهو يقوم بإحياء «فرح العمدة» أنهم مسيحيون!

إعلان الحرب على ليبيا قرار وضع سلفاً ولا علاقة له بمقتل واحد وعشرين من المصريين على يد «داعش»، ففي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن توفيق عكاشة المقرب من عبد الفتاح السيسي في مقابلة تلفزيونية مع عمرو أديب أن حرباً على ليبيا ستشنها مصر خلال ست شهور.ويراد منا بعد هذا أن نصطف خلف السيسي في حربه المقدسة دفاعاً عن الكرامة الوطنية! والحكاية وما فيها، أن زعيمهم المفدى عبد الفتاح السيسي ظن، أن الغرب يريد أن يحارب «داعش» في ليبيا فتطوع، ليكون عند حسن الظن، فإذا بهم يرفضون تطوعه فهم يبحثون عن حلول سلمية.وعليه إن كان بالفعل قد تدخل للإنتصار لمصر أن يستمر في حملته، لكنه لن يفعل لأنها حرب لم تكن لمصر فيها ناقة ولا جمل!

وهذه هزيمة أخرى، ولم يكن أمام القوم سوى قناة «الجزيرة» التي فقدت حائط الصد الخاص بها ممثلا في «الجزيرة مباشر مصر»، فجاءت الضربات في الإخبارية، يعلقون عليها فشلهم!

على السيسي أن يدندن الآن بأغنية: «ياميت ندامة على اللي حب ولا طالشي».

صحافي من مصر