أدب استقبال الحياة وتوديعها

معمر حبار

[email protected]

حرمة الميت أيّ كان، من حرمة الحي أيّ كان، واحترام الحياة، يستلزم احترام الممات. والله تعالى قال: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"، الإسراء - الآية 85.

ومادامت "الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي"، فليتربى المرء مع الروح أيّ كان صاحبها، وتحت أيّ ظرف، لاقت ربها ومولاها.

والله تعالى حينما نهى عن وأد البنات، إنما كان ينهى أولا عن وأد الروح، ذكرا كانت أم أنثى. فالنفس البريئة، خُلقت لترى النور، وتتنعم بها، وينعم بها من حولها.

ورحم الله الإمام العلاّمة، الشيخ أحمد حماني، حينما ذكر في كتابه القيم "الفتاوى"، أن الاعتداء على الميت، أشد حرمة من الاعتداء على الحي، لأن الميت لايجد من يدافع عنه، بينما الحي يدافع عن نفسه. ويضيف قائلا، لايحق لأيّ كان، أن يستغلّ الحجارة الموجودة في المقبرة، لغرض من الأغراض، لأنها ملك الميت، ولا يحق لأيّ كان، أن يعتدي على حرمة الميت وأملاكه، ولو كانت حجارة.

وقال فقهاؤنا، لاتُقلّمُ أظافر الميت، ولا تُنزعُ منه شعرة واحدة، لأنها ملك الميت، لايحق للأحياء التصرّف فيها.

وجاء في كتاب: "موسوعة أشهر النساء في التاريخ العربي، منذ فجر الإسلام حتى عصر المماليك"، للأستاذ: عبد الحميد ديوان، أن أحد رجالات عرب الجاهلية، كان يشتري كل رضيعة، يريد أباها أن يئدها، ثم يقوم بتربيتهن، وحمايتهن، وتزويجهن، دون مقابل، فحفظ التاريخ فضله، فذكره ضمن  رجالات التاريخ.

وخلال هذا الأسبوع، وصلت البريد رسالة يقول فيها صاحبها: "في مصر الفرعونية كان الأسبوع يتألف من 10 أيام.في مصر الفرعونية، كانت جثث نساء النبلاء تُتركُ لبضعة أيام قبل أن تبدأ إجراءات تحنيطها، وكان الهدف من وراء ذلك هو السماح للجثة كي تفقد رونقها ونضارتها حتى لا تبدو مثيرة في نظر المحنطين ".

وحين حُكم الصحفي الأمريكي، لأنه أظهر نعوش الجنود الأمريكيين القادمين من أفغانستان، دافع عن نفسه قائلا، كنت أهدف إلى إظهار حب الدولة لجنودها، من خلال المراسيم العسكرية التي تقام للجنود الذين لقوا حتفهم، والأدب والاحترام الذي يتبع عملية نقلهم إلى الطائرة، ووضعهم فيها، وهم يلفون بالعلم الأمريكي.

ولك أن تقارن، بين هذه الصورة التي حُكم صاحبها، وبين ذلك العربي الذي نقل ميتا عربيا، عبر حاملة البضائع، دون مراعاة حرمة الميت، ومشاعر الأحياء.

إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام لجنازة يهودي، وأمر بدفن من قاتلوه، وقتلوا أصحابه، بعد كل معركة.

إن إقامة حكم الإعدام،http://www.albayan.ae/videos/2013-04-03-1.1854823، عبر تناول المشروبات، والعصائر بأنواعها، إهانة للحي قبل الميت، وانتهاك لحرمة الحياة، والممات، والقصاص معا، لأن القصاص حياة، والحياة تستقبل وتودّع بأدب، وخشوع، واحترام.