العبارة .. في حلب

عبد الله زنجير /سوريا

[email protected]

حي ( ا ل ع ب ا ر ة ) رمز لوداعة حلب و لحبرها الجوري الذي لا ينفد ، هو يتوسط كل المدينة وسطية و صندوق عجائب و ذكريات .. تجاري سكني سياحي سياسي ، يمثل نبض الحياة و حيويتها . منه تعبر لأنحاء الشهباء في اتجاهاتها الأربعة : العزيزية و قويق شمالا ، و بستان الكلاب و الكتاب جنوبا ، و المنشية و التلل شرقا ، و شارع بارون و ساحة سعد الله الجابري غربا . ضريح الفيلسوف السهروردي من ناحية ، و سينما أوغاريت من ناحية !! مبنى الأوقاف و مقر حزب البعث و من تحته محل الشهيدين الشريكين الرائعين ، عبد العليم صباغ و د . نذير زرنجي ، لبيع الألبان و أجبان الحلوم 

جامع العبارة بمنارته المربعة الأنيقة ، صممه المهندس مصطفى اليازجي و افتتح سنة 1965 م ، مؤذنه الأول فنان الإنشاد صبري مدلل - كان إمامه جارنا في سيف الدولة من فلسطين شديد السمار ، توفي كهلا و شاهدت جنازته و بقيت بعدها سنوات أتوهمها ليلا ، رحمه الله - و على بعد خطوات الكنيسة العتيقة الرابضة بتخومه تسمع أجراسها ممتزجة بنسيج التسامح و الإلفة العميقة ، و على زاويتها وكيل ( أكاي ) الذي اشتريت منه نسخ الكاسيت لتسجيل أشرطة أبي الجود ، مرات كثيرة . و على امتداد جادة الخندق محلات السمان و الصباغ ، و أروع مذاق للشيكولاتة و جوز الهند

كل شيء يوحي بالعبور و التنوع و التألق ، لكن الفراق ضيف اللقاء ، فالعبارة صغيرة و هادئة و شاهدة عيان ، عماراتها الوقفية مثار التباس و ارتياب مالي منذ إدارة د . صهيب الشامي ، و بعض مصالحها الصناعية صودرت بحجة أن أصحابها من ( عصابة ) الإخوان المسلمين !! مكتب جبهة التحرير الأرترية أغلق أبوابه و فرع البعث - القائد للدولة و المجتمع - ذهب لمنطقة أخرى و لم يعد ، و جريدة الجماهير بلا جماهير 

القنص و القصف و القتل المجاني و الدماء التي تسقي أرصفتها و أشجارها ، ديدن يوميات العبارة .. و حتى يحصل العبور و التغيير