في منزل رئيس

يسري الغول*

[email protected]

ذات مساء باريسي ماطر من العام المنصرم، استقبلنا وزير الاقتصاد الفرنسي الأسبق (جاكوب جدفرين) في منزل الرئيس الراحل تشارل ديجول وفي وجهه ابتسامة كبيرة، وقد كنا نشكل يومها وفداً مكوناً من بضع أشخاص من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ولج بنا مكتبة الأخير، وقد كان يتحدث أثناء تنقيبنا في الوجوه والأمكنة عن فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، وكيف تعافت من الضربات، ووصلت إلى ما هي عليه اليوم، حتى وصلنا غرفة الرئيس ديجول المتواضعة، وشاهدنا عالم ذلك الرجل الذي خاض حروباً من أجل بلاده وغزا واستعمر أيضاً. 

كان الوزير سعيداً بوجود وفد عربي شاب يبحث ويسأل ويلاحظ ويهتم، لدرجة أن وصل الأمر بالوزير أن يقودنا نحو مخبأ سري للرئيس الراحل ديجول، وكأنه ما يزال يعيش الحرب ويقود الثائرين إلى مخابئهم، فتبعناه بصمت، وولجنا كأن على رؤوسنا الطير، ثم وقفنا ننظر في ذلك السرداب/الممر، وبين أيدينا أوراق سرية ومراسلات ووثائق، نتدثر الرائحة القديمة مع المعلومات التي تزكم أنوفنا، نستمع إلى إنجليزيته المفرنسة. 

تلك الزيارة كانت من أجمل الزيارات التي امتن الله بها عليّ، لأنني شعرت بكينونتي كإنسان له شخصيته وقيمته، بخلاف حالة اللامبالاة الموجودة في بلادنا العربية والتي يتعمد البعض إظهارها كسبيل لدفعنا إلى الركون والانزواء وصولاً إلى الاندثار، وأنّا لهم ذلك.

ولعل الرسالة هنا واضحة لأقراني، الذين بدأ يلمع نجم كثير منهم في الحقبة الأخيرة من خلال إنجازاتهم وتجاربهم في شتى المجالات والقطاعات، والتي كان للإعلام الجديد دور مهم في تعزيزها وبروزها وخروجها من القمقم، وهو ما يبشر بخير؛ فنحن نسير بالاتجاه الصحيح، عكس ما يروج له آخرون. ونحن هنا لا نتحدث عن تهاويم أو أضغاث أحلام، بل عن حقائق ملموسة، يكتشفها المتابع للمشهد الفلسطيني الفتي والشاب، إلا أن ذلك، لا يعني بالضرورة أنه لا يوجد بعض حالات التشرذم، والتي بحاجة إلى وقفة من الجهات المسئولة كي تقوم بدورها في ضبط هؤلاء الشبان والنهوض بهم وتقويمهم، علماً بأن حالة التحفيز والمنافسة الشبابية القائمة، تساعد بشكل كبير في إذكاء روح النشاط والحماسة للعودة إلى المربع الأول، وهو النصرة بالشباب.

صديقي، لك ولدورك المسئول كل الاحترام والتقدير، فالمجتمع لن ينسى بأنك من تذود عن الوطن وتدافع عنه بمالك ودمك، ولن ينسى بأن نشطاء الإعلام الجديد هم من يقدحون في البروبوجندا الإسرائيلية، ويشيدون النصرة لفلسطين في كل الربوع. شكرا لك بكل نجمة في السماء.

               

*عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين