ما يسمّى عيد الشّجرة

صالح محمّد جرّار/جنين فلسطين

[email protected]

ما الأعياد إلاّ وقفات للفكر ، والذّكر ، والعبر . يحصي الإنسان منّا على نفسه ما فات ، ويستجمع قواه لملاقاة ما هو آتٍ .

وكم من أعياد تمرّ بنا تترى ، ونحن لاهون ،ثمّ تعود ،وفي عودتها نداء استنهاض ،ولكن ما من ناهض ، ولا من مجيب !

لقد أسمعت لو ناديت حيّاً ولكن لا حياة لمن تنادي !

فيا ليت شعري ،متى ينتبه أولئك الغافلون من غفلتهم ؟ ومتى تنكشف لهم مزايا الأعياد ومغزاها ؟ ولعلّهم حين تستفيق ضمائرهم، وتثوب إلى المعرفة نفوسهم ، يرون كيف أضلّتهم الزّخارف ،واستهوتهم البهارج والأباطيل ، فتشبّثوا بالقشور دون اللباب ،وتمسّكوا بالتّافه ، ولفظوا المهمّ لفظَ النّواة !

تطرق أبوابهم الأعياد ، فيهشّون لها ، ويفرحون ، ويقيمون الزّخارف والزّينات ، ويمشون في المواكب ، حافلين بالأعياد ، وهم أبعد ما يكونون عن معنى تلك الأعياد !

ومنذ أيّام خلت ،حلّ بنا ما يسمّى ( عيد غرس الأشجار)

فهل اتّخذنا لهذا العيد أهبته ؟ وهل احتفينا به وأكرمنا وفادته ؟

أم أننا حسبنا أنّ هذا الواجب ،هو فرض كفاية ، إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقي ؟

أم أننا أسأنا فهم معنى هذا العيد ، فحسبناه أن يذهب رئيسنا في موكب حافل إلى بقعة ما فيغرس بيديه الكريمتين شجرة مباركة على أنغام الموسيقا ، وألحان الهتاف والتّصفيق ، ثمّ يعود الموكب من حيث أتى ، وتبقى تلك الشّجرة وحيدة فريدة ، تشكو خلوتها ، وتخشى وحشتها ، ولا تجد يداً أخرى كريمة ، كاليد الأولى ، تغرس بجانبها رفيقات يؤنسنها في وحدتها ،ثمّ تؤلّف منها جميعاً روضاً ناضراً مثمراً ،تجري من تحته الأنهار وملء رباه أوراق ووُرق ، ثمّ تمتدّ أطراف ذلك الرّوض، وتتسع حتّى تكلّل البلاد من أقصاها إلى أقصاها، فتكتسي حلّة من سندس وإستبرق ،وتتبرّج الأرض وتتقدّم بإجلال وإكبار لتلثم تلك الأيادي العاملة الكريمة الّتي عملت بجدّ واجتهاد ، صيفاً وشتاءً ، فزرعت القفار ، وبعثت عروق الحياة في البلاد .

فهل لنا أن نفهم الأعياد على حقيقتها ، ونشحذ الهمم ، ونعمل صامتين في كلّ الميادين ، وخاصّة الميدان الزّراعي الّذي فيه حياتنا وقوت أجسامنا ؟