الخوارج تاريخ وعقيدة 20

محمد فاروق الإمام

الخوارج تاريخ وعقيدة

الحلقة (20)

النجدات والصفرية

محمد فاروق الإمام

[email protected]

كان خروج نجدة بن عامر الحنفي الذي تنسب إليه هذه الفرقة في اليمامة مع أتباعه يريد اللحاق بنافع بن الأزرق، فاستقبله أبو فديك، وعطية بن الأسود الحنفي وجماعة من أتباعهما، وقد فارقا ابن الأزرق وأطلعاه على ما أحدث ابن الأزرق من خلاف بتكفيره القعدة عنه، وغير ذلك مما ابتدع. وبعد مداولات اتفق الجميع على مبايعة "نجدة" فبايعوه، ولقبوه بأمير المؤمنين، وكفروا من يقول بإمامة ابن الأزرق، ولم يلبثوا أن اختلفوا على نجدة في أمور نقموها عليه فانقسم النجدات إلى ثلاث فرق:

فرقة صارت مع عطية بن الأسود الحنفي إبى سجستان وتبعهم خوارجها، وسمي خوارج سجستان باسم "عطوية".

وفرقة صارت مع أبي فديك حرباً على نجدة، وهم الذين قتلوا نجدة.

وفرقة عذروا نجدة في أحداثه التي أتاها وأبقوا على إمامته.

ومن اعتقادات النجدات قولهم: إن الدين أمران، أحدهما معرفة الله تعالى، ومعرفة رسله، وتحريم دماء المسلمين، وتحريم غصب أموال المسلمين، والإقرار بما جاء من عند الله تعالى جملة، فهذا واجب معرفته على كل مكلف. وما سواه فالناس معذورون بجهالته حتى يقيم عليه الحجة في الحلال والحرام، فمن استحل باجتهاده شيئا محرما فهو معذور، ومن خاف العذاب على المجتهد المخطئ، قبل قيام الحجة عليه فهو كافر.

ومن بدع نجدة أنه تولى أصحاب الحدود من موافقيه، وقال: لعل الله يعذبهم بذنوبهم في غير نار جهنم ثم يدخلهم الجنة، وزعم أن النار يدخلها من خالفه في دينه.

كما أجمعت النجدات على أنه لا حاجة للناس إلى إمام قط، وإنما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم. فإذا رأوا أن ذلك لا يتم إلا بإمام يحملهم فأقاموه.

ومن ضلالات "نجدة" أيضا أنه أسقط حد الخمر، وأن من نظر نظرة صغيرة، أو كذب كذبة صغيرة وأصر عليها فهو مشرك، ومن زنى، وسرق، وشرب الخمر غير مصر عليه فهو مسلم، إذا كان من موافقيه على دينه.

4-البيهسية:

 أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر، وعامة هذه الفرقة تقول: إن العلم والإقرار والعمل كله إيمان، وذهب قوم منهم إلى أنه لا يحرم سوى ما ورد في قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعمِ يطعمه). وما سوى ذلك فكله حلال.

وقالت البيهسية: إن واقع الرجل حراماً لم يحكم بكفره حتى يرفع أمره إلى الإمام الوالي ويحده، وما ليس فيه حد فهو مغفور.

وقالت أيضا: إن الإمام إذا كفر كفرت الرعية، الغائب منهم، والشاهد.

وقال بعضهم: إن السكر إذا كان من شراب حلال فلا يؤخذ صاحبه بما قال فيه وفعل.

5-العجاردة:

أصحاب عبد الكريم بن عجرد. وافق النجدات في بدعهم، وادعى أنه تجب البراءة من الطفل حتى يدعى إلى الإسلام، ويجب دعاؤه إذا بلغ، وأطفال المشركين في النار مع آبائهم. ولا يرى المال فيئاً حتى يقتل صاحبه. وهم يتولون القعدة إذا عرفوهم بالديانة. ويرون الهجرة فضيلة لا فريضة، ويكفرون بالكبائر.

ويحكى عن العجاردة أنهم ينكرون سورة يوسف من القرآن. ويزعمون أنها قصة من القصص، ولا يجوز أن تكون قصة الفسق من القرآن.

كما أن العجاردة يجيزون نكاح بنات البنين، وبنات البنات، وبنات بنات الأخوة، وبنات بني الإخوة.

والعجاردة لا يرون استباحة الأموال، ولا يباح مال مخالف إلا إذا قتل ولا يقتل من لا يقاتل.

وكان العجاردة أصحاب جدل فيما بين أمرائهم وعلمائهم، وكان الجدل فيما بينهم، كثيرا ما ينتهي إلى انقسامات وفرقة وولادة العديد من الفرق الصغيرة.

6-الثعالبة:

أصحاب ثعلبة بن عامر. كان مع عبد الكريم بن عجرد يداً واحدة إلى أن اختلفا في أمر الأطفال. فقال ثعلبة: أنا على ولايتهم صغارا وكبارا حتى نرى منهم إنكاراً للحق ورضا بالجور. فتبرأت العجاردة من الثعالبة.

وكان الثعالبة يرون أخذ الزكاة من عبيدهم إذا استغنوا، وإعطاءهم منها إذا افتقروا.

الصفرية

أصحاب زياد بن الأصفر. خالفوا الأزارقة والنجدات والإباضية في أمور أهمها:

كفروا القعدة عن القتال إذا كانوا من موافقيهم في الدين والاعتقاد.

لم يسقطوا حد الرجم.

3-لم يحكموا بقتل أطفال المشركين وتكفيرهم وتخليدهم في النار.

4-قالوا: إن التقية جائزة في القول دون العمل.

5-جوزوا تزويج المسلمات من كفار قومهم في دار التقية دون دار العلانية.     

وقال الصفرية: الشرك شركان، شرك هو طاعة الشيطان، وشرك هو عبادة الأوثان. والكفر كفران، كفر بإنكار النعمة، وكفر بإنكار الربوبية. والبراء براءتان، براءة من أهل الحدود (سنة)، وبراءة من أهل الجحود (فريضة).

ويقولون بوجوب قتل كل من أمكن قتله من مؤمن عندهم أو كافر. وكانوا يؤلون الحق بالباطل، وإن كان صاحب كبيرة فيها حد فإنه لا يكفر، حتى يرفع إلى الإمام فإذا أقام عليه الحد حينئذ يكفر.

وقالوا: من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بلسانه ولم يعتقد ذلك بقلبه، بل اعتقد الكفر أو الدهرية، أو اليهودية أو النصرانية، فهو مسلم عند الله، مؤمن، ولا يضره إذا قال الحق بلسانه ما اعتقد بقلبه.