حول التطورات السياسية الأخيرة في الساحة السورية

تقرير سياسي

حول التطورات السياسية الأخيرة في الساحة السورية

عرفت الثورة السورية في الأشهر الأخيرة تطورات متعددة، كما شهدت الأوضاع المحيطة والدولية بعض المتغيرات التي تدعونا لرصدها، وأهمها :

1 ـ تراجع الحراك السلمي المدني، مقابل انتشار العمل المسلح، وإحرازه تقدمات مهمة في الميدان، و بروز القوى السلفية بقوة، وبعض ردود الأفعال، وظاهرة الكتائب الخاصة التابعة للقوى والأحزاب وراس المال المحلي والإقليمي.

2 ـ استخدام نظام الطغمة مختلف وسائل العنف والإبادة دون تمكنه من إحراز النصر الذي يأمله، بينما ملامح تراجعه وانهياراته واضحة.

3 ـ رفض الطغمة لجميع المبادرات السياسية، وإصراره على سياسة القتل والمجازر والأرض المحروقة ، مع استمرار تماسك بنيته الرئيسة دون وقوع انشقاقات أو انسلاخات كبيرة.

4 ـ تصعيد التوترات المذهبية ومحاولة الدفع بها نحو الحرب الطائفية.

5 ـ قيام الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ووقفة تقويمية.

6 ـ النجاح في توحيد عدد من المجالس العسكرية وتشكيل قيادة أركان موحدة.

وعلى الصعيد الإقليمي والعالمي يمكننا رصد المتغيرات التالية :

1 ـ تصاعد الدور الخليجي عموماً، والقطري والسعودي بوجه خاص في المسألة السورية ، وكذا الأمر فيما يخص الجانب التركي، مقابل استمرار دعم النظام الإيراني للطغمة الحاكمة.

2 ـ تطورات ملحوظة في الموقف الأوربي باتجاه دعم الائتلاف والاعتراف به ـ مؤتمر أصدقاء سورية في المغرب ـ وحركة أمريكية روسية نحو صياغة تسوية تتساوق مع مقررات جنيف 1، باتجاه جنيف 2، وبالتناغم مع المبادرة الأممية والعربية التي يعمل على ترجمتها الأخضر الإبراهيمي، في وقت تكثر فيه المبادرات والمشاريع والاتصالات والمحاولات لإيجاد صيغة ما للحالة السورية .

                                         ****       

وإذا ما أردنا باختصار التعريج على تلك النقاط وتحديد رؤيتنا وموقفنا، نلاحظ أنه وعلى قاعدة الضرورة لحماية النفس والحياة والممتلكات.. عرفت الثورة منذ أشهر تطوراً ساحقاً باتجاه العمل المسلح وغلبته على كافة المظاهر الأخرى، وتراجع دور الحراك السلمي المدني والعادي مقابل ترجيح الخيار المسلح وتعميمه في عموم مدن ومناطق الثورة .

لا شكّ أن هذا التطور ـ الممر الذي بدا إجبارياً ـ عرف الكثير من الاختلاطات والتداخلات، حيث انتقل البحث عن السلاح الفردي بوسائل ذاتية إلى وجود قنوات وجهات سورية وعربية ودولية متعددة دخلت على الخط وفق حسابات وأجندات خاصة لتأسيس كتائب، أو ألوية مستقلة بها تتبع لها، وإن استخدمت الأغلبية يافطة الجيش الحر غطاء، وهو التشكيل الذي لم يستطع أن يكون المظلة والإطار الجامع، ولا القائد الفعلي والميداني، فعرفت معظم الكتائب والألوية والتشكيلات استقلالية خاصة بها، بغض النظر عن مستوى التعاون والتنسيق فيما بينها، والتنافس والخلاف والتسابق على احتلال المواقع وكسب المؤيدين أيضاً . وظهرت عبر ذلك قوى جهادية وسلفية، وجيوبا للقاعدة تطرح خطاباً متشدداً، مغايراً لجوهر الثورة في الحرية والدولة المدنية، ويمارس بعضها في الميدان، أو عبر التصريحات سياسة ردّ الفعل العنيف التي تسهم في تأجيج الصراع الطائفي، ومنطق الثأر والاستئصال، بينما ما زالت عديد القوى المسلحة متمسكة بأهداف الثورة ومطالبها التي تتجاوز إسقاط النظام بالكامل إلى التمسك بالدولة المدنية الديمقراطية التعددية ، ومبدأ المساواة بين المواطنية .

ـ إن وحدة المجالس العسكرية، وإن لم تكن شاملة لجميع القوى العسكرية، وإن تمّت بتدخل مباشر من الدول العربية، خاصة قطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، وتركياً أيضاً، وبغياب الائتلاف الوطني الذي يُفترض أن يكون المسؤول المباشر عن العمل العسكري وضبطه، وتنظيمه وتوحيده، ووضعه في موقعه تأسيساً لجيش وطني سوري يبتعد عن السياسة والتحزب، ويكون دوره الأساس حماية حدود البلاد وتحرير المحتل من أرضها.. فإن تلك الخطوة يجب النظر إليها بإيجابية باعتبارها تصب في تحقيق الهدف الحيوي : وحدة العمل المسلح ، الضمانة اللازمة لحاضر ومستقبل ووحدة بلادنا .

ـ على صعيد النظام، ورغم تعدد المبادرات التي طرحت عليه، والمتدرجة من الحد الأدنى إلى فكرة رحيله، أو تحديد صلاحياته، فقد رفضها جميعاً لأنه في جوهر تكوينه ونهجه لا يملك من خيارات سوى استخدام القوة، والقوة المفرطة التي تصل حدّ القتل الجماعي، والدمار الشامل، واستخدام كافة أنواع الأسلحة التي بحوزته من طيران ومدفعية ودبابات وصواريخ وبراميل، ومجازر جماعية، ثم احتمالات استعمال الأسلحة الكيماوية ولو بنطاق محدود، يترافق ذلك مع الدفع بتصعيد وتوتير الصراع المذهبي، والتركيز على ما يعتبره مؤامرة على البلد وعلى نظامه.. والإيغال في هذا المجال بخبث مدروس .

إنّ رهان الطغمة، كان وما يزال، بشكل رئيس، على وأد الثورة والقضاء عليها، وإلا إحراق البلد وإشعال الحرب الأهلية، ولا مانع من استقدام التدخل الخارجي بأصنافه المتعددة : استقدام قوات من حلفائها الإيرانيين وحزب الله، والدفع بالمجتمع الدولي للتدخل كي يثبت دعاويه بأنها تحارب المؤامرة.. لذلك لن تقبل بشتى العروض السياسية إلا ـ ربما ـ في الرمق الأخير، الذي تقترب منه، والذي تحاول اليوم المقايضة فيه كما تشير بعض الأنباء المتسربة .

ـ على هذا الصعيد أيضاً، فإن موقفنا من المبادرات السياسية كان يقضي بالقبول المبدئي بها، وإمكانية التعاطي معها حفاظاً على دماء الشعب، وتجنيباً لبلادنا ويلات جديدة من الدمار ومخاطر التدويل الشامل والتدخل الخارجي، والحرب الطائفية، لذلك أعلنا دوما ـ ككتلة وطنية ديمقراطية ـ ترحيبنا بالمبادرات العربية وغيرها، لكن هذا الترحيب لا يمكن أن يكون في الهواء، وبلا أسس، إنه مرتبط بالشروط التي نصّت عليها وثائق القاهرة للمعارضة السورية التي أسهمنا في لجنتها التحضيرية وفي فعاليات ذلك المؤتمر، والقاضية برفض الحوار والتفاوض والقبول بأي مبادرة إلا بعد تنحية رأس النظام ورموزه، وتحويل المتورطين بالقتل للمحاكم، وهو الموقف الذي تُجمع عليه معظم أطراف المعارضة، والذي لا نعتقد أن جهة معارضة ما يمكن أن تتجرأ وتقبل في العلن أية مبادرة تُبقي على رأس النظام ولو بصلاحيات محدودة، أو بنقل صلاحياته لنائب الرئيس، وبقائه في منصبه حتى العام 2014. وعلى ذلك فإن موقفنا مما يقال عن اتفاق روسي ـ أمريكي، أو مبادرة روسية تركية، أو غيرهما، يستند إلى تلك الثوابت، ويتضافر مع الموقف العام لقوى المعارضة والائتلاف الذي نشارك فيه رسمياً باسم الكتلة .

                                           *******

إن اللعب بالأوراق الطائفية وتصديرها، ومواقف بعض الأطراف الغربية وتقاريرها التي تتحدث عن حرب أهلية، أو طائفية، تدعونا للتوقف عند هذه المسألة الهامة والحساسة ..

لقد عمد النظام الفئوي منذ البداية على تنصيب نفسه ممثلاً للمكونات الدينية والمذهبية، وحاميها، وللطائفة العلوية بشكل خاص، ونجح إلى قدر ملموس في تصدير الخوف من آخر مذهبي، وفي تكتيل أجزاء مهمة من تلك المكونات معه، أو تحييدها، مستثمراً كل تصريح أو تصرف محسوب على الثورة يتخذ المذهبية منطقاً، أو يمارس ردّ فعل ذو صبغة مذهبية، بينما برزت من قبل قطعانه المعبأة ممارسات وموبقات تدل على مستوى التعبئات الحاقدة، وممارسة كل أنواع الجريمة والاغتصاب والتمثيل، والتعذيب، وحتى ما يشبه التطهير لبعض المناطق المختلطة، أو على التماس مع أبناء مذاهب أخرى..

وفي وقت ضعفت فيه فعالية القوى الوطنية التقليدية في حشد الشارع وتوعيته، ونزلت ضربات مهمة بالشباب المتقدم الذي فجر الثورة وقادها : اغتيالاً وتصفيات واعتقالات، وبروز قوى جهادية وسلفية يمارس بعضها علانية فعلاً مذهبياً، ويدعو قسم منها إلى إمارة إسلامية، وعمليات انتقام، وتطهير..تصاعدت وتيرة التعبئات المذهبية، ودخلت على خطها قوى وأطراف إقليمية وخارجية تصبّ الزيت فيها، وتحاول تصوير الصراع على أنه طائفي، وعلى أن ما يجري قتال بين السنة والشيعة.. وأن البلاد مهددة بالحرب الأهلية.. القائمة فعلاً، كما جاء ذلك في بعض التقارير الدولية ..

ـ إن الثورة السورية هي ثورة شعبية بامتياز، وهي ثورة الحرية والكرامة لأجل سورية القادمة لكل السوريين، وليست خاصة بفئة، أو طائفة، أو جهة، كما أوضحت في خطاباتها وشعاراتها ، وإن الوحدة الوطنية، ووحدة البلاد الجغرافية والسياسية تمثل روحها وديدنها، وذلك بغض النظر عن بعض التصريحات، والأفعال المدانة، أو نمو الاتجاهات السلفية ودورها القتالي. والحقيقة أن تأصيل الثورة، والحفاظ على ثوابتها في هذا المجال، وتحطيم مخططات النظام وغيره من القوى الإقليمية والخارجية للدفع نحو الحرب الطائفية، وحرف الثورة، أو تشويهها إنّما يحتاج جهداً منظماُ من جميع القوى الوطنية والديمقراطية والإسلامية الرافضة للانجرار إلى هذه الهاوية، وترتب على الجميع مسؤوليات متشعبة وفق خطة عمل ممنهجة لمعالجة جذور هذه الظواهر وتجلياتها الخطيرة، والتمسك بالوحدة الوطنية حجر رحى الثورة ومستقبل بلادنا ونظامها الوطني الديمقراطي .

                                          ******

وعلى قاعدة تعثر المجلس الوطني في القيام بمسؤولياته المأمولة.. 

تحرك الأخ رياض سيف، إلى جانب بعض الأخوة بحثاً عن صيغة مختصرة، جامعة للمعارضة تلقفتها جهات عربية وأخرى دولية، بينما كثر الكلام عن موقع تلك المبادرة من التدخلات العربية والخارجية، فكان اجتماع الدوحة الذي أثمر بولادة الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة برعاية قطرية واضحة، وكانت لنا مشاركة واضحة فيه عبر ممثل للكتلة .

ـ يجب التأكيد، وبغض النظر عن كل الذي يقال، وعن رغبة عديد الدول والأطراف العربية والدولية في احتواء القرار السوري، وممارسة الضغط للتدجين والتكييف.. فإنّ الوطنية السورية البارزة في عديد أطراف الإئتلاف ترفض ذلك جملة وتفصيلاً، وهي وإن كانت تدعو إلى مزيد العلاقات مع الأشقاء العرب، ومع الدول الصديقة للشعب السوري، ووعي حاجة الثورة إلى ذلك الدعم متعدد الوجوه، فإن التمسك بوحدة واستقلال بلادنا، وصون قرارها الوطني هو البوصلة والثابت والخط الأحمر بالنسبة لنا، والذي لا يمكن القبول بخلافه : تفريطاً، أو انزلاقا، أو تساهلاً، وسيكون لنا موقفنا الواضح إذا ما خرج الائتلاف عن خط الثوابت

لقد استقبل الائتلاف بترحاب كبير من الشعب السوري، ومن عديد الأطراف العربية والدولية، لكن إشكالات واضحة يعاني منها، يمكن تفريعها باتجاهين :

1 ـ ما يخص بنية وتشكيل الائتلاف، وهيئاته، وأثر أمراض المجلس الوطني والمعارضة فيه وعليه، وموقع التدخلات العربية والخارجية منه .

لقد طالبنا منذ البداية بتفعيل الائتلاف ومأسسته كمقياس للخروج من أزمة المجلس، والابتعاد عن منطق الاستئثار بالقرار، والمحاصصة السياسية أو المذهبية وغيرها، والشروع في تفعيله عبر تشكيل المكاتب واللجان المختصة، والمشاركة في القرار السياسي وغيره، وتوحيد العمل المسلح، وتشكيل حكومة مؤقتة.

لكن، ونقول بصراحة، ان الائتلاف يعاني ظواهر سلبية نخشى أن تشله وتحوله إلى هيكل فارغ، إن كان في مجال المأسسة، أو الخروج من عنق المحاصصات والتكتلات والحسابات الحزبوية الضيقة، أو في إيجاد المكاتب واللجان وتفعيله بإشراك جميع الأعضاء في العمل، كل ومقدراته واستعداداته، بينما لم ينجح، بسبب تلك الوضعية، في تشكيل الهيئة السياسية، وميّع، بطريقة ما، تشكيل قيادة عسكرية تشرف على العمل العسكري وتسعى لتوحيده بإشرافه، وكذا المطمطمة في تشكيل الحكومة عبر تسمية رئيسها، وعدم التواصل الفعال بين أغلبية الأعضاء، وحصر الأنشطة والقرارات بهيئة الرئاسة .

ـ في الجانب الآخر، فمما لا شك فيه أن عديد الأطراف المعروفة تحاول التأثير على مسار وقرارات الائتلاف، واحتواء قراراته..وهو ما يظهر في بعض المؤشرات، وبما يقتضي توحيد المواقف داخله حول القرار الوطني المستقل، والتحرك ككتلة واحدة في مواجهة جميع الأطراف العربية والدولية، ووعي موقع وأهمية بلدنا سورية، والتعامل مع الآخرين وفق ذلك، وبالتناغم بين حاجاتنا للدعم العربي والدولي وبين مصالح شعبنا .

على الصعيد العربي والدولي :

يجب تسجيل بعض التطورات، وإن كانت وئيدة، وغير واضحة تماماً في الموقفين الروسي والأمريكي، بينما يمكن رصد التطور الكبير في عدد " أصدقاء الشعب السوري" الذين حضروا في مراكش، وإعلان اعترافهم بالإئتلاف ممثلاً شرعيا وحيداً، وإن كان مثل هذا الاعتراف يجب أن تستتبعه خطوات عملية كي لا يبقى مجرد موقف إعلامي، وأساس ذلك طرد سفراء النظام وقبول تمثيل دبلوماسي للائتلاف، وبناء علاقات على هذا الأساس، بما فيها مسألة الحقوق والأموال السورية المصادرة لحساب النظام أو أشخاص فيه، وتقديم الدعم المطلوب في جميع المجالات .

ـ ونلاحظ تطوراً نسبياً في الموقف الروسي أملته تطورات الثورة على الأرض وفرضها أمراً واقعاً لا يمكن لأية قوة إلا أن تعترف به، وتتعامل على ضوئه

ـ لقد مثل الدعم الروسي أحد الأسباب المهمة لاستمرار النظام وتغطيته سياسياً، ومنع الأمم المتحدة من اتخاذ قرارات قوية ضده وفق المادة السابعة. وهما قيل في خلفيات الموقف الروسي، وحدود الدعم، ومحتواه، وقابلياته للمقايضة، فإن روسيا دولة كبرى لا يمكن لنا شطبها أو اعتبارها عدوة، وفق ما تدعو إليه بعض الجهات السورية السياسية، أو الشبابية.

ـ إنّ وضوح الموقف مع روسيا، وإدانة استمرار دعمهم لنظام ملفوظ من شعبه، وآيل للسقوط حتماً، وحجم الألم في نفوس شعبنا جراء الدعم الروسي..يكون مدخلاً لعلاقة طبيعية مع روسيا، بينما لا يمكن التعامل مع مبادراتها إلا وفق الشروط التي تخدم قضية الثورة، والخلاص من النظام المجرم .

ـ أما الموقف الأمريكي الذي اشتهر بالتريث والانتظار، إلى درجة يفتح الشهية لاتهامة بتشجيع ما يجري للدولة السورية من تحطيم لبنيانها وأسسها، وللشعب السوري من إبادة وتصعيد مذهبي، وأثر البصمة الصهيونية في تلك السياسة. فمن الواضح أن محادثات روسية أمريكية تجري منذ مدة تمثل بلادنا أحد موضوعاتها، فيما يحكى اليوم عن مبادرة مشتركة لنقل السلطة سلميا، وتدريجياً، بينما يكثر الكلام عن مفاوضات وأثمان في مسائل الدرع الصاروخي وتوزيع مناطق النفوذ، وحقول الغاز والنفط في بحر قزوين. وغيرها من أمور يخشى البعض أن تكون بلدنا جزءا من تلك المقايضة، وعلى حساب الثورة، وتضحيات شعبنا، ومستقبلها الديمقراطي، واستقلاليتها، ووحدتها .

                                          ***

أيها الأخوة..

الثورة السورية، ورغم الأخطاء والمخاطر المحدقة بها، ورغم التشابكات في تركيبها، وظهور اتجاهات لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالدولة المدنية، ورغم بروز بعض التعبئات المذهبية على سطحها، إلا أنه يجب أن نسجل بفخر واعتزاز منجزاتها العملاقة، وتقدمها ـ وحيدة ـ وبالاعتماد على الذات بشكل رئيس ـ قاطعة بذلك الطريق على تدخل عسكري خارجي سيحمل معه، مهما تكن صوره، عديد المخاطر .

ـ الثورة تتقدم على الأرض لكن بثمن كبير من التضحيات والخسائر في البشر والبنيان والمعاناة.. وهو ثمن إجباري نعتقد أنه سيكون الطريق الرئيس للخلاص وليس الوسائل السياسية والتفاوضية، وهو ما يفتح المصاريع على الاحتمالات التي يجب توقعها، والاستعداد لها، خاصة حول شكل السقوط وتداعياته، والمرحلة الفورية، والانتقالية، والأمن، والفراغ، واحتمالات الفوضى واستخدام السلاح، والفلتان الأمني، وأهمية تلبية احتياجات المواطنية الأساسية، وغيره كثير من مهام تدعونا، إلى جانب فئات شعبنا لمزيد من الرؤى والتعاون والعمل . بينما تبقى التدخلات الدولية وأشكالها وحجومها مسألة يجب حسابها والتنبه لها، والعمل على تجنيب بلادنا التدويل، أو فرض وجود قوات أجنبية على أراضينا، خاصة بأعداد كبيرة، أو بغطاء مختلف عن غطاء الهيئة الأممية، ومهام مثل تلك القوات .

ـ وتبقى وحدة العمل المسلح في إطار موحد، وخضوع الجميع لأهداف الثورة، والانضباط، والالتزام بالمهام التي يجب أن تحددها جهة عسكرية واحدة.. تبقى هدفاً رئيساً يجب العمل له بكل الوسائل المتاحة، ومقاومة الاتجاهات المتطرفة، وتلك التي تخرج عن الاجماع الوطني، وعن القبول بتوحيد السلاح والعمل .

الرحمة لشهداء الثورة السورية و النصر القريب بإذن الله .

الهيئة التنفيذية للكتلة الوطنية الديموقراطية السورية