كل عام والوعد بالنصر يا شام ....

كل عام والوعد بالنصر يا شام ....

عقاب يحيى 

هو رأس العام يطل خجولاً، دامعاً علينا.. معجوناً بالدم، والأسى، والغضب، لكنه، ايضاً، واعد بتحقيق الحلم ... حلم بلد تواق للحرية، كتب أحرفه في طيّات التاريخ منذ الأزل، وكانت الشام فواحة الدنيا.. تعلم البشرية الأحرف الأولى، وتنشر رذاذ التسامح والتحضر على العالم فيستنشق منها هواء مختلفاً بطعم الشام .. شامة الدنيا ..

****

يفرحون منذ أيام، وهذا حقهم شعوب العالم ـ معظمها ـ فهم لم يبتلوا ـ مثلنا ـ بطغمة مجرمة لا تحرّم ولا تحلل سوى اغتيال الكرامة، وحقوق البشر، والحياة، وترفس معاني الحضارة، والمسؤولية بصبابيط الذبح والإفناء .. وهم قبلاً لم تكن لديهم مشكلة فلسطين، ولا صهيونية أخطبوط وضعت وطننا هدفاً استراتيجياً لها.. ولا مشاكلنا المتلتلة.. بما فيها من تخلف، ونهب وفساد وإفساد ..وبالأصل : اغتيال الحريات العامة، وحجم ودور البشر الذي يعامل بأقل من بعوضة.. بينما هناك أنجزوا من زمان ثوراتهم الديمقراطية. وباتت مشكلاتهم ةمختلفة تماماً عنا، ومن نوع آخر : اقتصادي لتحسين الأوضاع والأجور والصحة ووسائل الحياة.. فكيف يفكر المواطن عندنا برأس العام والاحتفاء به والحياة بحد ذاتها مهددة.. ويمكن لصاروخ كنفلت، أو برميل حاقد، أو طائرة مشبعة باللؤم أن تحمل الموت لأي سبب.. حتى لو اختبأ المواطن في بيته، أو راح يشتري رغيف قوته وعياله، أو بحث عن قارورة غاز صار تأمينها أصعب من قلع الضرس أيام زمان....

*****

نعم ايام ونودع القديم.. عام بطوله.. بمآسيه وشهدائه . بالدمار الذي يحيق ببلدنا. بالتحديات والمخاطر التي يواجه.. وما زالت طغمة الإجرام تفتك وتقيم المجازر.. وما زالت أنيابها المشمة تمضغ اللحم الحي من شعبنا، وتتقيأه بعضا من قيحها الصديدي المزمن ..

ـ لكن، ورغم المآسي الكثيرات.. الدم والشهداء والمجازر . الدمار والحصار. التشرد والنزوح واللجوء . اليتم والثكالى والحاجة . الظواهر السلبية التي برزت كالعليق والعلق في جسم الثورة وعلى حوافها وهوامشها.. فهناك شعب يجترح المعجزات، وقد صمم وقرر، وها هو يزرع الأمل انتصارات متتالية، ويزحف أبطاله من الجيش الحر والمقاتلين لتطهير البلاد، ولو بالشبر، من رجس الطغمة، وتركة البغي، والظلم، والفئوية.ـ شعبنا، وبالاعتماد على النفس أساساً، وعلى الإيمان بالله خلفية، وبالحرية نبراساً يحفر طريق الحياة لوطن عزيز ولو بنهر الدم والدموع، ويعلنها تصميماً لا يعرف التراجع ولا الوقوف حتى النصر المؤزر ..

ـ صحيح أنه لا يمكن لنا أن نحتفي برأس العام.. لكننا نحمل أمل الفرح بعام آخر مختلف تزغرد فيه الحرية، وترتفع راياتها.. فتضمّد الجراح، وتمنح وطننا الغالي مكانته الطبيعية، وتعود شامنا فواحة بجوريها وياسمينها .. تنشره في المنطقة والعالم نتاجاً خاصاً، وغبداعاً سورياً بنكهة العمق التاريخي ..

كل عام وشعبنا بخير..

كل عام والأمل كبير، قادم بانتصار الشام ..