نظرية الإمامة لدی الشيعة.. عرض و نقد 7

نظرية الإمامة لدی الشيعة.. عرض و نقد

الحلقة (7)

خالد سندي

آثار الإعتقاد بالإمامة

ترك الإعتقاد بالإمامة آثاراً سيئة في عقيدة فرقة الشيعة الإمامية الإثني عشرية، وخلقت لديها أزمة متعددة الجوانب في الفكر والسلوك، زادت مع الأيام شقة الخلاف بينها وبين العقيدة الإسلامية التي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حتى صار كثير من عقائدها في الطرف النقيض مما هو في الكتاب والسنة، وهذه بعض تلك الآثار:   

1- عدم الإعتراف بالله تعالی وبنبينا محمد (صلی الله عليه وسلم):

ربما يستغرب البعض من هذا العنوان أو يستن?ره أو لا يوافقني عليه. ل?ن أقول لا داعي ل?ل هذا، لا تعجلوا علي، ولا تستعجلوا في إصدار أي ح?م مسبق، سلبا أو إيجابا، لأني لا أت?لم عن فراغ، ولا عن تحامل، بل دأبي ?ما هو في الحلقات السابقة، لا أقول شيئا إلا إستنادا إلی دليل ملموس. والأدلة التي أسوقها ليست من ?تب غير معروفة، ولا هي أقوال لأشخاص غير معروفين في الوسط الشيعي، بل هي أقوال هم يعزونها لأئمتهم، أو هي ل?بار علمائهم المعروفين والمعتدين بأقوالهم، ومن ?تبهم المعتبرة.

وأما بالنسبة إلی الموضوع الذي نحن بصدده، فهو قول لأحد أ?بر علمائهم، في ?تاب له معروف ومتداول، وهو ?تاب ( الأنوار النعمانية)  الذي أعيد طبعه أ?ثر من مرة، والطبعة التي تحت يدي هي لسنة (1429 هـ - 2008 م)، الناشر دار القارئ، دار ال?وفة. وه?ذا يعرف المٶلف تحت عنوان ال?تاب (لمٶلفه العالم العامل وال?امل الباذل صدر الح?ماء ورئيس العلماء السيد نعمة الله الجزائري طاب ثراه وجعل الجنة مثواه، المتوفي سنة 1112 هـ )، أي أنه ليس شخصا عاديا مع هذه الألقاب.

لنأتي الآن إلی ?لام هذا العالم العامل وال?امل.. ؟؟!! لنری معا ماذا يقول في هذا ال?تاب " إنا لا نجتمع معهم - أي مع السنة - على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك أنـهم يقولون: إن ربـهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر. ونحن لا نقول بـهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا (1).

هذا ?لام واضح لا تعقيد فيه، لذلك لا يحتاج إلی تأويل، وهو يت?لم بصيغة الجمع (إنا -أي الشيعة الإثني عشرية- لا نجتمع..)، ، وقد بين بجلاء أنهم لا يٶمنون بالله تعالی الذي نٶمن به، ولا بنبينا محمد (صلی الله عليه وسلم)، ومن ثم يبين سببه بالقول: " وذلك أنـهم يقولون: إن ربـهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر "، لا شك أن هذا ?لام خطير يزيل إيمان صاحبه ?لية ويمحو ?ل آثاره.

ولقد حاولت أن أقف علی رأي علماء الشيعة الإثني عشرية وموقفهم من ذلك الرأي وتلك العقيدة، وخاصة مرجعياتهم المعاصرين، أمثال الخميني والخوئي والسيستاني، لئلا أظلم أحدا، ل?ن لم أقف عليه، ولم أجد أحدهم إعترض علی ذلك ال?لام، أو إستن?ره أو تبرأ منه، ?ما لم أجد أحدهم حذر من قراءة ال?تاب المذ?ور.

ل?ني وفقت الوقوف علی رأي (مر?ز الأبحاث العقائدية) و(شب?ة الشيعة العالمية)، وهما من ?بريات مرا?زهم، وذلك من خلال إجابتهما علی سٶال بعض الشيعة عن قول نعمة الله الجزائري السابق.

وبدلا من أن يتبرأ مر?ز الأبحاث العقائدية من ذلك القول، جاء جوابه موافقا له، وأ?ثر وضوحا، إذ جاء: " الذي يريد قوله الجزائري هو أننا نختلف مع أهل السنة في كل اصول الدين، التوحيد والنبوة والإمامة وحتى المعاد، فكل الإعتقادات التي تندرج تحت هذه العناوين إختلفنا نحن معهم ". وهذا إعتراف واضح وصريح منهم بأن إلههم غير إلهنا وإله العالمين، ونبيهم غير نبينا محمد (صلی الله عليه وسلم).   

ل?ن المر?ز المذ?ور حاول تضليل السائل عن طريق تلفيق الأ?اذيب والإفتراء علی أهل ?تاب الله وسنة رسوله بأنهم يقولون بالتجسيم والتشبيه والجبر.

وهذا ?ذب فاضح بل أن أ?ابرهم، أمثال هشام بن الحكم وهشام بن سالم، ويونس بن عبدالرحمن، هم الذين يقولون بذلك. فقد جاء في أمالي الصدوق عن محمد بن الفرج الرخجي، قال: كتبت الى إبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام ) أسـالـه عـما قال هشام بن الحكم في الجسم، وهشام بن سالم في الصورة، فكتب (عليه السلام): دع عنك حيرة الحيران، واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان " (2).

وروی المجلسي عن عبد الملك بن هشام الخياط قال: قلت لإبي الحسن الرضا عليه السلام أسألك جعلني الله فداك ؟ قال: سل يا جبلي، عما ذا تسألني ؟ فقلت: جعلت فداك زعم هشام بن سالم أن لله عزوجل صورة، وأن آدم خلق على مثال الرب " (3).

وقال هشام بن سالم : إنه تعالى على صورة إنسان، أعلاه مجوف، وأسفله مصمت، وهو نور ساطع يتلألأ، وله حواس خمس ويد رجل وأنف واذن وعين وفم وله وفرة سوداء، وهو نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم (4). هذه هي عقيدة أ?ابرهم.

وأما أهل ?تاب الله وسنة رسوله في مسألة اسماء الله وصفاته، فهم متمس?ون بال?تاب والسنة في ذلك، ولا يعدونهما، وعقيدتهم باختصار هي ?الآتي: إننا نعتقد أن صفات الله تعالى وأسماءه الحسنی توقيفية لا مجال فيها للرأي، لأننا لا نعلم شيئا عن حقيقة ذات الله تعالى. فنحن نثبت لله عزوجل ما أثبته هو لنفسه في القرآن، وما أثبته له الرسول (صلى الله عليه وسلم)، دون تحريف لمعانيها الموجودة في لغة العرب التي نزل بها الوحي، وبلا تشبيه ولا تعطيل، بل نمررها كما جاءت في الكتاب والسنة، دون أن نتعرض لكيفيتها، لأن لا علم لنا بالكيفية ولا قدرة لنا على الوصول إلى معرفتها، ولأن لا سبيل إلى الوصول إلى كيفيات الأمور الغيبية إلا عن طريق كتاب الله وسنة نبيّه (صلى الله عليه وسلم).

وكذلك ننفي عن الله تعالى وننزهه عمّا نفى هو عن نفسه ونزّهه عنها، ونفاه عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونزّهه عنه، إذ يقول الله عزوجل: ﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ سورة طه/110. ومن ثم كلا الوحيين لم يبيّنا لنا كيف هي صفات الله تعالى، لذلك نقول كما قال الله سبحانه وتعالى ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ سورة الشورى/11. وفي كل ذلك نتبع ما جاءنا في الكتاب والسنة، ولا نعدوهما، ولأن الله تعالى أمرنا بمتابعة الرسول فيما آتاه، وأن ننتهي عما نهانا عنه ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ سورة الحشر/7. وكذلك نهانا أن نخوض فيما لا علم لنا به ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ﴾ سورة الإسراء/36. ويضاف إلى ذلك أن الله تعالى لم يأمرنا بنقب كنه صفاته، ولا أتانا به الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومن ثم ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله أن الله عزوجل يسألنا يوم القيامة عن كيفية صفاته، لذا فكل بحث فيها لا طائل تحته، وليس هذا فحسب بل يورد الإنسان موارد الهلاك، لأنه يقول عن الله تعالى ما ليس له به علم. ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4) سورة الحج. وقوله: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) سورة الحج.

وأما عن عقيدة الجبرية لدی الشيعة الإثني عشرية، فسأذ?ر بعض الروايات من  ?تبهم المعتبرة:

منها ما رواه ال?ليني عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين؛ قلوبهم وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و [ جعل ] خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين؛ قلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطينتين، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة ومن ههنا يصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه " (5).

وروی عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار، وقال: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره، قال وسمعته يقول: الطينات ثلاث: طينة الانبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الانبياء هم من صفوتها، هم الاصل ولهم فضلهم والمؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم، وقال: طينة الناصب من حمإ مسنون، وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ولله المشيئة فيهم (6).

وروی عن عبد الله بن كيسان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك أنا مولاك، عبد الله بن كيسان، قال: أما النسب فأعرفه وأما أنت، فلست أعرفك، قال: قلت له: إني ولدت بالجبل ونشأت في أرض فارس وإنني اخالط الناس في التجارات وغير ذلك، فاخالط الرجل، فأرى له حسن السمت وحسن الخلق و [ كثرة ] أمانة، ثم افتشه فأتبينه عن عداوتكم واخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة ثم افتشه فأتبينه عن ولا يتكم، فكيف يكون ذلك؟ فقال لي: أما علمت يا ابن كيسان أن الله عز وجل أخذ طينة من الجنة وطينة من النار، فخلطهما جميعا، ثم نزع هذه من هذه، وهذه من هذه، فما رأيت من اولئك من الامانة وحسن الخلق وحسن السمت فمما مستهم من طينة الجنة وهم يعودون إلى ما خلقوا منه، وما رأيت من هؤلاء من قلة الامانة وسوء الخلق والزعارة، فمما مستهم من طينة النار وهم يعودن إلى ما خلقوا منه (7).

ويروي عن علي بن الحسين ع إن الله بعث جبرئيل إلى الجنة فأتاه بطينة من طينتها وبعث ملك الموت إلى الأرض فجاءه بطينة من طينتها فجمع الطينتين ثم قسمها نصفين فجعلنا من خير القسمين وجعل شيعتنا من طينتنا فما كان من شيعتنا مما يرغب بهم عنه من الأعمال القبيحة فذاك مما خالطهم من الطينة الخبيثة ومصيرها إلى الجنة وما كان في عدونا من بر وصلاة وصوم ومن الأعمال الحسنة فذاك لما خالطهم من طينتنا الطيبة ومصيرهم إلى النار (8).

هذه هي العقيدة الجبرية التي تقول أن لا دخل لعمل الإنسان في دخوله الجنة أو النار، وأن الشيعة يدخلون الجنة وإن إرت?بوا ?ل الفواحش والجرائم، وأن مصير غيرهم إلی النار وإن أدوا ?ل الطاعات والعبادات طوال حياتهم، وهي تخالف القرآن ال?ريم. 

أما أهل ?تاب الله وسنة رسول الله فيقولون ما قال الله تعالی وما قال رسول الله (صلی الله عليه وسلم)، يقول الله تعالی:

" وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿٤١﴾" سورة النجم.

" بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٨١ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٨٢﴾ " سورة البقرة.

" وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " سورة الزخرف/٧٢.

" إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿٣٤ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴿٣٥ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿٣٦ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ﴿٣٧ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ﴿٣٨ أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ﴿٣٩ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ ﴿٤٠ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ﴿٤١﴾ " سورة القلم.

بهذا يتضح أن دخول الجنة والنار مرتبط بعمل الإنسان، وليس بالطينة التي خلق منها. هذه هي عقيدة أهل ?تاب الله وسنة رسول الله، فمن قال غير ذلك فهو علی غير عقيدتهم، وإن إدعی إنتسابه إليهم.

ومن ثم في أية سورة من سور القرآن مذ?ور فيها أن الشيعة مخلوقون من طينة عليين، والناس الآخرين من طينة سجين ؟ وأين قال الله تعالی أنه خلق الإنسان من طينتين ؟ من إين يأتون بهذه الأ?اذيب ؟

وأما (شب?ة الشيعة العالمية) فقد عمد مفتيها هو الآخر إلی تضليل سائلهم عن طريق تأويل ?لام الجزائري وممارسة ال?ذب والإفتراء علی أهل ?تاب الله وسنة رسوله، فقد أول ?لامه بالقول " وأقول: إن كلام السيِّد نعمة الله الجزائري رحمه الله واضح جداً، فإنه يريد بهذا الكلام لازمه، وهو نفي خلافة أبي بكر لا أكثر ولا أقل، فمراده بقوله (إن النبي الذي نصب أبا بكر خليفة لا نعتقد به)، هو أنه لا يوجد نبي هكذا حتى نعتقد به، فالقضية سالبة بانتفاء موضوعها، فإن نبيّنا (ص) لم ينصب أبا بكر خليفة ".

وأقول أنا: ?لنا يعلم أن أبا ب?ر (رضي الله عنه) ?ان خليفة رسول الله (صلی الله عليه وسلم) من بعده، بايعه الصحابة (رضي الله عنهم)، لا أن النبي (صلی الله عليه وسلم) نصبه أو عينه، وهذه مسألة تاريخية لا يم?ن تغييرها أو تجاوزها أو إن?ارها، قبل بخلافته نعمة الله الجزائري وفرقته أم لم يقبلوا.

وإذا ثبت أن خلافته ?انت صحيحة، وهي صحيحة ب?ل تأ?يد، فماذا ت?ون النتيجة ؟ ألا ي?ون نعمة الله الجزائري وفرقته أشد ?فرا من مشر?ي زمن النبي (صلی الله عليه وسلم) ؟ لأن المشر?ين آنذاك ?انوا مٶمنون بالله تعالی أنه الخالق الرازق، إذ يقول الله تعالی للنبي (صلی الله عليه وسلم): " وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ " سورة العن?بوت/٦١.

" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " سورة العن?بوت/٦٣.

" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " سورة لقمان/٢٥.

" وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ " سورة الزخرف/٨٧.

" قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّـهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ " سورة يونس/٣١.

إذن ?انوا يٶمنون بأن الله هو الخالق الرازق، ل?ن ?انوا يشر?ون في العبادة، فهٶلاء لا يٶمنون به، ولا بنبيه (صلی الله عليه وسلم).

ومعلوم أن الشيعة لحد يومنا هذا لم يستطيعوا أن يأتوا بآية واحدة صريحة علی إمامة علي بن أبي طالب أو أحد من ذريته، ?ما هو الحال في الأنبياء والمرسلين، إذ يقول الله تعالی: " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴿٢٩ " سورة الفتح. 

"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ ﴿١٤٤  " سورة آل عمران.

"مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴿٧٥ " سورة المائدة.

وإذا لم يستطيعوا أن يثبتوا إمامة علي (رضي الله عنه) بآية واحدة صريحة مثل الآيات السابقة ف?يف يجعلون إمامته جزءا من الإيمان وعلی أساسه ي?فرون المسلمين ؟ ولا ننسی أن علي (رضي الله عنه) بايع الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، وأن إبنه الحسن تنازل عن الخلافة لمعاوية (رضي الله عنهما) وبايعه هو وأخوه الحسين.

وهل ?ان يحق للنبي (صلی الله عليه وسلم) أن يتنازل عن النبوة لأحد من المشر?ين في م?ة أو غيرها وبأية حجة ?انت ؟ و?ل التعليلات والتبريرات التي يسوقها علماء الشيعة الإثني عشرية لبيعة علي وإبنيه ومواقفهم (رضي الله عنهم) باطلة وأشبه ما ت?ون بتعليل إبليس عندما أبی واست?بر  أن يأتمر بأمر الله تعالی بالسجود لآدم ونسب سبب غوايته إلی الله تعالی، ?ما  قال الله جل شأنه ح?اية عنه: " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ". سورة الأعراف/١٦.

أما لماذا ي?ذبون علی أهل ?تاب الله وسنة رسول الله، أقول أن ال?ذب عليهم وشتمهم والوقيعة فيهم جزء أساسي من عقيدة الشيعة الإثني عشرية ومن ضروريات دينهم، إذ يعتبرونها من أفضل العبادات والطاعات وأ?مل القربات، لذلك نری شيخهم محمد حسن النجفي يقول: " فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشر?ين لإتحاد ال?فر الإسلامي والإيماني فيه، بل لعل هجاٶهم علی رٶس الاشهاد من أفضل عبادة ما لم تمنع التقية، وأولی من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الأعصار والأمصار علمائهم وأعوامهم، حتی ملأوا القراطيس منها بل هي عندهم من أفضل الطاعات، وأ?مل القربات فلا غرابة في دعوی تحصيل الإجماع، ?ما عن بعضهم بل يم?ن دعوی ?ون ذلك من الضروريات، فضلا عن القطعيات " (9)، ثم لا يستحي هذا الشيخ ؟؟!! ويأتي في الصفحات التي قبل ?لامه ذاك وبعده ويأخذ الإحاديث النبوية من ?تب أهل ?تاب الله وسنة رسول الله، ?صحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن البيهقي ومجمع الزوائد وغيرها، ويستدل بها علی آرائه.

وخلاصة القول أن تأويلات مر?ز الأبحاث العقائدية وشب?ة الشيعة العالمية  لم ت?ن موفقة، وأن ?لام نعمة الله الجزائري تعبير صادق ودقيق عن عقيدة فرقة الشيعة الإثني عشرية ?لها إلا من تبرأ منه ومن ?تبه، وأنهم حقيقة لا يٶمنون بالإله الذي نٶمن به ويٶمن به ?ل الناس ونعبده، فإذا ?ان الأمر ?ذلك فمن هو إلههم ؟ أهو اللات والعزی أم مناة الثالثة الأخری ؟ ومن هو نبيهم ؟ أهو مسيلمة ال?ذاب أم أسود العنسي أم إبن سبأ اليهودي ؟

حلقات أخری تتبع..

               

(1) الأنوار النعمانية. ج2. باب نور في حقيقة دين الإمامية. ص191. طبعة 2008. وأما في طبعة إيران- تبريز. ج2. ص278.

(2) أمالي الصدوق. المجلس السابع والأربعون رقم الرواية: 1.

(3) بحار الأنوار. ج3. باب13، رقم الرواية: 43.

 (4) بحار الأنوار. ج3. باب13، رقم الرواية: 3.

(5) ال?افي. ج2. باب طينة المٶمن وال?افر. رقم الرواية 1. وبصائر الدرجات. ج1. باب فيه خلق أبدان الأئمة ع وقلوبهم و أبدان الشيعة. رقم الرواية 5).

(6) ال?افي. ج2. باب طينة المٶمن وال?افر. رقم الرواية 2). وبصائر الدرجات. ج1. باب فيه خلق أبدان الأئمة ع وقلوبهم وأبدان الشيعة. رقم الرواية 7.

(7) ال?افي. ج2. باب طينة المٶمن وال?افر. رقم الرواية 5.

(8) بصائر الدرجات. ج1. باب فيه خلق أبدان الأئمة ع وقلوبهم و أبدان الشيعة. رقم الرواية 10)

(9) جواهر ال?لام في شرح شرائع الإسلام. ج22. ?تاب التجارة.  ص62)