مدرسة الزهراء في مؤتمر عالمي

مدرسة الزهراء في مؤتمر عالمي

حازم ناظم فاضل

[email protected]

أقيم في مدينة (وان) التركية مؤتمر عالمي :

( مدرسة الزهراء.. وفلسفة التعليم عند النورسي)

نظمتها محافظة (وان) وجامعة (يوزنجي ييل) بالتنسيق مع اكاديمية وقف رسائل النور ومركز النور للدراسات والبحوث في اسطنبول  للفترة من 12-14 تشرين الاول 2012  .

والقى السيد منير قارال اوغلو محافظ (وان) كلمة حول اهمية انشاء مدرسة الزهراء في مدينة (وان) واستشهد باقوال الاستاذ بديع الزمان سعيد النورسي حول مدرسة الزهراء، وانه شخصية لا يعرف لليأس سبيلاً فها هو يخاطب الذين يأتون من بعده في المستقبل :

( فها أنذا آليتُ على نفسي ألاّ أخاطبكم، فأدير اليكم ظهري وأتوجه بالخطاب الى القادمين في المستقبل:

 أيا مَن اختفى خلف عصر شاهق لما بعد ثلاثمائة سنة، يستمع الى كلمات النور بصمت وسكون. وتلمحنا بنظر خفي غيبي..

 أيا من تتسمّون بـ "سعيد وحمزة ، وعمر وعثمان وطاهر، ويوسف وأحمد وامثالهم" انني أتوجه بالخطاب اليكم:

 ارفعوا هاماتكم وقولوا: "لقد صدقت" وليكن هذا التصديق دَيْناً في اعناقكم.

ان معاصري هؤلاء وان كانوا لا يعيرون سمعاً لأقوالي، لندعهم وشأنهم. انني أتكلم معكم عبر أمواج الاثير الممتدة من الوديان السحيقة للماضي - المسمّى بالتأريخ - الى ذرى مستقبلكم الرفيع..

 ما حيلتي لقد استعجلتُ وشاءت الاقدارُ أن آتي الى خضم الحياة في شتائها.. أما أنتم فطوبى لكم ستأتون اليها في ربيع زاهر كالجنة، ان ما يُزرع الآن ويُستنبت من بذور النور ستتفتح أزاهير يانعة في أرضكم..

نحن ننتظر منكم لقاء خدماتنا، أنكم اذا جئتم لتعبروا الى سفوح الماضي، عوجوا الى قبورنا، واغرسوا بعض هدايا ذلك الربيع على قمة "القلعة" )

واشاد الاستاذ الدكتور كوربوز آق صوي رئيس المؤتمر بجهود بديع الزمان في انشاء جامعة الزهراء، وقال بان الاستاذ النورسي لم يعرف للفتور سبيلاً وحاول بكل الطرق والوسائل لتحقيق مشروعه العملاق فقابل السلطان عبدالحميد الثاني والسلطان رشاد والمسؤولين من بعدهم لغرض انشاء مدرسة الزهراء لتكون وسيلة لرفع الجهل والفقر من المجتمع .

وقد شارك في المؤتمر اكثر من مائة مفكر وباحث من (45) جامعة من داخل تركيا وخارجها ، والقيت (99) كلمة وبحثاً حول أهمية مدرسة الزهراء ، وفلسفة التعليم عند الاستاذ النورسي ، وباللغات العربية والتركية والانكليزية والكردية .

كما وحضر المؤتمر طلاب الاستاذ النورسي (الاساتذة : محمد قرقنجي ومحمد فرنجي وعبدالله يكن وعبدالقادر بادللي ) وعرضوا ذكرياتهم مع الاستاذ النورسي فيما تخص مدرسة الزهراء .

  لقد كان من نبوغ بديع الزمان سعيد النورسي التربوي والتعليمي أنه لم يقترح  مشروع مدرسة الزهراء نظرياً بل كان يملك تفاصيله من حيث الأهداف والمناهج والوسائل والآفاق، وكذلك كانت صياغة البرامج والمناهج الدراسية وطرق التدريس مرسومة لديه ، ووضع الخطوط العريضة لها ، علاوة على توجيهاته في هيكلة نظام المؤسسة ومصادر تمويلها. 

 وقد أجمل الأستاذ إحسان قاسم الصالحي في كتاب (سيرة ذاتية لبديع الزمان سعيد النورسي) الأسباب الموجبة لتأسيس مدرسة الزهراء ،ومواقع تأسيسها، وشروطها، ووارداتها، وفوائدها وثمراتها ، ولمناسبة المقام ندرجها هنا :

الأسباب الموجبة لتأسيس مدرسة الزهراء:

1- تدني العلوم في المدارس الدينية

إن ترك المستعد لما هو أهل للقيام به، وتشبثه بما ليس اهلاً له، عصيان كبير وخرق فاضح لطاعة الشريعة الكونية (شريعة الخلقة). إذ من شأن هذه الشريعة: انتشار استعداد الإنسان ونفوذ قابليته في الصنعة واحترام مقاييس الصنعة ومحبتها وامتثال نواميسها والتمثل بها.

وخلاصة الكلام: إن شأن هذه الشريعة؛ الفناء في الصنعة.

وإذ وظيفة الخلقة هذه، فان الإنسان بمخالفته هذه الشريعة؛ يغير الصورة اللائقة بالصنعة ويخل بنواميسها. ويشوّه صورة الصنعة غير الطبيعية - التي تشبث للقيام بها - بميله الكامن للصنعة الأخرى لعدم الامتزاج بين الميل والصنعة، فيختلط الحابل بالنابل.

وبناءً على هذا: فان كثيراً جداً من الناس يمضي بميل السيادة والأمرية والتفوق على الآخرين، فيجعل العلم المشوّق المرشد الناصح اللطيف، وسيلة قسر وإكراه لإستبداده وتفوقه، فبدلاً من أن يخدم العلم يستخدمه. وعلى هذا فقد دخلت الوظائف بيد من ليسوا لها أهلاً، ولاسيما الوظائف في المدارس الدينية، فآلت إلى الاندراس نتيجة هذا الأمر.

والعلاج الوحيد لهذا: تنظيم المدرسين الذين هم في حكم العاملين في دائرة واحدة، في دوائر كثيرة كما هو الحال في الجامعة، كلٌ في مجال اختصاصه، ليذهب كل واحدٍ بسوق إنسانيته، وبتوجهه نحو حقه، ينفّذ قاعدة تقسيم الأعمال بميله الفطري امتثالاً للأمر المعنوي للحكمة الأزلية.

إن السبب المهم الذي ادّى إلى تدني علوم المدارس الدينية، وصرفها عن مجراها الطبيعي هو:

إن العلوم الآلية لما أدرجت في عداد العلوم المقصودة، أصاب الإهمال العلوم العالية، إذ سيطر على الأذهان حلّ العبارة العربية التي لباسها (لفظها) في حكم معناها، وظل العلم الذي هو أصل القصد تبعياً. زد على ذلك، ان الكتب التي أصبحت في سلسلة التحصيل العلمي رسمية، وعباراتها متداولة إلى حد ما. هذه الكتب حصرت الأوقات والأفكار في نفسها ولم تفسح المجال للخروج منها.(صيقل الاسلام ،المحاكمات)

2-إصلاح الولايات الشرقية:

كنت ألمس الوضع الردئ لما كان يعيشه أهالي الولايات الشرقية فأدركت أن سعادتنا الدنيوية ستحصل - من جهة - بالعلوم الحديثة الحاضرة، وان أحد الروافد غير الآسنة لتلك العلوم سيكون العلماء، والمنبع الآخر سيكون حتماً المدارس الدينية، كي يأنس علماء الدين بالعلوم الحديثة.

وحيث أن زمام الأمر في تلك البقاع التي أغلبيتها الساحقة اُميون بيد علماء الدين، فهذا الشعور هو الذي دفعني إلى المجئ إلى استانبول. ظناً مني ان نلقى السعادة في دار السعادة في ذلك الوقت .(صيقل الاسلام، المحكمة العسكرية)

 [ فقدم الى السلطان عبد الحميد العريضة الآتية لضرورة إنشاء مدرسة الزهراء في الولايات الشرقية]

على الرغم من أن الحكومة على علم بأحوال أهالي كردستان الذين يمثلون عنصراً مهماً في الأمة العثمانية، فاني أرجو السماح لي بتقديم بعض المطاليب الخاصة بالخدمة العلمية السامية.

ان في هذا العالم، عالم الرقي والحضارة، ينظر بعين الشكر والتقدير إلى أوامر الحكومة بإنشاء مدارس في قصبات كردستان وقراها، أسوة بالاخوة الآخرين وبجنب ما تنجزه من خدمات في مرافق أخرى. الاّ أن مدى الاستفادة من هذه المدارس ينحصر في الذين يعرفون اللغة التركية، بينما يحرم الأكراد من العلوم والمعارف لعدم معرفتهم باللغة التركية ولعدم معرفة معلميهم باللغة المحلية، لذا لا يجدون أمامهم سوى الانخراط في المدارس الدينية طريقاً للمعرفة، مما يسبب شماتة الغرب لتفشي الجهل وحدوث الاضطرابات وانتشار الشبهات والأوهام فيما بينهم. وهذا ما يدعو أهل الغيرة والحمية إلى التأمل حيث الأكراد قد ظلوا في أماكنهم، بينما استفاد من هم اوطأ منهم من كل جهة منذ القدم من توقفهم هذا.

فهذه النقاط الثلاث تقض مضجع أهل البصيرة، لأنها تمهّد لضربة عنيفة توجّه إلى الأكراد في المستقبل.

وعلاج هذا النقص هو قيام الحكومة بفتح ثلاث مدارس نموذجية للتعليم في مواقع مختلفة من كردستان.

إحداها: في بيت الشباب التي هي مركز عشائر الارتوشي.

ثانيتها: وسط موتقان وبلقان وساسون.

ثالثتها: في وان التي تمثل وسط حيدران وسبكان.

وتدرس في هذه المدارس العلوم الدينية مع العلوم الحديثة الضرورية، وليكن في كل مدرسة خمسون طالباً في الأقل تتكفل الحكومة بمعاشهم.

ومن الأسباب المهمة لحياة كردستان المادية والمعنوية مستقبلاً هو إحياء بعض المدارس. ويتم بإرساء أسس المعارف في هذه المنطقة، فتتقرر وحدة الأمة عليها، وتسلّم قوتها العظيمة - التي تضيع نتيجة الاختلافات الداخلية - إلى الحكومة لتوجيهها لمقاومة الأعداء في الخارج.

       وبهذا يتيسر لأهل المنطقة السبيل لإظهار جوهر فطرتهم واستعدادهم لتقبل المدنية واستحقاقهم العدل.( عن جريدة الشرق وكردستان ، 19 تشرين الثاني 1908م)

3-المؤامرة الخبيثة على القرآن:

قبل خمسة وستين عاماً أخبرني والٍ من الولاة انه قرأ في الصحف بأن وزير المستعمرات البريطاني خطب وبيده نسخة من المصحف الشريف قائلاً: إننا لا نستطيع أن نحكم المسلمين ما دام هذا الكتاب بيدهم، فلا مناص لنا من ان نزيله من الوجود او نقطع صلة المسلمين به.

وهكذا دأبت المنظمات المفسدة الرهيبة على تحقيق هاتين الخطتين: إسقاط شأن القرآن الكريم من أعين الناس، وفصلهم عنه. فسعوا في هذا المضمار سعياً حثيثاً للإضرار بهذه الأمة المنكوبة البريئة المضحية.

وقد قررتُ قبل خمس وستين سنة ان أجابه هذه المؤامرات الخطرة مستمداً القوة من القرآن العظيم، فألهمني قلبي طريقاً قصيراً إلى الحقيقة، وإنشاء جامعة ضخمة. فمنذئذ نسعى لإنقاذ آخرتنا.

واحدى ثمراتها ايضاً إنقاذ حياتنا الدنيوية من الإستبداد المطلق، والنجاة من مهالك الضلالة. وانماء علاقات الأخوة بين الأقوام الإسلامية. وقد وجدنا وسيلتين في هذه السبيل:

الوسيلة الأولى: رسائل النور التي تقوي وشائج الاخوة الإيمانية بتقوية الإيمان. والدليل على ذلك تأليفها في وقت الظلم والقسوة الشديدة، وتأثيرها البالغ في انحاء العالم الإسلامي وفي اوروبا وامريكا - في الوقت الحاضر - وغلبتها على المخلّين بالنظام والفلسفة الملحدة، وظهورها على المفاهيم الإلحادية السارية كالفلسفة الطبيعية والمادية مع عدم جرحها من قبل اية محكمة او لجنة خبراء. وسيتبنى امثالكم بإذن الله ممن كشفوا عن مفتاح الأخوة الإسلامية، هذه الرسائل التي تمثل نوراً من أنوار القرآن الكريم وينشرها في العالم الإسلامي كله.

الوسيلة الثانية: قبل خمس وستين سنة أردت الذهاب إلى الجامع الازهر باعتباره مدرسة العالم الإسلامي، لأنهل فيه العلوم. ولكن لم يُكتب لي نصيب فيه، فهداني الله إلى فكرة وهي:

ان الجامع الأزهر مدرسة عامة في قارة أفريقيا، فمن الضروري إنشاء جامعة في آسيا على غراره، بل أوسع منه بنسبة سعة آسيا على أفريقيا. وذلك:

لئلا تفسد العنصرية الأقوام في البلدان العربية والهند وإيران والقفقاس وتركستان وكردستان وذلك لأجل إنماء الروح الإسلامية التي هي القومية الحقيقية الصائبة السامية الشاملة فتنال شرف الامتثال بالدستور القرآنى : { إنما المؤمنون اخوة } (الحجرات: 10)

وكذلك لتتصافح العلوم النابعة من الفلسفة مع الدين .

وتتصالح الحضارة الأوروبية مع حقائق الإسلام مصالحة تامة.

ولتتفق المدارس الحديثة وتتعاون مع المدارس الشرعية في الأناضول.

لذا بذلت جهدي كله لتأسيس هذه الجامعة في مركز الولايات الشرقية التى هي وسط بين الهند والبلاد العربية وإيران والقفقاس وتركستان، وسميتها مدرسة الزهراء. فهي مدرسة حديثة ومدرسة شرعية في الوقت نفسه.فمثلما بذلت جهدي في سبيل إنشاء هذه الجامعة بذلته في سبيل نشر رسائل النور .( الملاحق - اميرداغ 2 / 416 )

4-دفعاً للنعرات القومية واقراراً للسلام في المنطقة:

لقد ظهرت أضرار النعرة القومية والعنصرية في عهد الأمويين، كما فرّقت الناس شرّ فرقة في بداية عهد الحرية وإعلان الدستور، حيث تأسست النوادي والتكتلات، كما استغلت إثارة النعرة القومية مجدداً للتفريق بين الأخوة العرب النجباء وبين الأتراك المجاهدين، فعّم الاضطراب وسُلبت راحة الناس.

علماً ان الاضرار بالناس بأعمال سلبية هو فطرة القومية والعنصرية التي فطروا عليها. والأتراك مسلمون في أنحاء العالم كافة فقوميتهم مزجت بالإسلام لا يمكن فصلهم عنه. فالتركي يعني المسلم. حتى ان غير المسلم منهم لا يكون تركياً. وكذلك العرب فان قوميتهم مزجت بالإسلام أيضاً وينبغي هكذا. فقوميتهم الحقيقية هي الإسلام وهو حسبهم. ألا إن العنصرية ودعوى القومية خطر عظيم..( الملاحق- اميرداغ 2 / 417-419 )

وقد أجاب (سعيد القديم) الذين اعترضوا من النواب بالآتي:

لنفرض فرضاً محالاً انتم لستم بحاجة إلى ذلك، ولكن ظهور أكثر الأنبياء في آسيا والشرق وظهور اكثر الحكماء والفلاسفة في الغرب يدل على ان الذي يدفع آسيا إلى الرقي الحقيقي هو الشعور الديني اكثر من العلوم والفلسفة. فان لم تأخذوا بهذا القانون الفطري وأهملتم الأعراف الإسلامية بحجة التغرب وأسستم الدولة على الإلحاد، فانتم مضطرون ايضاً إلى الانحياز إلى الإسلام - لصالح الوطن والأمة – إقراراً للسلام في الولايات الشرقية الواقعة بين أربع دول كبرى.

وأورد لكم مثالاً واحداً من بين ألوف الأمثلة:

حينما كنت في مدينة وان قلت لأحد طلابي الأكراد الغيورين: لقد خدم الأتراك الإسلام كثيراً، فكيف تراهم؟ قال: إني أفضل تركياً مسلماً على شقيقي الفاسق، بل ارتبط به أكثر من ارتباطي بوالدي، لخدمته الإيمان خدمة فعلية.

ومرت الأيام والسنون، ودخل ذلك الطالب - أيام أسري - المدرسة الحديثة في استانبول. ثم قابلته بعد عودتي فلمست ان عرق القومية الكردية قد تحرك فيه من جراء الدعوى العنصرية التركية لدى بعض معلميه. فقال لي: انني أفضل الآن كردياً فاسقاً مجاهراً بل ملحداً على تركي صالح.. ثم جلست معه بضع جلسات فأنقذته بإذن الله، فاقتنع ان الأتراك هم جنود أبطال لهذه الأمة.

فيا أيها النواب السائلون!

ان في الشرق حوالي خمسة ملايين من الاكراد وحوالي مائة مليون من الايرانيين والهنود وسبعين مليوناً من العرب وأربعين مليوناً من القفقاس، فهؤلاء جميعاً تربطهم الاخوة وحسن الجوار وحاجة بعضهم إلى البعض الآخر.

فأنا اسألكم! ايمّا اكثر ضرورة: الدرس الذي يتلقاه الطالب في مدرسة وان الجامعة بين الشعوب والامم، ام الدرس الذي يفرق بين تلك الشعوب ويجعله يحصر تفكيره بقومه فقط وينكر اخوة الإسلام، ويبذل جهده لتعلم العلوم الفلسفية دون اعتبار للعلوم الإسلامية، ألا تكون حاله كحالة الطالب الثانية؟

وعقب هذا السؤال قام المتغربون من النواب والمتحللون من الأعراف الإسلامية بتوقيع القرار. ولا أرى داعياً لذكر اسمائهم.. سامحهم الله، لقد توفوا ..

ان هذه الجامعة حجر الأساس لإحلال السلام في الشرق الاوسط وقلعته الحصينة وستثمر فوائد جمة لصالح هذه البلاد والعباد بإذن الله.

ان العلوم الإسلامية ستكون أساساً في هذه الجامعة، لأن القوى الخارجية المدمّرة قوى إلحادية، تمحي المعنويات، ولا تقف تجاه تلك القوى المدمرّة الاّ قوة معنوية عظيمة، تنفلق على رأسها كالقنبلة الذرية.( الملاحق- اميرداغ 2 / 417-419 )

5- وفاة المدارس الدينية:

إنه بوفاة مدرسة خورخور التي هي تحت قلعة (وان) الصلدة والتي هي مدرسة ابتدائية لمدرسة الزهراء، وغلق المدارس الشرعية فى الأناضول كافة الدال على وفاتها. توفت جميع المدارس وكأن قلعة (وان) صارت شاهداً لقبرها العظيم. فيا ايها المقبلون بعد ثلاثمائة سنة ازرعوا على قمة هذه القلعة زهرة مدرسة نورية.

مواقع تأسيسها:

نطلب تأسيس مدرسة الزهراء - شقيقة الجامع الأزهر - التي تتضمن الجامعة. نطلب تأسيسها في بتليس مع رفيقتها في كل من وان ودياربكر جناحَي بتليس، اطمأنوا أننا - نحن الأكراد - لسنا كالآخرين - فنحن نعلم يقيناً أن حياتنا الاجتماعية تنشأ من حياة الأتراك وسعادتهم.

شروطها:

اولها: التسمية باسم المدرسة لأنه مألوف ومأنوس وجذّاب، ومع كونه عنواناً اعتبارياً الاّ أنه يتضمن حقيقة عظيمة ممّا يهيّج الأشواق وينبّه الرغبات.

ثانيها: مزج العلوم الكونية الحديثة ودرجها مع العلوم الدينية معَ جعل اللغة العربية واجبة، والكردية جائزة، والتركية لازمة.وذلك لتخليص المحاكمة الذهنية (العقلية) من ظلمات السفسطة الحاصلة من أربعة أنواع من الأقيسة التمثيلية الفاسدة  وازالة المغالطة التي تولدها الملكة المتفلسفة على التقليد الطفيلي.

نعم ضياء القلب هو العلوم الدينية، ونور العقل هو العلوم الحديثة، فبإمتزاجهما تتجلّى الحقيقة، فتتربّى همة الطالب وتعلو بكلا الجناحين، وبافتراقهما يتولد التعصب في الأولى والحيل والشبهات في الثانية.

الشرط الثالث: انتخاب المدرسين فيها، أما من العلماء الأكراد من ذوي الجناحين أي الموثّقين والمعتمدين من قبل الأكراد والأتراك او ممن يعرفون اللغة المحلية ليُستأنس بهم.

الشرط الرابع: الإستشارة باستعداد الأكراد وقابلياتهم، وجعل صباوتهم وبساطتهم نصب العين، وكم من لباس يُستحسن على قامة، يستقبح على أخرى، وتعليم الصبيان قد يكون بالقسر أو بمداعبة ميولهم.

الشرط الخامس: تطبيق قاعدة تقسيم الأعمال بحذافيرها، حتى يتخرج من كل شعبة متخصصون مَهَرة مع أنها مداخل ومخارج بعضها ببعض.( صيقل الإسلام- المناظرات / 428 )

ان الامتثال والطاعة لقانون التكامل والرقي للصانع الجليل - الجاري في الكون على وفق تقسيم الاعمال - فرض وواجب، الاّ ان الطاعة لاشارته ورضاه سبحانه الكامنين في ذلك القانون لم يوف حقها. علماً ان يد عناية الحكمة الإلهية - التي تقتضي قاعدة تقسيم الاعمال - قد أودعت في ماهية البشر استعدادات وميولاً، لاداء العلوم والصناعات التي هي في حكم فرض الكفاية لشريعة الخلقة (السنن الكونية) .

فمع وجود هذا الأمر المعنوي لادائهما، اضعنا بسوء تصرفنا الشوق – الممد للميل، المنبعث من ذلك الاستعداد - واطفأنا جذوته بهذا الحرص الكاذب، وبهذه الرغبة في التفوق التي هي رأس الرياء! فلا شك ان جزاء العاصي جهنم. فعُذّبنا بجهنم الجهل. لاننا لم نتمثل اوامر الشريعة الفطرية التي هي قانون الخلقة.. وما ينجينا من هذا العذاب الاّ العمل على وفق قانون (تقسيم الاعمال). فقد دخل اسلافنا جنان العلوم بالعمل على وفق تقسيم الاعمال.( صيقل الإسلام- المحاكمات / 43)

الشرط السادس: ايجاد سبيل بعد تخرج المداومين وضمان تقدمهم واستفاضتهم حتى يتساووا مع خريجي المدارس العليا ويتعامل معهم بنفس المعاملة مع المدارس العليا والمعاهد الرسمية، وجعل امتحاناتها كامتحانات تلك المدارس منتجة، دون تركها عقيمة.

الشرط السابع: اتخاذ دار المعلمين - موقتاً - ركيزة لهذه المدرسة ودمجها معها، ليسري الانتظام والاستفاضة من العلم من هذه إلى تلك والفضيلة والتدين من تلك إلى هذه، حتى يكون كل منها ذا جناحين بالتبادل. ( صيقل الإسلام- المناظرات / 428)

وارداتها:

س: ما وارداتها ؟

ج:الحمية والغيرة..

ثم ان هذه المدرسة كنواة تتضمن - بالقوة - شجرة طوبى. فان اخضرّت بالحميّة والغيرة إستغنت عنكم وعن خزائنكم المنضوبة، وذلك بجذبها الطبيعي لحياتها المادية.

س: بأية جهة؟

ج: بجهات عديدة.

الأولى: الأوقاف، لو انتظمت انتظاماً حقيقياً، لأسالَت إلى هذا الحوض عيناً سيالة بتوحيد المدارس.

الثانية: الزكاة، فنحن شافعيون وأحناف، فاذا أبدت - بعد حين - تلك المدرسة الزهراء خدماتها للاسلام والإنسانية، فلا ريب أن يتوجه اليها قسم من الزكاة وتحصرها لنفسها باستحقاق، وحتى لو كانت لها زكاة الزكاة لكفتها.

الثالثة: النذور والصدقات... فكما ان هذه المدرسة تكوّن وتمثل عند العقول أسمى مدرسة وبنظر القلوب والوجدان أقدس زاوية تكية وذلك بما تنشره من ثمرات وما تعمه من ضياء وما تقدمه للاسلام من خدمات جليلة. أي فكما هي مدرسة دينية فهي مدرسة حديثة، وتكية أيضاً. وحينها يتوجه اليها قسم من النذور والصدقات التي هي من جملة التكافل الاجتماعي في الإسلام.

الرابعة: الإعارة.. بتوسيع واردات دار المعلمين - بعد الدمج لأجل التبادل المذكور- توسيعاً نسبياً، يمكن اعارة تلك الواردات اليها موقتاً، وحينما تستغني - بعد مدة - ستردّ تلك العارية. (صيقل الإسلام- المناظرات / 428)

فوائدها وثمراتها:

مجملاً:

تأمين مستقبل العلماء الأكراد والأتراك

واقحام المعرفة عن طريق المدرسة إلى كردستان

واظهار محاسن المشروطية و الحرية والاستفادة منها.( صيقل الإسلام- المناظرات /430)

وفوائدها بالتفصيل:

الأولى : توحيد المدارس الدينية واصلاحها...

الثانية : إنقاذ الإسلام من الأساطير والإسرائيليات والتعصب الممقوت، تلك التي أصابت سيف الإسلام المهنّد بالصدأ.

نعم إن شأن الإسلام الصلابة في الدين وهي المتانة والثبات والتمسك بالحق، وليس التعصب الناشئ عن الجهل وعدم المحاكمة العقلية، وفي نظري ان أخطر انواع التعصب هو ذلك الذي يحمله قسم من مقلدي اورربا وملحديها، حين يصرّون بعناد على شبهاتهم السطحية، وليس هذا من شأن العلماء المتمسكين بالبرهان.

الثالثة : فتح باب لنشر محاسن المشروطية.

نعم، ليس هناك في العشائر من فكرٍ يجرح المشروطية، ولكن ان لم تستحسن في نظرهم فلا يستفاد منها. وهذا أشد ضرراً، فلاشك أن المريض لا يستعمل دواءً يظنه مشوباً بالسم.

الرابعة : فتح طريق لجريان العلوم الكونية الحديثة إلى المدارس الدينية، بفتح نبع صافٍ لتلك العلوم بحيث لا ينفر منها أهل المدارس الدينية، ولقد قلت مراراً بأن فهماً خطأً وتوهماً مشؤوماً قد أقاما - لحد الآن - سدّين أمام جريان العلوم.( صيقل الإسلام- المناظرات /430)

إذ إن أهم الموانع، والبلاء النازل هو توهمنا - نحن والاجانب - بخيال باطل؛ وجود تناقض وتصادم بين بعض ظواهر الإسلام وبعض مسائل العلوم. فمرحى لجهود المعرفة الفياضة وانتشارها، وبخٍ بخٍ لعناء العلوم الغيورة، اللتين أمدّتا تحري الحقائق وشحنتا الإنسانية، وغرستا ميل الانصاف في البشرية فجهزتا تلك الحقائق بالاعتدة لدفع الموانع، فقضت وستقضي عليها قضاءً تاماً.

نعم! ان اعظم سبب سلب منا الراحة في الدنيا، وحرم الاجانب من سعادة الآخرة، وحجب شمس الإسلام وكسفها هو: سوء الفهم وتوهم مناقضة الإسلام ومخالفته لحقائق العلوم.

فيا للعجب! كيف يكون العبد عدوّ سيده، والخادم خصم رئيسه، وكيف يعارض الابن والده!! فالإسلام سيد العلوم ومرشدها ورئيس العلوم الحقة ووالدها.

ولكن، يا للأسف.. هذا الفهم الخطأ، هذا الفهم الباطل، قد أجرى حكمه إلى الوقت الحاضر، فألقى بشبهاته في النفوس، وأوصد أبواب المدنية والمعرفة في وجه الأكراد وأمثالهم. فذعروا من توهم المنافاة بين ظواهر من الدين لمسائل من العلوم.( صيقل الإسلام-المحاكمات/ 23 )

الخامسة : اكرر ما قلته مراراً - بل مئة مرة - ان هذه المدرسة تصالح بين أهل المدرسة الدينية والمدرسة الحديثة وأهل الزوايا التكايا وتجعلهم يتحدون - في الأقل- في المقصد، وذلك بما تحدث فيما بينهم من الميل وتبادل الأفكار.

نعم، نشاهد بأسى وأسف أن تباين أفكارهم كما فرّق الإتحاد فيما بينهم فان تخالف مشاربهم قد أوقف التقدم والرقي أيضاً وذلك لأن كلاً منهم بحكم المتعصب لمسلكه ونظره السطحي لمسلك الآخر، انساق إلى الافراط والتفريط، ففرّط هذا بتضليل ذاك، وأفرط ذاك بتجهيل هذا.

الخلاصة: ان الإسلام لو تجسّم لكان قصراً مشيداً نورانياً ينور الأرض ويبهجها فأحد منازله مدرسة حديثة، واحدى حجراته مدرسة دينية، واحدى زواياه تكية، ورواقه مجمع الكل، ومجلس الشورى، يكمل البعض نقص الآخر.. وكما أن المرآة تمثل صورة الشمس وتعكسها فهذه المدرسة الزهراء ستعكس وتمثل أيضاً صورة ذلك القصر الإلهي الفخم في البلدان الخارجية. ( صيقل الإسلام- المناظرات /430 )

الحكومات المتعاقبة تتبنى القضية:

لقد ألقيت هذه المباحث حول مدرسة الزهراء في السنة الثالثة من إعلان الحرية على صورة خطب للأهالي في كل من (بتليس) و(وان) و(دياربكر) وغيرها من الأماكن، وقابلوني جميعاً بالموافقة وبأن هذه المسألة حقيقة ، وممكنة ، وقابلة للتطبيق، لذا أستطيع أن أقول انني مترجم لما كان يدور بخلدهم في هذه المسألة. ( صيقل الإسلام- المناظرات /430)

فالسلطان رشاد (رحمه الله) هو اول من قدّر اهمية انشاء هذه الجامعة، فخصص عشرين ألف ليرة ذهبية لانجاز بنائها فقط. وحينما رجعت من الأسر في الحرب العالمية الأولى وافق مئة وثلاثة وستون نائباً - من بين مائتين - في البرلمان ووقّعوا على تخصيص مائة وخمسين ألف ليرة - بقيمة الليرة الثمينة آنئذٍ - للغرض نفسه. وكان مصطفى كمال من ضمنهم. وهذا يعنى انهم أولوا اهمية لإنشاء هذه الجامعة اكثر من أي شئ آخر. بل حتى وقّع ذلك القرار المتغربين من النواب الذين لا يهمهم امر الدين من قريب او بعيد والذين قطعوا صلتهم بالاعراف الإسلامية سوى اثنين منهم حيث قالا: نحن بحاجة إلى الحضارة الغربية اكثر من حاجتنا إلى الجمع بين العلوم الدينية والحديثة.( الملاحق- اميرداغ 2 / 419)

وهكذا طرحتُ عليهم مشروع بناء جامعة في مدينة وان باسم مدرسة الزهراء على غرار الأزهر الشريف.. حتى انني وضعت حجرها الأساس بنفسي، ولكن ما ان اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى شكلت من طلابي والمتطوعين فرق الأنصار وتوليت قيادتهم، فخضنا معارك ضارية في جبهة القفقاس مع الروس المعتدين في بتليس..( الشعاعات /420، 541 )

ثم بعد حوالي ست سنوات ذهبتُ إلى آنقرة، وسعيت في انجاز تلك الحقيقة، وفعلاً وافق مائة وثلاثة وستون نائباً في مجلس الأمة من بين مائتي عضو على تخصيص خمسة عشر ألف ليرة ورقية لبناء مدرستنا، ولكن ياللأسف - ألف ألف مرة - سدّت جميع المدارس الدينية، ولم استطع ان انسجم معهم فتأخر المشروع أيضاً .(الملاحق- قسطموني / 12 ،الشعاعات/ 336، اللمعات/ 449)

وانه لفأل حسن بعد انكسار حدّة الإستبداد الرهيب(سنة 1950) الذى دام خمساً وعشرين سنة والذى انهى حياة المدارس الشرعية، قرار وزير المعارف توفيق ايلرى على انشاء مدرسة الزهراء في وان باسم جامعة الشرق، واستصوب رئيس الجمهورية جلال بايار - من حيث لم يحتسب - قرار الوزير وجعله ضمن قائمة المسائل المهمة. وهذا ما كان يتمناه سعيد قبل أربعين سنة، وسيتحقق باذن الله.( الملاحق- اميرداغ 2 / 385)

 حيث ادخل رئيس الجمهورية انشاء الجامعة في الشرق ضمن المسائل السياسية المهمة، حتى انه حاول اصدار قانون لتخصيص ستين مليوناً من الليرات لإنشائها.. (الملاحق- اميرداغ 2 / 418)

تحققها برسائل النور منهجاً وطلاباً:

ان المولى القدير أسس برحمته الواسعة الخصائص المعنوية لتلك المدرسة وهويتها في إسپارطة فاظهر رسائل النور للوجود. وسيوفق - ان شاء الله - طلاب النور إلى تأسيس الجهة المادية لتلك الحقيقة أيضاً. (الملاحق- قسطموني / 126)

ولكن لما كان هناك موانع كثيرة جداً تحول دون إنشاء مدرسة الزهراء بصورتها المادية، فهي الآن الدائرة الشاملة لطلاب النور.( الملاحق - اميرداغ ( بالتركية) 1/1783)

ومن هنا فإن طلاب النور في الجامعة يمثلون سعيدين شباب، فهم يؤدون مهمة مدرسة الزهراء حق الأداء، سواءً في استانبول او في آنقرة، ولا يدعون حاجة إلى هذا السعيد الضعيف. ( الملاحق- اميرداغ 2 / 336 )

ومن المعلوم ان مدرسة الزهراء تتوسع وتزود الأذهان والقلوب بسر الإخلاص الحقيقي والتضحية الجادة وترك الانانية والتواضع التام وذلك ضمن دائرة النور، وتقوم بنشر هذه الأمور في الاوساط...( الشعاعات / 560)

حمداً لله وشكراً له بما لا يتناهى من الحمد والشكر، إذ جعل ولاية إسپارطة مدرسة الزهراء والجامع الازهر والذي كان هدف خيالي منذ مدة. فاقلامكم تغنى رسائل النور عن المطبعة ونشركم بالرونيو هذا العدد الكبير من النسخ المضبوطة.( الملاحق- قسطموني / 209)

وحينما كنت اشاهد في عدد من الولايات اهتمام النساء برسائل النور اهتماماً حاراً خالصاً وعلمت اعتمادهن على دروسي التي تخص النور بما يفوق حدي بكثير، جئت مرة ثالثة إلى مدرسة الزهراء المعنوية، هذه المدينة المباركة إسپارطة، فسمعت ان أولئك النساء الطيبات المباركات، اخواتي في الآخرة، ينتظرن مني ان القي عليهن درسا..(اللمعات / 307)

[ويقول أحد أركان مدرسة الزهراء:]

حينما وكّلني استاذنا - بسبب مرضه - لمتابعة شؤون رسائل النور في المحاكم بآنقرة، قدّمنا إلى النواب الافاضل الرسالة المرفقة ادناه ونقدمها الآن لكم ولحضرات النواب الافاضل مجدداً. والداعي لهذا هو استمرار المسألة نفسها ولاسيما المحاولات الجارية في الشهور الاخيرة لإنشاء الجامعة الجديدة في الولايات الشرقية.

ان الانتشار الواسع لرسائل النور في السنين الثلاثين الماضية، سواءً في الداخل أو في الخارج وتأثيرها الجيد في الناس، والسعي المتواصل لإنشاء دار الفنون (الجامعة) في الولايات الشرقية قبل خمس وخمسين سنة، مسألتان مهمتان متعاقبتان متممتان احداهما للأخرى، وهما موضع اهتمام العالم الإسلامي.

فهذه الأمة ولاسيما أهل الولايات الشرقية واربعمائة مليون من الأمة الإسلامية وعالم النصرانية المحتاج إلى السلام العالمي تهتم بهاتين النتيجتين العظيمتين والحادثتين الجليلتين. حيث انهما مصدران واسعان لإعلان الإسلام ونشر حقائق القرآن.

ولقد بذل استاذنا المحترم منذ خمس وخمسين سنة جهوده وبهمة فائقة متوسلاً بوسائل شتى لإنشاء جامعة اسلامية باسم مدرسة الزهراء في شرقي الأناضول على غرار الجامع الازهر، ودعا إلى الحاجة الماسة اليها. مثلما ورد في تهنئته لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بهذا الخصوص حيث قال:

ان جامعة الشرق ستحرز مقاماً مرموقاً بين المسلمين بفضل ما تتمتع به من موقع مركزي في العالم الإسلامي. إذ ستبعث وتتجسم فيها الخدمات الدينية الجليلة السامية السابقة والخصال المعنوية الخالدة لألوف العلماء والعارفين والشهداء والمحققين من اجدادنا الراقدين في تلك الولايات، فيؤدون وظائفهم الإيمانية في أوسع ميدان.

أما الدرس الأساس الجدير بأن يكون منهجاً وبرنامجاً لجامعة الشرق فهو رسائل النور التي تفسّر الحقائق الإيمانية للقرآن الكريم والتي تقيم البراهين العقلية والدلائل المنطقية الإيمانية لإثبات مسائل القرآن العظيم. فقمين بهذه الرسائل ان تكون موضع دراسة في الجامعات والمدارس الحديثة. ان رسائل النور ظهرت بوساطة طالب من طلاب اساتذة الشرق ومدارسها الدينية المنتشرة في ارجائه كافة والتي فجّرت الينابيع المعنوية الباعثة على الحياة.

فنحن نرجو ونتمنى من الرحمة الإلهية بكل ارواحنا وكياننا ان يتسنم أولئك الاساتذة الافاضل وظائفهم السابقة مجدداً فيوسعوا من دائرة اعمالهم الفكرية وخدماتهم القرآنية بالثمار اليانعة المنورة الحالية لجهودهم فتتهيأ الظروف الحياتية الزمانية والمكانية والسلام العام لتحقيق امانينا هذه.

نعم ان رسائل النور التي هي ثمرة واحدة ونتيجة عظيمة كلية لنشاط العلم والمعرفة في الشرق جديرة بأن تلقى اهتمام العاملين للاسلام وهذه الأمة والعالم الإسلامي. هذا وان الاقبال على رسائل النور وطلبها في كل من امريكا واوروبا وانتشارها هناك تبين اهمية دعوانا هذه .(مصطفى صونغور. . الملاحق- اميرداغ2 / 394 )

المدرسة اليوسفية تحقق اهداف الزهراء ايضاً:

لقد اغاثتني العناية الربانية فحوّلت ذلك السجن الرهيب إلى مدرسة نورية، فحقاً ان السجن مدرسة يوسفية، وبدأت رسائل النور بالانتشار والتوسع حيث بدأ أبطال مدرسة الزهراء بكتابة تلك الرسائل بأقلامهم الالماسية.( اللمعات/ 404)

وستكون المدرسة اليوسفية ايضاً موضع دراسة مباركة لمدرسة الزهراء ان شاء الله.(الشعاعات / 530)

فيا اخواني لما كنتم قد ارتبطتم برسائل النور نيلاً لثواب الآخرة، واداءً لنوع من العبادة، فلا شك ان كل ساعة من ساعاتكم - تحت هذه الشروط والأحوال الصعبة - تصبح في حكم عبادة عشرين ساعة، والعشرين ساعة من العمل في خدمة القرآن والإيمان - لما فيها من جهاد معنوي - تكسب أهمية مائة ساعة، والمائة ساعة التي تمضي في لقاء مجاهدين حقيقيين من اخوة طيبين - كل منهم يعادل في الأهمية مائة شخص - وعقد أواصر الأخوة معهم، وامدادهم - بالقوة المعنوية - والاستمداد منهم، وتسليتهم والتسلي بهم، والاستمرار معهم في خدمة الإيمان السامية بترابط حقيقي وثبات تام، والانتفاع بسجاياهم الكريمة، وكسب أهلية الطالب في مدرسة الزهراء بالدخول في مجلس الامتحان هذا، في هذه المدرسة اليوسفية، وأخذ كل طالب قسمته المقسومة له قَدَراً، وتناوله رزقه المقدّر له فيها، نيلاً للثواب.. تستوجب الشكر على مجيئكم إلى هنا، والتجمل بالصبر وتحمل جميع المشقات والمضايقات مع التفكر في الفوائد المذكورة.( الشعاعات/ 366 )

حقاً ان رؤية احباء حقيقيين رحماء - ارحم على الإنسان من شقيقه - في هذا الشتاء المادي والمعنوي المضاعف، الذى تعطلت فيه الاعمال، وفي هذه المدرسة اليوسفية التي هي مدرسة واحدة من مدارس الزهراء، واللقاء باخوة الآخرة، وهم بمثابة مرشدين ناصحين، وزيارتهم والاستفادة من مزاياهم الخاصة والتزود من حسناتهم التي تسري سريان النور والنوراني في المواد الشفافة، وحصول ذلك بمنتهى الرخص وبتكاليف قليلة، فضلاً عن الاستمداد من معاونتهم المعنوية ومن مسرّاتهم وسلوانهم.. كل ذلك يجعل هذه المصيبة تبدل شكلها وتتحول إلى نوع من مشهد عناية ربانية معنوية.( الشعاعات / 369 ) .