ثورة السكري

عبد الله زنجير /سوريا

[email protected]

عرف الشعب طريقه  في ( حي السكري ) و اختار أن يكون ظهيرا لثورة الشعب السوري العظيم ، مروءة ، و شهامة ، و بسالة ، و تضحية . رفع صوته و سواعده حتى الشمس ، و سكب من دمه بسخاء حاتم الطائي ، و منذ 15 / 3 / 2011 م وهو لا يخاف في الشهادة لومة لائم

أواسط السبعينيات كان حيا صغيرا و كنت طفلا صغيرا ، أذهب مع أصحابي إلى محل والدهم هناك ، نحمل إليه ( مطبقية ) الغداء فيكافأنا بفرنكين لكل واحد ، نشتري بهما خسا  زاهيا من دكان الخضرة و نغسله من مضخة أحد آبار المزارع في طلعة المشهد . أتذكر ملامح الرجل الغامض الذي ذاع صيته ( أبو العمرين ) و اسمه سليم حيدر ، كان يخرج من بيته على حصان أشهب و يلبس اللباس العربي الفلكلوري المزركش ، شخصيته تشبه الممثل محمود مرسي - عتريس السينما المصرية - يتفرق الناس من طريقه و يزجون تحياتهم المضطربة له : على راسي خالي أبو العمرين

حي السكري ، آخر أحياء حلب في جنوبها الغربي ، يحده من الشرق خط القطار و منطقة الشيخ سعيد ، و غربا الأنصاري الشرقي و أطراف المشهد ، و بوابته الأوسع و الأهم هي من جهة جسر الحج - نقطة وداع و استقبال قوافل الحج قديما - و في السنوات الأخيرة توسع لحدود تل الزرازير و الراموسة الصناعية جنوبا ، و بات مكتظا بسكانه المحليين و المختلطين ، و مزدهرا بحركته التجارية الناشئة ! إنه حي شعبي بسيط و طيب و محافظ ، قدم - وقد حصحص الحق لديه - أروع أمثلة الوفاء و المؤازرة لأشقائه و شركائه على أرض الوطن المستيقظ ، و تحمل تبعات ذلك قصفا و نسفا و مذابح فاجرة لا ترعوي .. و من الطريف خروجه للتظاهر صبيحة عيد الفطر 1433 ه وسط أطلال عماراته المتهدمة

لقد استشهدت فيه عائلات بأكملها ، مثل أسرة الشهيد مصطفى زريق و زوجته فاطمة عرعور و ابنهما أحمد ، ذبحوهم كالأغنام داخل بيتهم . و كذلك الصيدلانية الشهيدة آسيا الباشا و أطفالها ، و العائلة التي قضت بالقذائف المجرمة ليلة 4 / 5 / 2012 م . و استشهد أطفال مثل أقراص العسل ، طارق عقيل و بدر الدين صادق و سواهما ، و كذلك عجائز كالعم سمير حمشو .. ناهيك عن عشرات الأحرار و الأبطال ، محمود كردية ، أحمد ستر ، محمد قصاب ، يحيى كسبو ، مهند عثمان ، أحمد حلاق ، حمود جرك ، منهل محمد ، عبد الهادي الشامي ، حسين مسطو ، أحمد محبك ، عمر موفق ، عمر دباك  و غيره و غيره ، و ما يزال قطار الشهادة سائرا

كنت أتمنى أن يكون مختار السكري ( عبد الفتاح توتنجي ) مع أبناء شعبه ، لا أن يأسره الجيش الحر في 19 / 8 / 2012 م بتهمة التشبيح ، ولا حول ولا قوة إلا بالله

ثورة السكري و السكاكر ، هي ثورة النور و العدل و الشرف والهوية ، أدخلت هذا الحي للتاريخ من أوسع أبوابه.