طريق المائة يوم يبدأ بخطوة

علاء الدين العرابي

علاء الدين العرابي

عضو رابطة الإسلام العالمية

[email protected]

في توقيت واحد خرجت علينا الفضائيات لتناقش منجزات الرئيس في المائة يوم قبل أن تنتهي ، واستضافت أبطال الفضائيات البارزين ، ومن بينهم بعض مرشحي الرئاسة السابقين يتقدمهم الزعيم الذي يلبس عباءة عبد الناصر ، وقد أخذ يقارن بين منجزات مرسي وبين منجزات عبد الناصر فقد حقق الحد الأدنى من الأجور وحقق الإصلاح الزراعي في مدة 45 يوم

وهذه مغالطة تاريخية فلم يحقق عبد الناصر شيئا في هذه المدة ، ولكنه أخذ عامين وهو يخطط في الإطاحة برئيس مصر الأول بعد ثورة يوليو وهو اللواء محمد نجيب ، ومحا اسمه من سجل رؤساء مصر ، وهذا هو المنجز الأول له بعد الثورة ، والمنجز الأهم من ذلك أنه كرس في مصر حكم العسكر ، وقد كان رأي محمد نجيب أن يعود الجيش إلى سكناته ولكن الثوار الأحرار كانوا قد ذاقوا حلاوة الكراسي ، فوزعوا التركة على أنفسهم وانتهى الأمر بمراكز القوى

ومع ذلك فنحن لا ننكر على عبد الناصر منجزاته ومنها السير في طريق العدالة الاجتماعية ولكن هذا لم يتحقق في 45 يوما ، وإلا من الإنصاف أن يسند هذا إلى محمد نجيب ، وبالرغم من ذلك فإن هذا المنجز عليه ملاحظات ، كما أن الاقتصاد الذي تسلمه عبد الناصر غير الاقتصاد الذي استلمه مرسي ، تقول التقارير أن مصر كانت دائنة لبريطانيا بمبلغ 400مليون جنيه استرليني

 المشكلة لدى من يلبسون عباءة عبد الناصر أنهم لا يرون فيه عيبا وكأنه منزه عن العيوب ، وقد بدأت الأسرار تتكشف لتنبئ عن وجود عيوب لا حصر لها ، وسوف يعاد كتابة التاريخ الحقيقي لهذه الفترة بعدما تحررت مصر من حكم العسكر ، غير أن ما يجب ألا نغفله أن خاتمة عهد عبد الناصر جاءت كارثية ، ويكفي أن الستار فد أغلق على نكسة 67 التي كانت خسائرها المالية حوالي 54 مليار جنيه ، وهذا يعني أنها أكلت كل انجازات تلك الفترة ، أما خسائرها المعنوية فأكبر بكثير من خسائرها المالية ، فهل يقر هؤلاء بهذه النهاية الكارثية

 القاسم المشترك بين هؤلاء أنك تقرأ في وجوههم نظرة الشماتة ، وأقول لهؤلاء : حنانيكم فليس بهذا تبنى الأوطان ؟ 00 وهناك فرق بين النقد البنَّاء والمعارضة الشريفة ، وبين الشماتة ، فالأولى عمل مشروع يتعلق بالتقويم ، طالما كان في حدود الخلاف الذي لا يفسد للود قضية ، أما الثاني فعمل غير مشروع فله علاقة بأمراض القلوب

 وإذا كان هؤلاء يتحلون بالشجاعة لقالوا أن أهم منجز أنجزه مرسي في المائة يوم هو أنه أنهى حكم العسكر ، وهذا إنجاز غير مسبوق ويستحق عليه الكثير من المدح ، ويكفيه هذا الإنجاز ، وهنا يجب أن نشيد بموقف أحد مرشحي الرئاسة السابقين وهو الدكتور أبو الفتوح الذي قد امتدح ذلك ، ومارس نقدا ولم يمارس حقدا ، وهذه هي الروح التي تبني الوطن

 على الجانب الآخر خرج تقرير مركز أبحاث مجلس الوزراء ليقول لنا أن هناك تحسن في الملفات الخمسة التي قطعها على نفسه الرئيس بدرجات متفاوتة أعلاها ملف الأمن وأدناها ملف الخبز

وأعتقد أنه في ظل الجو الذي يشيع في مصر الآن وهو جو ملغم بالكره وتصيد الأخطاء ، تصبح مهمة الرئيس صعبة ، فكيف يستقيم الأمر والداعين للهدم كثر ، وقديما قال الشاعر : متى يبلغ البنيان يوما تمامه 00 إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

 ولنا أن نسرد بعض معاول الهدم لنري حجم التحدي الذي نراه بارزا في المائة يوم :

-         إعلام يتصيد ويركز على الهنات ، يطلق الشائعات ، وينسج حولها الأكاذيب ويسوّقها للناس على أنها حقيقة

-         نخب سياسية تحارب في فضاء نكد ، ويغلب عليها الانتهازية ، والمكاسب الشخصية

-         وجود الكثير ممن يحاول إفشال المشروع الإسلامي أو الإخواني وهو جزء منه ، سواء من الداخل أو من الخارج ، ولنا أن نرى حجم الإضرابات التي قد يكون منها ما هو مسيس

علاوة على ذلك فإن أي تحسن يحدث في الملفات الخمسة يعتبر إنجازا كبيرا نظرا لأن التركة ثقيلة وتتطلب وقتا طويلا حتى نتقدم في تلك الملفات وغيرها بخطى واسعة ، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ، وقد بدأ السير وسيمضي بمشية الله.