نهى.. اغتصاب ووحشية

نهى ..فتاة لم تتعد الثامنة عشرة من عمرها، لم تعلم عن الحياة كثيراً سوى أنها تتلقى الأوامر من أهلها ويبينون لها الصح من الخطأ، نهى التي رفضت الحديث في البداية حتى تم إقناعها بأنه لن يعرض اسمها كاملاً حتى لا تتعرض إلى أي سوء هي أو من تبقى من أهلها بسورية والذين لم يستطيعوا الهرب إلى الأردن أوتركيا أو لبنـان. سردت قصتها قائلة بأنها كانت هذه السنة على أبواب الدراسة في جامعة دمشق؛ وتتذكر بأنه في ليلة 14 / 6 /2012 كانت برفقة عائلتها في البيت حينها سمعوا ضرباً على الباب وأصوات الدبابات، وعندما فتحت والدتها الباب لأن والدها قد استشهد قبل هذه الليلة بشهرين على أيدي جيش النظام، قاموا بالدخول إلى المنزل وتفتيشه بحثاً عن شباب من الجيش الحر أو أسلحة، وحينما لم يجدوا شيئاً اغتصبها اثنان منهم على مرأى من والدتها المسنة وأشقائها الصغار دون هوادة ورحمة.

واستكملت نهى حديثها وهي تبكي: «توسلت إليهم ورجوتهم دون رحمة، وبعدما انتهوا من اغتصابي ذهبوا وهم يضحكون، سلبوا شرفي، لم يرحموا توسلات أمي التي بدأت بتقبيل أٌقدامهم، ولم يشفع لي بكاء أشقائي. حينها قررت أمي الهروب من هذا الذل إلى الأردن بمساعدة من قبل الجيش الحر».

واستكملت والدة نهى الحديث قائلة: «يا ويلهم من الله، أين سيذهبون من الله، ما فعلوه بنا جريمة سينال مرتكبوها العقاب من رب السماء». وعن مغادرتهم لسوريا قالت والدة نهى: «خرجنا قبل حوالى شهرين من ريف حمص واتجهنا ليلاً بمساعدة من أفراد الجيش الحر حتى وصولنا إلى الحدود الأردنية، واستقبلنا الجيش الأردني بكل ترحيب وأدخلونا إلى مخيم الزعتري الذي لازلنا فيه».

أم أسـامة.. قتلوه أمام عيني

أم أسـامة سيدة في العقد الثالث من عمرها، هربت بملابسها فقط بعد أن قام الجيش الأسدي بقتل زوجها نصير الزريقات أمام عينها لرفضه منح بعض أفراد جيش النظام مصوغاتها الذهبية بعد أن اقتحموا المنزل بحجة البحث عن سلاح.  وتضيف: «وبعد أن قتلوه نحرًا بالسكين قاموا بتفتيش المنزل وأخذ كل ما فيه من مال وسلاح والخروج وهم يطؤون بأحذيتهم القذرة على جثة زوجي الذي أصبح بركة دم في ساحة المنزل.  وقام جيراني بنقلي إلى المشفى القريب بعدما أصابتني حالة هستريا.. وفي اليوم الثاني ذهبت لاستخراج تصريح دفن ورفضوا حتى كتبت إقراراً على نفسي واعترافاً رسميًا بأن من قتل زوجي هم أفراد الجيش الحر وليس الجيش النظامي، وأرغمت على كتابة هذا الاعتراف كي أتمكن وجيراني وأقاربي من دفن جثة زوجي رحمه الله».

واستطردت أم أسامة في حديثها: «وبعد تغسيل زوجي وتشييعه إلى المقبرة قام الجيش النظامي بإطلاق النار نحونا وهرب من كان يحمل النعش، ووقفت بمكاني صامدة بجوارالنعش حتى اقتربوا مني وقاموا بفتح النعش للتأكد من أن الموجود فيه جثة وليست أسلحة كما يزعمون، وحينما رأوا تصريح الدفن وأنه مكتوب بجانب اسم زوجي سني قاموا بركل النعش بأرجلهم وضربي وولوا ذاهبين، حينها أتاني.. وأنا في وسط الشارع.. رجال من أفراد الجيش الحر مجندين بأسلحتهم وقاموا بتشييع زوجي إلى المقبرة، ومن ثم عرضوا علي تأمين خروجي من سورية ونقلوني وابني أسامة إلى الأردن لأقيم في هذا المخيم أقاسي الأمرين؛ سوء المخيم من ناحية حرارة الجو وعدم توفر الأكل لي ولابني، وكذلك عدم وجود رعاية طبية».

أبو الوليد.. من القصور إلى ذل المخيمات

أبو الوليد مسن سوري من دير الزور يبلغ من العمر 84 عاماً، هرب بملابسه فقط بعد أن قتل أبنـاؤه الخمسة أمامه في هجوم شنه النظام الأسـدي على قريتـه، وعند تصدي أبنائه وأبناء القرية لهذا الهجوم الغاشم أسرهم جيش النظام مع من تم القبض عليه من أبناء القرية، وتم قتلهم بالرصاص الحي فوراً حتى أصبحت دماؤهم الطاهرة تجري كالنهر المتدفق في شوارع ديرالزور في منظر أغمي على من شاهده.

ويقول: «ولكن الشيء الذي يصبرني هو أنهم شهداء عند الله، وأسأله أن يجمعني بهم في يوم القيـامة، وكنت أتمنى أنني كنت من ضمن من تم أسرهم وقتلوني مع أبنائي، فلا حياة لي بدونهم»