الوزير أزهري

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

انتصر الشيوعيون وأشباههم من أهل الحظيرة ، واستطاعوا أن يرهبوا الحكومة لترفض كل المرشحين لمنصب وزير الثقافة بحجة أن بعضهم من أصل أخواني ، أو أن بعضهم يصلي ، مما اضطرها لاستدعاء الوزير السابق ليتولى الوزارة من جديد ، وتهدأ ثورة الشيوعيين وأشباههم ، ويطمئنوا إلى أن العزبة التي منحها لهم النظام الفاسد البائد ستبقى لهم إلى الأبد ، يفعلون بها ما يشاءون ، وينهبون منها ما يريدون ، فضلا  عن ممارسة مهمتهم غير المقدسة في محاربة الثقافة الإسلامية ، ونشر التغريب ، والدفاع عن الإباحية والإلحاد والصهيونية !

الوزير العائد إلى الوزارة أزهري النشأة ، حظائري الاتجاه ، لا يعنيه إلا مصلحته الخاصة ، لذا أعلن استقالته ليتفادى القيود القانونية على ترشيحه لجائزة الدولة التقديرية وقدرها مائتا ألف جنيه وميدالية ذهبية ، كان الرجل ذكيا لأنه كان يعلم أنه سيفوز بالجائزة لا محالة فالحظيرة تكرم أعضاءها في كل الأحوال ، ومن ناحية أخرى فقد كان يعرف أن الوزارة كلها ستستقيل بعد انتخاب رئيس مدني جديد ، فاستبق الأمر وقدم الاستقالة قبل أيام من استقالة حكومة الجنزوري كلها ، وفاز بالجائزة والميدالية ، ثم عاد إلى الوزارة !

تمنيت أن تلغى وزارة الثقافة إلى الأبد ، وأن تتوقف عجلة الفساد في واحدة من أشد الوزارات وأكثرها فسادا ، وكتبت عن ذلك مرات عديدة ، وقلت إن الثقافة لا تصنعها وزارة ، ولكن يصنعها أفراد موهوبون ، تشجعهم وزارت الحكومة كلها ، كل فيما يخصه ويعنيه ، وهو ما كان سائدا قبل سقوط النظام الملكي على يد عسكر يوليو 52، فقد قدمت هذه الفترة للأمة العربية والإسلامية مئات المثقفين الحقيقيين في شتى فروع المعرفة والأدب والعلم واللغة والقانون والفنون دون أن تكون هناك وزارة للثقافة ، ودون أن تكون هناك ميزانيات باهظة تنفق في الهواء ، ويسطو عليها الشيوعيون وأشباههم ، ودون أن يكون هناك مجلس أعلى للثقافة أو إدارة للتفرغ أو السينما أو الأوبرا أو قصور الثقافة أو هيئة الكتاب أو غيرها ...!

لم تتحقق الأمنية ، وبقيت الوزارة ، عدوّا مباشرا لثورة الشعب المصري ودينه وثقافته وأخلاقه ، ويسيطر عليها من يرفضون هوية الأمة وقيمها ، ويرتعون ويمرحون في أموال الشعب المسلم دون أن يهتز لهم جفن ، أو يختلج في صدورهم ضمير ! والدليل الحي هو قدرتهم على تعيين الوزير الذي يريدون !

بالطبع سيظل أمر الوزارة كما هو ، ولن يتغير شيء يشير إلى أن الوزارة وصلها خبر ثورة الشعب المصري في يناير 2011 ، التي أسقطت رأس النظام وحاكمتْه وحبستْه ، فما زالت الوزارة تعقد المؤتمرات المعادية لروح الأمة ، ومازال أعضاء الحظيرة يعلنون بكل صوت عال أنهم ضد أسلمة الأدب وتديين الفن ، ومازالت المجلات والصحف التي تصدرها الوزارة تُحرّر بمعرفة كوادر الحظيرة ونجومها ، والجوائز تمنح للعاملين عليها من الشيوعيين وأشباههم ، والوزير الأزهري لن يغير من الأمر شيئا .

لقد قال معاليه : إنه يعمل على وضع رؤية إستراتيجية طويلة الأجل، أقلها مدة خمس سنوات من أجل النهوض بقطاعات الوزارة فى مختلف مجالات الإبداع.

وأوضح معاليه : أنه بالرغم من انتهاء المرحلة الانتقالية، إلا أننا لسنا فى مرحلة تداعيات هذه الفترة قبل تسليم السلطة، فما زلنا نشهد العديد من المطالب الفئوية، وإن كانت من حق الموظفين، إلا أنها تعطل سير العمل، لكي تكون لدينا رؤية إستراتيجية حقيقية.

وأشار معاليه إلى أن الرؤية التي يعمل عليها تهدف إلى النهوض بالمسرح والسينما وأكاديمية الفنون، وقصور الثقافة بشكلٍ خاص، لأنها هي القاطرة الحقيقية التي تنقل الثقافة إلى الكفور والنجوع، مضيفًا "من المؤكد أننا فى كل هذا سوف نكون بحاجة إلى قوى بشرية تؤدى هذه المهام، وتكون مؤهلة لهذا"، موضحا أن هناك كثيرا ممن أُلحقوا بالعمل الثقافي جاءوا بحثًا عن وظيفة، دون أن يكون لديهم أية خلفية ثقافية، ولهذا فسوف يتم العمل على إعادة التأهيل فى كثير من القطاعات التابعة للوزارة، لنستعيد دورنا الثقافي الوطني.

وهذا كلام إنشائي جميل يذكرنا ببعض قصص جحا عن الحمار الذي أراد له الملك أن يتعلم الكلام  ، فوعد جحا الملك أن يقوم بالمهمة ، وأن يتم ذلك بعد عشرين عاما ، وعندما سئل جحا لماذا اشترط هذه المدة الطويلة لتعليم الحمار ؟ قال : في العشرين عاما ؛ إما أن يموت الملك أو يموت الحمار أو أموت أنا .. وهكذا يطرح الوزير خطة إستراتيجية لمدة خمسة أعوام تتغير فيها الحكومة أو النظام أو الدنيا .. وكفى الله المؤمنين القتال .

سيادة الوزير ألقى الكرة في ملعب الموظفين الصغار الباحثين عن الرزق وغير المؤهلين ، ونسي رفاق الحظيرة الذين يأكلون الجاتوه ، مع أنهم وفقا لنظريتهم الذابلة من الكادحين وأنصار الفقراء . هو لن يستطيع مواجهتهم لأنهم أقوى منه ، وهو مدين لهم بأشياء أهمها منصبه الذي استمر فيه ومناصبه السابقة ، والجائزة التقديرية التي حصل عليها ، ولذا فهو لن يحدث تغييرا لا ترضاه الحظيرة ، ثم إنه يدرك أن الحكومة الحالية سوف تتغير بعد الدستور والانتخابات التشريعية المنتظرة ، وتشكيل حكومة جديدة وفقا للمعطيات الدستورية الجديدة . والأمر بالنسبة للوزير بسيط للغاية ، ويمكنه أن يضع رجليه في ماء فاتر!

المفارقة أن موظفي وزارة الثقافة فى أول يوم عمل لـلوزير؛ اتهموه  بالهروب من المسئولية و، وقدّموا مذكرة للدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، تضم أسماء عدد من موظفي الوزارة مطالبين بتولي المهندس عبد المنعم الصاوي مسئولية الوزارة.

وأيا كان الأمر، فالوزير باجتماعاته ، وكلامه عن توصيل الثقافة إلى الداخل والخارج ودعم العلاقات الثقافية مع دول العالم وغير ذلك من كلام إنشائي ، لا يقدم ولا يؤخر ، سيبقي الوزارة على ما هي علية من بؤس وفساد ونهب مستمر !

 متى تلغى وزارة الثقافة ، وينتهي زمن الحظيرة ؟ ها هو السؤال الذي ينبغي أن تجيب عليه حكومتنا الرشيدة ، وأهل الثورة العظيمة .