رسالة إلى بشار الأسد

الصديق بودوارة - كاتب ليبي

(1)

إلى بشار الأسد.. وقبل أن ينفد وقتك، وينتهي زمن الكلام، ويدق بابك زوار يريدونك ولا تريدهم، ويتكرر بحذافره مشهد القذافي محاطاً بثوارٍ طالما تفنن في تعذيبهم فعذبوه في نهاية المطاف.

(2)

إلى بشار الأسد.. وكي لا نفقد إحساسنا الحضاري كبشرٍ لا يليق بهم أن يهبطوا إلى درك التعامل بوحشيةٍ طالما شوهت أحداث تاريخنا القديم والحديث، دعها تمر هذه المرة من جانبك، افسح لها المجال يا رجل، كي لا تمر من فوقك وتدهس جسدك بسنابك خيلها الجامحة.

(3)

إلى بشار الأسد.. تمعن جيداً في الصورة، دع عنك تقارير مخبريك وأكاذيب رؤساء نقاطك الأمنية، وتطمينات عناصر أمنك الشخصي، اطرح جانباً هذه الأساطير وتمعن جيداً في الصورة، وستعلم أن هذا هو الوقت المناسب لتترك السفينة التي غرقت بك، لأنك إن تأخرت الآن فلن يفيدك أن تندم بعد ذلك.

(4)

إلى بشار الأسد.. أخاطبك من ليبيا، حيث علمني زمنُ بها أن من يزرع الرصاص في صدور الناس لن يجني في النهاية إلا رصاصة في صدره، وأن من يتفنن في تعذيب البشر، لن ينال في آخر الحكاية سوى أن يعذبه ضحاياه.

(5)

إلى بشار الأسد.. تمعن جيداً في الصورة، أشهرا طويلة وشبيحتك تقتل وتسحل وتقلع أظافر الناس وتفقأ عيون وطن أراد أن يبصر الدنيا بدونك، أشهرا طويلة وصراخ الضحايا يملأ الكون، وبعد هذه الأشهر نبت للضحايا واقع جديد، صرت تسمع من عناصرك عن كيان لم تكن تسمع به قبل ذلك، كيان اسمه "الجيش الحر"، أراد مخبروك وزبانيتك أن يطمئنوا قلبك قليلاً فاسموه على سبيل السخرية "الجيش الكر"! لا تضحك، ولا تسعد، ولا تبتهج، قبلك فعلها القذافي وابتسم وهو يستمع إلى أزلامه ومذيعيه المسخرة، وهم يسمون المجلس الانتقالي بالمجلس "الانتقامي"، وثوار ليبيا الأبرار بثوار "النيتو"، لكن الحق في العادة لا يضيعه السفلة، والتاريخ لا يصنعه عناصر الشبيحة ولا المذيعون المسخرة.

(6)

بشار الأسد.. من ليبيا أخاطبك، تمعن في الصورة، كنت تعربد وتزأر "باعتبارك الأسد" في الضواحي، وفى مدن الحدود، وكانت دمشق مكممةً تنام في ظلك ولا تنطق بحرف، والآن يا بشار!! هل اختلف الوضع؟ ها أنت تستقبل خبر تفجير دمشق، وتدفن بيديك جثث كبار رجالك الذين ذهبوا إلى الجحيم وهم يجتمعون على بعد 200 متر من قصرك الرئاسي، وها أنت تشاهد على الفضائيات ثواراً من جمر يمزقون صورتك على معابرك الحدودية هنا وهناك، وها أنت تتابع أخباراً مريبة عن أحياء محررة، وعن مدن تحت سيطرة الجيش الحر، فيما يواصل إعلامك حقنك بمخدر الكذب لعلك تستغرق في المزيد من نومك أكثر، وأنت الذي تحتاج إلى اليقظة أكثر من كل البشر.

(7)

إلى بشار الأسد.. لعلها الفرصة الأخيرة، انتهى زمنك، سيتخلى عنك أنصار الوهم، صدقني، ستطفأ الأنوار فجأة، وستجد نفسك في نهاية المطاف لعبةً رخيصة في يد ثوار من ذهب، يتقاذفونك بينهم كالكرة، يضربونك، يشجون رأسك، يرسمون بدمك خطوطاً تشوه معالم وجهك، ينتقمون لأرواح أزهقتَها، وحرائر اغتصبها شبيحتك، وأطفال مزق رصاصك أجسادهم، عندها، ربما سيمر ببالك هذا المقال، ولكن، لا وقت لديك للقراءة آنذاك!!.

"العرب أونلاين" اللندنية 25/7/2012