رسائلُ طَمْأنَةٍ، و عِتَاب إلى أبناء الطائفة العلوية

رسائلُ طَمْأنَةٍ،

وعِتَاب إلى أبناء الطائفة العلوية

محمد عبد الرازق

 عند الوقوف على مفردات خطة ( عنان ) التي تتباحث حولها ( مجموعة العمل حول سورية )، اليوم َفي جنيف؛ نرى أن نقاط الخلاف فيها بين ( روسيا، و الصين ) من جهة، و بين ( الأمم المتحدة، و الجامعة العربية، و المجموعة الأوروبية، و الولايات المتحدة، و بعض دول الجوار ) تدور حول ( شخص الأسد، و ثلته الفاسدة )؛ حيث تتمسك به هاتان الدولتان؛ تحقيقًا لمصالحهما التي ستمرر من خلاله في المنطقة.

 و خير دليل على ذلك أنهما ( بل روسيا تحديدًا ) تعرف من خلال تقارير خبرائها الميدانيين أنه لم يعد قادرًا على الحسم ( أمنيًّا، و عسكريًّا )، و هو الحل الذي شجعته عليه هي في الزيارة ( الفلكلورية ) لـ (لافروف، و رئيس جهاز المخابرات ) قبيل الهجوم على ( بابا عمرو ) فقد حمل ( الأخير منهما ) في حينها خرائط الأقمار الصناعية الروسية عن تحركات ( الجيش الحر )كما أشارت إلى ذلك وكالات الأنباء.

 و ضمن هذا السياق يمكن تفسير الحملة ( المحمومة ) للروس لتزويد ( الأسد ) بشحنة المروحيات التي يحتالون في إيصالها إليه، و كان آخر ما ذكر أنها ستنقل ( جوًّا )، علمًا أن الصور الملتقطة من قبل الناشطين تظهر أن هناك جزءًا من هذه الصفقة قد وصل، و استخدمته قوات ( الأسد ) في التصدي للحراك الشعبي، هذا فضلاً على رغبتهم في الاستحواذ على ( أطنان من احتياطي ذهب البنك المركزي التي هربت إلى روسيا، مع ستة مليارات دولار )؛ تمهيدًا لخطة الهروب التي قد يُضطر إليها ( صاحبهم ).

 و في هذا السياق أيضًا تتحدث التقارير عن البحث في البدائل المحتملة لكلٍّ من ( إيران، و حزب الله ) خلفًا لـ ( الأسد ) بناء على المعطيات المتوفرة لديهم عن عجزه في الاستمرار في الحكم؛ و مع ذلك فهم مازالوا يُغرونه في المضي في اجتياح المدن، و القيام بالمزيد من المجازر، و التنكيل بأبناء سورية، الذين هم رعايا دولته، و ليسوا رعايا دولة أخرى. فمن أين سيأتي بشعب غيره ليمارس عليه سلطته التي يحلم ببقائها بعد أن دمر بلدهم؛ جريًا وراء أطماعه في حكمها إلى ( الأبد ).

 هل يعقل أن يقوم حاكم بإبادة شعبه خدمة لمخططات الآخرين، كما يفعل ( الأسد )، مخلِّفًا وراءه سيلاً من الآلام و الأحقاد، و الإحن و الضغائن تجاه طائفته، التي يصعب على من يدفعه إلى الهاوية أن يمنحهم حصانة من التبعات، و الأوزار التي حملوها بسبب حماقات صاحبهم ( بشار ).

 و ها هو التاريخ ( القريب منه، و البعيد ) يشهد لنا بصدق ما نقول، لقد ذهب ( صدام )، و من بعده ( بن علي، و القذافي، و علي صالح ) فهل منحوا أتباعهم حصانة من بعدهم، أم تركوهم لقدرهم؛ إحسانًا بإحسان، و قصاصًا بقصاص.

 أبناءنا، و إخواننا من ( الطائفة العلوية ) مالذي تنتظرونه حتى تحسموا أمركم، و تتركوا ( الأسد ) و شأنه، هل هانت عليكم طائفتكم فلم تعودوا تأبهون لشأنها ( حاضرًا، و مستقبلاً )، ألا ترون ميزان القوة قد مال لصالح الحراك الشعبي الذي ما عاد يأبه، و يخشى ( الأسد ) و قوته؛ فهو قد حزم أمره، و خرج في ثورة شعبية لن يعود منها إلاَّ باستعادة حقوقه، و امتلاك حريته.

 ألا تودُّون في أن يكون لكم نصيب من مستقبل ( سورية الشعب )، بعيدًا عن ( آل الأسد )، هل يقبل عقلاؤكم أن ترهنوا قرار ( الطائفة ) لصالح قلة من ( العوائل الفاسدة ) منكم، هل فعل هذا أحدٌ من قبل، و لم يعض أصابعه ندمًا على كان منه، فَلْتجلسوا ساعةً من النهار، و تتفكَّروا في مستقبل أبنائكم بعد زوال ( الأسد ) عن المشهد السوري؛ هل سيصفحوا عنكم إذا ما وقفتم في الجانب الخطأ مرة أخرى.

 قد يكون لكم العذر قيل أن تتبينوا حقيقة ما يجري، أما و قد أرسل لكم إخوانكم من أبناء سورية الأحرار رسائل طمأنة أكثر من مرة، فهل لكم من عذر بعدها؟

 إن عتبنا عليكم كبير؛ رحمة بكم، و بمستقبل أبنائكم، فنحن ما عاد يرهبنا بطش ( شُذاذ آفاقكم ) فلقد عبرنا قنطرة الجسر نحو غد مشرق، و ما هي إلاَّ عشية و ضحاها؛ و نشمِّر ساعد الجِدِّ، و العمل لنعيد ما لسورية ( الشعب ) أَلَقَها، و مجدها التليد، اللذين أفسدهما ( آل الأسد ) في غفلة من الزمن.

 فحيهل بكم مع إخوة لكم في سورية ( الشعب )، ما زالوا يُأمِّلون خيرًا فيكم؛ فأنتم منهم، و هم منكم، خلقتم جميعكم فوق ثراها، و تفيأتم ظلالها، و من خيراتها غُذيتم، و من مائها ارتويتم؛ فهل هانت عليكم صُحبتكُم هذه.

(( و المَرؤُ يُسألُ عن صُحبةِ ساعة )).