الخوارج تاريخ وعقيدة 18

محمد فاروق الإمام

الخوارج تاريخ وعقيدة

الحلقة (18)

فرق الخوارج الكبرى

محمد فاروق الإمام

[email protected]

المُحكِمَة:

هم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين جرى التحكيم في صفين، واجتمعوا في حروراء، وكان رأسهم عبد الله بن الكواء، وعتاب بن الأعور، وعبد الله بن وهب الراسبي وعروة بن حدير، ويزيد بن أبي عاصم المحاربي، وحرقوص بن زهير البجلي المعروف "بذي الثدية". وكانوا يومئذ في اثني عشر ألف رجل، أهل صلاة وصيام.

وكان خروج المحكمة على أمرين:

الأول: بدعتهم في الإمامة، إذ جوزوا أن تكون الإمامة في غير قريش، وكل من نصبوه برأيهم وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل واجتناب الجور كان إماما، ومن خرج عليه يجب نصب القتال معه، وإن غير السيرة وعدل عن الحق وجب عزله أو قتله، وهم أشد الناس قولا بالقياس، وجوزوا أن لا يكون في العالم إمام أصلا، وإن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبدا أو حرا، أو نبطيا، أو قرشيا.

الثاني: أنهم قالوا: أخطأ علي في التحكيم، إذ حكم الرجال ولا حكم إلا لله، ولعنوا عليا - قاتلهم الله - وطعنوا في عثمان، وفي أصحاب الجمل وأصحاب صفين.

وقاتلهم علي بالنهروان قتالا شديدا، وما نجى منهم إلا ما دون العشرة - قتل فيها أحد كبار الخوارج وهو حرقوص بن زهير البجلي ولم يستشهد من أصحاب علي إلا أقل من عشرة وانهزم من الخوارج اثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى تل مورن باليمن، وظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع.

وممن نجى من النهروان عروة بن حدير الذي كان أول من قال: لا حكم إلا لله.

وأول من بويع من الخوارج بالإمامة عبد الله بن وهب الراسبي في منزل زيد بن الحصين، بايعه عبد الله بن الكواء، وعروة بن حدير، ويزيد بن عاصم المحاربي.

وتبرأ الراسبي من الحكمين، وممن رضي بقولهما وصوب أمرهما. وكفّر عليا - قاتله الله - وقال: إن عليا ترك حكم الله وحكم الرجال.

وقيل إن أول من تلفظ بهذا الشعار رجل من بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم، يقال له الحجاج بن عبيد الله الملقب بالبرك.

ويقال إن أول سيف سل من سيوف الخوارج سيف عروة بن حدير.

وهكذا نجد أن المحكّمة كفروا عليا وعثمان، وأصحاب الجمل، ومعاوية وأصحابه، والحكمين رضي الله عنهم أجمعين، وكفروا من رضي بالتحكيم، وكفروا كل ذي ذنب ومعصية.

وخرج على علي رضي الله عنه جماعة كانوا على رأي المحكمة الأولى، منهم أشرس بن عوف، وكان خروجه بالأنبار، وغفلة التميمي، وكان خروجه بماسبذان، والأشهب بن بشر العرني، خرج عليه بجرجاريا. وسعد بن قفل، خرج عليه بالمدائن. وأبو مريم السعدي، خرج عليه في سواد الكوفة. وقتل علي كل هؤلاء الخارجيين.

أيضا في عهد معاوية رضي الله عنه خرج عليه من المحكمة بعض الخوارج وكان منهم: عبد الله بن جوشا الطائي، وخرج بالنخيلة من سواد الكوفة فقتله أهل الكوفة. ثم خرج عليه حوثرة بن وداع الأسدي، ثم خرج فروة بن نوفل الأشجعي، والمستورد بن علفة التميمي على المغيرة بن شعبة - والي الكوفة لمعاوية - فقتلا في حربه، ثم خرج معاذ بن جرير على المغيرة أيضا وقتل. ثم خرج زياد بن خراش العجلي على زياد بن أبيه - والي العراق لمعاوية - فقتل. وخرج قريب بن مرة على عبيد الله بن زياد، كما خرج عليه أيضا زحاف بن زحر الطائي، وقتلوا جميعا.

الأزارقة:

لم تكن للخوارج قط فرقة أكثر عدداً ولا أشد منهم شوكة، وسموا بالأزارقة نسبة إلى إمامهم نافع بن الأزرق، وهم الذين خرجوا معه من البصرة إلى الأهواز، فقهروا أهلها، وبسطوا نفوذهم على كورها، وما وراءها من بلدان فارس وكرمان في أيام عبد الله بن الزبير، وقتلوا عماله في تلك النواحي.

وكان مع نافع من أعيان الخوارج: عطية بن الأسود الحنفي، وعبد الله بن الماحوز، وأخواه عثمان والزبير، وعمرو بن عمير العنبري، وقطري بن الفجاءة المازني، وعبيدة بن هلال اليشكري، وأخوه محرز بن هلال اليشكري، وعبد ربه الصغير. وكان معهم ثلاثون فارسا ممن يرى رأيهم، وينخرط في سلكهم.