رسالة التربيع والتكوير (2)

رسالة التربيع والتكوير (2)

محمد فريد الرياحي

[email protected]

لا تحسبن يا أحمد بن عبد الوهاب أنك غفل نكرة من حيث عرف غيرك من الأفذاذ بأداة التعريف أولا، وبالحالية ثانيا، وقد عرفوا من قبل حين خروجهم من بطون أمهاتهم بالعلمية، لست مجهولا ولا منكرا، فإنك أنت أنت المعروف بنعوتك وصفاتك، بين أقرانك ولداتك، وما أكثرهم حين تعدهم في المجامع، فإذا أزفت الآزفة، لم تجدهم في المعامع، ووجدتهم في مأمن من جحورهم، وسراديبهم التي ألفوها وألفتهم في الارتكاس والانتكاس. لست مغمورا ولا مطمورا، فقد كتب عنك الجاحظ، وهو ما هو في العلم، تبيانا لفضائلك، أستغفر الله بل لفضلاتك التي كثرت فهي محسوبة معدودة في قاموس التلوث النفسي والفكري والسلوكي. ولقد عرف الجاحظ بل عرف الجاحظ نفسه، وأظنك تعلم هذا، بأنه الرجل الذي لا يستحي من ذكر العورات، واقتحام ما يغفل عن ذكره، من هم دونه معرفة وعلما وفضلا، بل ما يتغافل عن أمره نفاقا وإشفاقا من التبعات،من لو عجنوا وخبزوا ألف مرة ما أعطوا من طينتهم قلامة ظفر من أظفاره. رحم الله الجاحظ فقد رأى كل شيء، وخبر كل شيء، من حيث عميت أبصار التافهين عن كل شيء، وأظلمت بصائرهم، فلم تدرك شيئا. لا تظنن أنك غمر لا يعرفك أحد، ولا يلتفت إليك أحد، فأنت أنت بخبث طويتك، ودناءة خلقك، والتواء نفسك، قد بدت البغضاء من فيك،وما يخفي صدرك أكبر، وظهر نفاقك في المشرقين والمغربين، فأنت حين اللقاء بالكرام مقر بالفضل لهم، جاهر بما لهم من الفكر والذكر، فإذا خلوت إلى شياطينك، انقلبت على عقبيك، فأكلت لحومهم، وشربت دماءهم، وسلقتهم بلسان حديد، فإذا لقيتهم كرة أخرى، وأنت حريص على لقائهم، لما في هذا اللقاء من الإشباع لانتهازيتك المريضة،ووصوليتك المقيتة، عدت إلى مدحهم، والثناء عليهم، بغير حساب، غير أن ما في ذاتك من الاعوجاج والارتجاح، يفضحك فلا تغيب غمزاتك ولمزاتك عن العين البصيرة، ولا يعزب كذبك وخداعك على من يعرفك ويعرف أشكالك وأمثالك، من المنخورين والموتورين والمقهورين الذين يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو، فاحذر يا أحمد بن عبد الوهاب ما أنت فيه من السلوك المردود، فإنه مؤد بك، إن لبثت فيه، إلى أن تكون شيطانا أو تكون من الهالكين.احذر أن يصيبك مما أنت فيه من الجبن والكذب والنفاق والخبث والهمز واللمز، مسخ في الدنيا، وخزي وندامة في الآخرة. احذر أن ياتيك العذاب من تحت رجليك،فإنه إذ يأتيك، وأنت مصر على ما فعلت، تتقطع بك الأسباب، فلا تشفع لك الأرباب،أو أمنت مكر الله، أو أمنت أن يأتيك هذا المكر وأنت غاد مبكر،أو رائح مهجر؟ فارتقب إذن سوء الخاتمة.