أيام قليلة وتشرق شمس مصر المستقبل

أيام قليلة وتشرق شمس مصر المستقبل

بدر محمد بدر

[email protected]

تتلاحق الأحداث والأزمات والمواقف من حولنا بشكل سريع ومباغت، في هذه المرحلة التاريخية العصيبة، وفي هذه الأيام القليلة المتبقية من الفترة الانتقالية، والتي تمر علينا ثقيلة وبطيئة ومملة، هذا التسارع يجعل من الصعب على الخبير والسياسي متابعة الأحداث وتفسيرها، وبيان خلفياتها ونتائجها، فما بالنا بالإنسان العادي البسيط، الذي لا يكاد يكون رأيا في موضوع إلا وسرعان ما يأتي حدث أو قرار أو موقف يعيد إرباكه من جديد.

وما بين كتابة هذا المقال وموعد نشره، تتغير باستمرار الخريطة السياسية، وتطفو على السطح قضايا جديدة، بينما تتراجع أخرى إلى مرتبة ثانية أو ثالثة، فهناك مثلا موقف المرشحين العشرة المستبعدين، هل يعود بعضهم إلى حلبة السباق من جديد أم لا، وهل يقرر بعض المرشحين الحاليين التخلي عن المنافسة أم لا، وما هو الجديد في أزمة لجنة إعداد الدستور، وهل يقبل البرلمان المنتخب بإقصاء أعضائه منها، وماذا عن سحب الثقة من حكومة د. الجنزوري، وغيرها من أمور. 

هناك مواقف وترتيبات وخيارات لدى الأفراد والجماعات والأحزاب والقوى السياسية، ومن الطبيعي أن تتغير هذه المواقف مع تطورات الأحداث، وما كان صائبا اليوم ربما يكون خاطئا في الغد، فمن يقف خلف مرشح بعينه، ثم رأى أنه أصبح خارج السباق، من الطبيعي أن يذهب إلى الأقرب من فكره ورؤيته ومنهجه، وعلينا أن ندرك أننا قادرون، بعون الله وفضله، على تحقيق أحلامنا وأمالنا وطموحاتنا ولو بعد حين، ولا نيأس أبدا، مهما اشتدت الأزمات والمعوقات.       

كنت أتمنى أن يخوض اللواء عمر سليمان (نائب المخلوع وأحد أركان النظام الفاسد) سباق انتخابات الرئاسة، التي شارك في حرمان الشعب منها طويلا، كي يكتشف حجمه الطبيعي، ومدى كراهية الناس لما يمثله، وكيف أن ثورة يناير نجحت بامتياز في إيقاظ وعي الأمة، والكشف عن أصالتها وعراقتها، وكيف أن الشعب المصري ليس هو قطيع الخراف الذي يحلم بأن يحكمه بعد الثورة، كنت أتمنى أن يلقن الشعب الحر، هذا الرجل وأمثاله، درسا لا ينساه في أصول الحكم.

ولكن من الواضح أن حجم المخاوف والقلق وضعف الثقة بين القوى والتيارات الإسلامية من جانب، وبين المجلس العسكري والتيارات اليسارية والعلمانية من جانب آخر، في أعلى حالاته الآن، وبالتالي يتخوف الكثيرون من إمكانية تزوير الانتخابات الرئاسية بصورة تنجح في تغيير النتائج، خصوصا في ظل تحصين الانتخابات من إمكانية الطعن عليها، وهو ما دفع مجلس الشعب إلى إصدار تشريع يمنع فلول النظام السابق من الترشح للانتخابات، خوفا من إمكانية حدوث التزوير.

ولا أتصور أن مسئولا عاقلا وواعيا يفكر، مجرد تفكير، في إمكانية تزوير الانتخابات، ناهيك عن أن يقدم عليه بعد ثورة يناير العظيمة، وبعد أن تذوق الشعب المصري حلاوة أن يدلي بصوته في انتخابات نزيهة، يشعر فيها بجدوى المشاركة وأهمية التصويت الحر، لا يمكن أن يسمح هذا الشعب بالتزوير مرة أخرى، ولا أتوقع حدوثه في المستقبل بأي نسبة، حتى ولو كانت واحد في المائة، رغم هذا الجو الضبابي الغامض، وهذا القلق الذي نعيشه، ولكنها الثقة المفقودة.

أمامنا بمشيئة الله شهران فقط، ويكون لدينا رئيس جمهورية اختاره الشعب المصري الحر لقيادته في المرحلة المقبلة، ويختار هذا الرئيس الجديد حكومة تحظى بثقة البرلمان، وتعمل تحت رقابته ومحاسبته، ويكون لنا أيضا دستور يعلي من قيمة الإنسان، ويؤكد على الحقوق والواجبات، ويصنع لنا خارطة طريق نحو نهضة مصر، وبالتالي تكتمل مؤسساتنا الديمقراطية، ونصنع مستقبل بلادنا بسواعدنا الحرة.