احذر.. الإعلام يرجع للخلف

علاء الدين العرابي

احذر.. الإعلام يرجع للخلف

علاء الدين العرابي

عضو رابطة الإسلام العالمية

[email protected]

 ونحن نبحث عن الطرف الخفي الذي يقوم بدور الثورة المضادة نركز بحثنا دائما على البعيد غير المنظور ، ولو ركزنا قليلا لوجدناه أمام أعيننا ظاهر جلي ، وقد لا يكون طرفا واحدا بل عدة أطراف ، أو قد يكون طرفا واحدا يحرك منظومة متكاملة

 الإعلام في تصوري هو أحد هذه الأطراف ، أو هو أحد أهم أركان منظومة الثورة المضادة ، وأنا لا أدعي ذلك ولا أفترض مجرد افتراضات نظرية ولكنني أقرر حقيقة من واقع تحليل منطقي لأداء الإعلام

 وأسوق دليلا قريبا وهو موقف الإعلام من قضية ترشيح عمر سليمان أحد أركان النظام السابق ، لاحظنا أن بعض وسائل الإعلام تهلل ، وبعضها يسكت ، والبعض الآخر يكتفي بالإشارة دون الهجوم ، وكل هذه المواقف أقل ما يقال عنها أنها مواقف متخاذلة جراء حدث جلل ، فما معنى أن يرشح أحد أعمدة نظام ثار عليه الشعب نفسه بدعوى تحقيق الاستقرار؟ لا أرى تفسيرا لهذا الموقف غير ما أقوله وهو أن الإعلام طرف أصيل في الثورة المضادة

 ويعمق هذا الطرح أيضا أننا وجدنا ذات الإعلام يقيم الدنيا ولا يقعدها على إثر ترشيح مرشح الإخوان خيرت الشاطر ، وجدناه وكأنه عثر على سلاح كان ينتظره ليفش غله في تيار الإخوان ، ويتهم هذا التيار بجملة اتهامات منها نقض العهد ، وسرقة الثورة وخيانتها ، والاستحواذ أو التكويش ، ومنها أن الحزب الوطني بعث من جديد في صورة الإخوان إلى غير ذلك ، بل ويتخذ من ذلك وسيلة غير مباشرة للنيل من هذا التيار بإشاعة أنه قد تراجعت مصداقيته في الشارع

 وأذكر في هذا السياق أن الفضائيات تلقفت موقف أحد أعضاء الإخوان الذي اعترض على ترشيح الشاطر وأعلن استقالته على الهواء رأيت هذا العضو لا يكاد ينتهي من مقابلة حتى يدخل في أخرى ، وقد أجرى في ليلة واحدة عدة لقاءات

 ولو راجعنا طرح الإعلام في جملته وحللنا مواده وممارساته لاتضح لنا أن هذا الإعلام في جملته يكرس كل آلته ضد التيار الإسلامي بوجه عام وتيار الإخوان بشكل أخص ، وهذا ما يؤكد أنه يقود الثورة المضادة وأنه يرجع للخلف لأن الماضي كان يشحذ كل قوته وإمكاناته لإقصاء التيار الإسلامي ويتخذ من الإعلام سلاح قوى لتقديم هذا التيار أمام الجميع على أنه الخطر الداهم الذي يهدد الداخل والخارج

 وفيما يلي بعض الملاحظات التي تؤيد ما أسعى إلى توضيحه :

-         الملاحظة الأولى : أن الإعلام يدور في فلك أشخاص بعينهم وكأن مصر قد خلت من المفكرين أو المنظرين الذين يستطيعون تقديم أنفسهم ويعبرون عن وجهة نظر أخرى

-         الملاحظة الثانية : أن الإعلام يتبنى رؤية أحادية في مخطط ظاهر للعيان ، هذا المخطط هو محاربة التيار الإسلامي ومنعه بكل قوة أن يمارس حقه أو أن يصل للحكم وذلك بالسعي إلى تشويه صورته ، وتسويقه للشعب وللخارج على أنه الصورة القبيحة

-         الملاحظة الثالثة : أن الإعلام لا يركز إلا على سقطات أو أخطاء أفراد ينتمون إلى التيار الإسلامي ، فهو يتلقف كلمة من هنا أو هناك ويخرجها عن سياقها ، أو يحملها ما لا تحتمل ، ويضعها تحت المجهر وينفخ فيها حتى تصير كبيرة ، ومن ثم يحولها إلى خطيئة كبرى

-         الملاحظة الرابعة : أن الأيدلوجية التي يتبناها الإعلام في جملته تكاد تكون واحدة ، وتعكس رؤية فرد أو أفراد يديرون هذه المؤسسة الإعلامية أو تلك ، وجدنا مثلا أن رئيس تحرير جريدة ما - حتى ولو كانت مملوكة للدولة - يتبنى رؤيته ويفرضها على صفحات جريدته ، وهنا أسأل هل يجوز لرئيس جريدة قومية مثلا أن يتبنى الفكر السياسي الليبرالي ويصبغ الجريدة بصبغته ، أم أن هذه الجريدة من المفترض أن تتسع للجميع ؟

 وعلى الجملة فيمكنني أن أقول أن قضية الإعلام الوحيدة في هذه اللحظة التاريخية الخطيرة هي معاداة التيار الإسلامي وليست قضيته الثورة وتحقيق أهدافها ، وشعاره في ذلك أن كل شيء جائز إلا أن يقود هذا التيار مصر ؛ حتى ولو كان في يده مشروعا حقيقيا لنهضة مصر ، يضاف إلى ذلك أن الإعلام وككل أجهزة الدولة لم يتم تطهيره ، فلا يزال يدار في غالبه من رموز النظام السابق ، أو على الأقل يمارس نفس أفكاره بنفس الوجوه والأفكار

 أليست هذه ثورة مضادة ؟ 00 أليس هذا رجوعا للخلف ؟