علماء ألوان الطيف السبعة

علماء ألوان الطيف السبعة

البراء كحيل

[email protected]

قيل فيما مضى "احذر عدوك مرّة وصديقك ألف مرّة" وذلك لأنّ العدو ظاهر العداء لا ينكرعداءه , أمّا الصديق فإن كان يُضمر شيئاً في قلبه عليك فلن تعلم به وسيكيد لك بالخفاء .

فكيف إنْ كان ذلك الصديق هو شيخٌ معتبر "امامٌ أو خطيب" فهو صاحب تأثيرٍ كبيرٍ على العباد والخلق فيمكنه أنْ يؤثِّر في المجتمعات أيما تأثير .

وقد علم السلطان الجائر الظالم في كلّ زمانٍ أنّ لأرباب المناصب الدينية التأثير الأكبر على الخلق فقرّبهم منه وضمن ولاءهم حتى نال بذلك رضا الشعب أو بمعنى أخر ضمن عدم قيام الشعب ضدّه لأنّ مفاتيح قلوب الشعب بيد أولئك الذين يسمّون أنفسهم "خدّام الربّ " ..

وللأسف فقد ابتلانا الله في بلاد الشام خاصَّة وفي أغلب البلاد العربية عامّة بعلماء يُطلق عليهم "علماء السلطان" فهم يسبّحون ويمجدّون بحمد الحاكم ليل نهار , استطاع الحاكم ضمّهم إلى صفّه وعلم الأثر الكبير لهم على النّاس وفعلاً استطاع هؤلاء العلماء أن يسيطروا على الشعوب ويحصروا الدين والمسجد بالموالد والمراسم والاحتفالات وربّوا أتباعهم على كلمة "نعم" في كلّ شيء وحرّموا عليهم كلمة "لا" حتى ولو لمجنّدٍ لا قيمة له في الجيش فكيف لحاكم البلاد ؟؟

فتربّى على ذلك جيلٌ خانعٌ خاشعٌ لا يجرؤ على الوقوف في وجه الظلم يخاف حتى من نفسه . عديم الشخصية لاقيمة له مسلوب الإرادة لا يملك أن يتصرف حتى في أمر زواجه وطلاقه دون الرجوع إلى شيخه أو أستاذه , وذلك لأنّ قلبه بيد ذلك الشيخ الذي ملكه بإسم الدين والدين منه براء .

وهؤلاء العلماء لا يسيرون إلاّ وراء مصالحهم الشخصية الدنيئة الدنيوية دون النظر إلى ما يقعون فيه من تحريم الحلال وتحليل الحرام , باعوا الآخرة لأجل الدنيا وقاموا بليّ عنق أحكام الدين بما يتناسب مع مصالحهم ويضمن للحاكم الظالم الحفاظ على عرشه , فحصّلوا من وراء ذلك القصور والأبنية والأرصدة البنكية المهولة وعاشوا في نعيمٍ عظيم وفي رغدٍ من العيش لا يهتّمون لذلك الشعب المسكين الذي يذوق في كلّ يومٍ ألوان العذاب والمرّ والألم .

وهم أي علماء السلطان لا يملكون مبدأً أو عقيدة صافيةً نقية بل يسيرون وراء المصالح والأهواء وينظرون كيف يسير الركب فيسرون وراءه , فلو كان توجّه السلطان نحو التشيع لأصبح هؤلاءِ من أنصار الحسين رضي الله عنه وتتحول خطبهم ومجالسهم للتمجيد بأهل البيت والشتم والسب على من اعتدى عليهم وهو حقٌّ أريد به باطل , وتراهم يتحدثون عن أمجاد الخميني وعن ثورته العظيمة وينسون أو يتناسون حقّ بلادهم في مثل تلك الثورة التي تُطيح الحاكم بغير شرع الله وتتحوّل بالأمّة إلى اقامة الحكومة الشرعية التي تحفظ حقوق البلاد والعباد .

ولو كان خطّ سير السطان نحو التصوّف لأصبحوا زهاداً عباداً تدور محاور خطبهم ومجالسهم حول الجُنيد وابن عربي والجيلاني وابراهيم بن الأدهم رحمهم الله وهو كذلك حقّ أريد به باطل ويقيمون الموالد والأذكار التي تميز بها السّادة الصوفية . لا حُباً بالتصوف وأهله بل لأنّ توجه السلطان نحو ذلك .

ولو تغيّرت الأيام القادمة فأصبح مثلاً في بلاد الشام أو غيرها توجه السلطان الحاكم بعد نجاح الثورة توجهاً سلفياً لوجدت هؤلاء يقدّسون في مجالسهم ومحاضراتهم محمّد بن عبد الوهّاب ولا يستشهدون إلاّ بأقوال ابن تيمية ولتحوّل مذهبهم إلى مذهب امام السلفية ابن حنبل .

ولذلك إنّ أخشى ما أخشاه على هذه الثورات المباركة وأكثر ما أخافه هم علماء ومشايخ ألوان الطيف السبعة فهم يتلونون بألوانٍ تتوافق مع مصالحهم ومنافعهم وهم لعمري أخطر على الثورة من ذلك العدو الظاهر المُعْلنِ عداءه لتلك الثورات .

فكيف يمكنك أن تتعامل مع رجلٍ لا مبدأ له ولا عقيدة إلاّ مبدأ المصلحة وعقيدة المنفعة يُغير لونه حسب مصلحته غير آبهٍ بمصالح العباد والخلق , ويظهر لك بالمظهر الذي تريده ولا يُبدي لك العداء

وقد بدأ هؤلاء بعد علمهم بنجاح هذه الثورات المباركة بالتحوّل وادّعاء دعمهم لها ومناصرتهم لحقوق العباد ومصلحة البلاد والسؤال يا سادة , أين كنتم طيلة تلك السنين العجاف ؟؟ التي ذاق فيها الشعب جميع أصناف العذاب وقد كانت بيدكم قلوب العباد قبل أن تستيقظ تلك القلوب من غفلتها وتنهض في وجه الظلم لكي تقول "لا" لكلّ ظالم , تلك الكلمة التي حرَّمتموها عليهم لكنّ هؤلاء الثوّار الأبطال كانوا افقه منكم وأعلم فعلموا أنّها حلالٌ بل أنّها فريضةٌ يجب النطق بها في وجه كلّ ظالمٍ معتدٍ على حقوق الخلق .

واليوم تريدون أن تقطفوا ثمار الثورة المباركة بعد أن ذاق منكم كلّ ثائر كان يُفكّر بالثورة, ذاقَ الظلمَ والإعتداء فقد كانت أياديكم ملوّثة بكتابة تلك التقارير المرعبة عن الشباب الثوري , التي كنتم ترسلونها لأجهزة الأمن والمخابرات حتى يضيع ذلك المسكين في غياهيب تلك السجون أعواماً مديدة نتيجة تفكيره بتحريك البلاد نحو ثورة ينالون بها حرّيتهم وكرامتهم واليوم تريدون أن تقولوا لهم نحن سندكم وعونكم والحماة لظهوركم , يا سبحان الله كم تجيدون وتتقنون فنّ التلوّن والتغير ..

يا شباب الثورة حذار حذار أن تضيع ثورتكم بأن يخطفها أمثال هؤلاء "علماء ألوان الطيف السبعة " هذه ثورة قام بها الشباب البطل ضحّى وقدّم في سبيلها الغالي والثمين بل قدّم الروح والدم وكلّ ما يملك لأجل أن تنتصر ثمّ يأتي من كان يُسبّح ويمجّد بحمد السلطان الظالم لكي يرث هذه الثورة العظيمة , بل يجب أن تكون هناك ثورةٌ أخرى على أمثال هؤلاء , ولنعلم أنّ كلمة "لا" ليست محرمّةً بعد اليوم بل سنقولها في وجه أي ظالمٍ كائناً من كان , نقولها بأدبٍ ولطف لأننا أصحاب حق .

أمّا أنتم يا "علماء ألوان الطيف السبعة" فقد انتهى دوركم ولم يعد لكم ذلك المجد المقدّس الذي كنتم تملكون النّاس به , فإن تبتم عمّا كان منكم فيا مرحباً بكم في ثورة لا تُقصي أحداً لكن أن تقولوا أنّ لكم فضلاً في هذه الثورة فلا وألف لا !! .

ملاحظة: لا أعني بكلامي هنا علماء أهل السنّة فحسب بل أعني كلّ رجل دينٍ ناصر الحاكم الظالم سواء كان مسلماً سنياً أو شيعياً أو كان نصرانياً , فعمامة أحمد حسّون لا تختلف عن عمامة حسن نصر الله عن عمامة مار بشارة بطرس الراعي فهي عمامةٌ واحدة ناصرت الظالم على المظلوم وكانت عوناً له في الإعتداء على حقوق العباد ..

نصر الله ثورتنا المباركة وعصمها من "علماء ألوان الطيف السبعة ".