السادات والتمرد الطائفي 1

السادات والتمرد الطائفي !

(1 - 2)

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

هناك أكاذيب يردّدها مثقفو الحظيرة في كل مناسبة ، ويصدقها كثير من الناس بسبب الإلحاح عليها ونشرها في وسائط التعبير التي يهيمنون عليها ، ويملكون القدرة على تسخيرها بسرعة وسهولة شديدتين ، ومن هذه الأكاذيب أن الرئيس السادات - رحمه الله – هو صانع ما يسمى الفتنة الطائفية ونسميه التمرد الطائفي ، وذلك بسبب قوله : إنه رئيس مسلم لدولة مسلمة ، ولأنه قام بتحديد إقامة زعيم التمرد الطائفي في دير وادي النطرون عام 1981 ، وتحفظ على مجموعة من الأساقفة المتمردين مع جملة الآلاف الذي تحفظ عليهم ( اعتقلهم ) من المسلمين في الوقت نفسه .

لقد تولى الرئيس السادات الحكم بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في 29 من سبتمبر 1970 . كانت البلاد غارقة في عار الهزيمة العسكرية والحضارية المريرة ، وكان الغزاة النازيون اليهود على الضفة الشرقية لقناة السويس يغيظون المصريين بسلوكهم الإجرامي وهجمات الطيران المتكررة على قواعد الصواريخ والمواقع العسكرية التي يحاول المصريون بناءها والتمترس خلفها ، وكان الاقتصاد المصري في الحضيض بعد أن وجهت أغلب ميزانيته للتسليح وخدمة المجهود الحربي ، وكانت كاريزما الرئيس الراحل تسبب متاعب سياسية وعسكرية لخلفه الرئيس الجديد الذي افتقد الحضور المهيمن في وجدان قطاعات كثيرة من الشعب .. وكانت ضغوط المصريين من أجل المواجهة مع العدو وحسم الموقف الذي سمي باللاسلم واللاحرب هائلة على الرئيس الجديد وسلطته ، وكان موقف الاتحاد السوفياتي الذي يمثل الداعم الرئيس للجيش المصري بالسلاح والتدريب ملفوفا بالغموض والتباطؤ والشك ، وكانت هناك مطامع من رجال الرئيس السابق الذين استعان بهم السادات في استمرار السلطة عبرت عن نفسها في محاولات الانقلاب على الرئيس الجديد ، وانتزاع السلطة منه ..

في هذا الجو الملبد بالغيوم والضباب والخيبات المتنوعة ، تولي قيادة الكنيسة رئيسها الحالي في نوفمبر 1971م ، وقد جاء من جماعة الأمة القبطية مشبعا بأفكارها الانعزالية الإرهابية المعادية للإسلام والمسلمين ، الساعية إلى تحرير مصر ممن تسميهم بالبدو أو العرب الغزاة المسلمين الذين احتلوا مصر ،  وأخذوها من أهلها ( النصارى ) ، وكانت خطة الرئيس الجديد للكنيسة هي إظهار العين الحمراء للحكومة المصرية ، والتعبير عن فكر جماعة الأمة القبطية الإرهابية ببناء الكنائس ، وخاصة في الأماكن المهمة بمداخل المدن والطرق العامة والميادين في مسعى يهدف إلى تغيير هوية الوطن الإسلامية ، وإظهار مصر في صورة أخرى تنفي عنها إسلامها وعروبتها ..

وكان الصدام الأول أو الهجوم الأول في الخانكة حيث قام التمرد الطائفي بتحويل مقر اجتماعي إلى كنيسة ، وصحب ذلك استخدام العنف ضد السكان المسلمين في المنطقة ، وعندما تدخلت الدولة اشتعلت لأول مرة مظاهرة تضم مائة وسبعين راهبا ؛ اتجهت إلى الخانكة مصحوبة بتوصية من رئيس الكنيسة الجديد أن يواجهوا ما يجري بمنطق الشهادة ، وأن يعودوا سبعة عشر بدلا من مائة وسبعين !

ثم كانت أحداث الزاوية الحمراء ، واستخدم المتمردون السلاح الناري ضد المسلمين ، ومع أن السلطة كانت تحاول احتواء الأحداث ، وإغلاق الملف بترك المجرمين من المتمردين طلقاء دون مؤاخذة ، والاكتفاء بما يسمى لجان تقصي الحقائق ، والموافقة الضمنية على إقامة الكنيسة غير القانونية ، وسيادة سياسة الأمر الواقع ، فلم يتوقف المتمردون عن التحرش بالدولة وبالمسلمين ، واستمر الأمر وفق هذا المنوال على مدى أربعين عاما ، حيث أقيمت في عهد مبارك وحده أكثر من ثلاثة آلاف ومائة كنيسة ، في حين أن كنائس مصر منذ الفتح الإسلامي حتى يوم تولي مبارك لم تزد عن خمسمائة كنيسة !

ثم كان التطبيق العملي للوثيقة التي تمخض عنها الاجتماع الكنسي بالإسكندرية عام 1972 ، وكان من أبرز عناصرها العمل على مضاعفة أعداد النصارى بكل الوسائل حتى يتساوى السكان من المسلمين والنصارى ، لتحقيق غايات متعددة سبق أن أشرت إليها في موضع آخر ، ونشرها الشيخ الغزالي في كتابه قذائف الحق .