سوريا.. ثورة شعبيّة أم صراع طائفي

صلاح حميدة

[email protected]

يتساءل الكثيرون عن ماهيّة وجهة الثّورة الشّعبيّة السّوريّة، حيث يلاحظ بعض المحلّلين أنّ  النّظام وحلفاءه يحاولون تصويرالثّورة على أنّها طائفيّة سنّيّة ضد حكم علوي، وبالتّالي يعملون على تجنيد غالبيّة العلويين وبعض الطّوائف الأخرى لصالح الحرب ضدّ الثّورة الشّعبيّة على  الفساد والاستبداد، بالإضافة إلى تجنيد أطراف طائفية من إيران والعراق ولبنان وغيرها لصالح دعم قمعه لشعبه.

في المقابل، تعمل الثّورة السّوريّة على رسم صورة مغايرة لما يدّعيه النّظام السّوري، فهي تواجه، بخطاب تصالحي لا طائفي، استئثار النّظام – وفريق من طائفته- على مقدّرات الشّعب السّوري، وبالرّغم من إجرام النّظام اللامتناهي في حمص – على سبيل المثال- يقبل الحماصنة على رفع فتاة علويّة – فدوى سليمان- على أكتافهم كقائدة لثورتهم هناك، وهذا يظهر قمّة الوعي الشّعبي في مواجهة ما يريده النّظام وحلفاؤه الإقليميون، وبعض المسكونين بعقدة الإسلاموفوبيا.

تشير بوصلة الأحداث إلى تحالفات من طوائف عدّة مع النّظام لا تستثني أيّ طائفة، وفي نفس الوقت نجد تآلف وتحالف أوسع بكثير على صعيد المعارضة السّوريّة وشعبها الثّائر، وبالرّغم من عمليّات التّخويف من المجهول الّتي يروّج لها النّظام، إلا أنّ التّمثيل الحقيقي لكل أطياف الشّعب يظهر بطريقة لا تخطئها العين، حيث تظهر المعارضة السّورية قدرةً وديناميّة في إدارة الخلافات والاختلافات والمناقشات  حول القضايا موضع اهتمام الشّعب الثّائر، بخلاف الصّورة النمطيّة الّتي يظهر بها النّظام والمنضوين تحت مظلّته.

تعاني الثّورة السّوريّة من خذلان كبير، دوليّاً وإقليميّاً، وتعتبر فضيحة استقالة المراقب الجزائري أنور مالك، وكشفه للعديد من الجرائم ومحاولات إسقاط وتطويع المراقبين العرب، وكذب رئيس فريق المراقبين المفضوح وتقريره الضّعيف، يعتبر كل هذا مؤشّراً على عدم مصداقيّة ما يمكن أن يتضمّنه التّقرير النّهائي للبعثة، الّتي يظهر تأثير السّياسة المحابية للنّظام على رئيسها وبعض أعضائها.

هذا الحدث هو ما سرّع في اعتبار الجمعة الماضية " جمعة دعم الجيش الحرّ" و ما رافقها من اجتماع بين الجيش الحر والمجلس الوطني السّوري، وهو ما يؤكّد أنّ الشّعب السّوري والجزء الأكبر من معارضته وصلوا إلى قناعة بانّ النّظام السّوري يحظى بشبكة أمان إقليميّة ودوليّة تعطيه صك تنفيذ أبشع المجازر بحقّ ثورتهم الشّعبيّة، ولذلك عقدوا عزمهم على اعتماد الكفاح المسلّح إلى جانب الكفاح الشّعبي السّلمي في سبيل نيلهم للحرّيّة في مواجهة نظام يرفض منحهم حقوقهم ويكتفي بالحديث والتّنظير والقتل " بطرق لا يمكن أن تخطر على عقل بشر" كما قال المراقب المستقيل أنور مالك.

إذن تتّجه الأمور في سوريا إلى حرب  بين غالبيّة الشّعب السّوري ضدّ نظام فساد واستبداد يقوده ويدعمه مستبدّون وطائفيون ومصابون بالإسلاموفوبيا، فيما يزعم بعض أعداء حرّيّة الشّعب السّوري أنّ ما يجري ليس إلا حرباً طائفيّة ويتصرّفون على هذا الأساس، وهم هنا يتصرّفون بناءً على تصوّراتهم المريضة وأفعالهم الإجراميّة، لا على ما يتصوّر ويناضل من أجله الشّعب السّوري.