خالد يظهر في حمص

أبو عمرو محمود

من هناك من مسجد خالد بن الوليد في حمص المباركة كانت الانطلاقة .....

فبعد أن كانت حمص ترزح تحت احتلال حقيقي؛ حيث نشر النظام أزلامه وأتباعه في كل أركانها، وأراد ان يجعلها عاصمة لطائفته، فأنشأ فيها أحياء غريبة عنها، ودمر معالمها وآثارها، وخرب مقابرها الطاهرة التي تضم رفات صحابة وتابعين، وشق فيها طرقات ابتلعت بيوت كثير من أبنائها حتى يصل أحياء أتباعه بقلبها، وسلط شبيحته على مراكز القرار فيها، وأطلق كلاب مخابراته تعيث فسادا فيها، فقد حولوا مدارسها الشرعية إلى مراكز مخابراتية، وكانت كلابهم لاتغادرها، كما غدت أوقافها وكرا أمنيا ينكل بعلمائها، وأما جامعتها فسميت باسم حزب بعث الرذيلة، وأصبحت فارغة إلا من الفتن والفساد، وإذا ما دخلتَ إليها حسبتها صالة عرض أزياء من هول ما تشاهده فيها من التعري.

لقد حسب النظام أنه دجن أهل حمص وسيطر عليها،  ولكن هيهات هيهات.. فحمص ابن الوليد عصية على التدجين والمسخ كما يريد النظام؛ فما أن بدأت رياح التغيير تهب على العالم العربي حتى بدأت تتحرك كماردٍ طال احتجازه، وما إن انطلقت شرارة الثورة  في درعا حتى قاد ابن الوليد مظاهرة خرجت من مسجده لتعلن بدأ الانتفاضة في ذهول ودهشة من النظام وطائفته.

وتسربت أولى صور البطولة ارتسمت على أرض حمص حين مزق فيها شاب بطل صورة المقبور المجرم وركله برجله على وجهه فكانت تلك اللوحة البطولية العظيمة التي انتشينا بها الطعنة الأولى في خاصرة النظام ثم تتابعت الطعنات حتى أثخنت نظام الأسد بالجراح.

حاول النظام أن يركعها ولكنها كانت تزداد شدة وصلابة في مقارعته والتنكيل به .

سكتت كل سوريا في فترة إلا حمص وقفت وحدها تصدح ضده، احتضنت جيش الأحرار وحملت اللواء وحق لها ذلك فأبناؤها جند القائد خالد.

لقد أخطأ نظام الأسد خطأ عظيما عندما ظن أنه يقدر على  تحويل حمص إلى عاصمة لطائفته، ونسي أن فيها خالد بن الوليد سيف الله الذي لم يغلب، وانقلب السحر على الساحر وغدت حمص عاصمة الثورة السورية وقلبها النابض الذي لم يتوقف.

إن حمص التي جرى فيها نهر عصى سنن الأنهار عصية على الاستكانة والاستسلام.

إن  أبناء عمرو بن معد يكرب في حي بابا عمرو لن يركعوا إلا لله، فهم أعلنوها مدوية إما النصر أو الشهادة.

إن مدينة احتضنت عظماء من صحابة رسول الله ستلفظ حثالة وشذاذ آفاق تسللوا إليها على حين غرة من التاريخ.

إن حي باب السباع الذي أدهش العالم حتى ظنوا أن أهله سباعا أرهبوا آلة القتل الأسدية سينقض على عصابة الأسد، وسيمزق هذا الكيان المجرم.

ما أروعك يا حمص الكرامة! وما أعظمك يا حمص الشجاعة ! وكأني بصفات خالد بن الوليد قد امتزجت بمياه العاصي، فسرت في أجساد أهلك بطولة أذهلت العالم!

إن أبناء حمص تعلموا من إمامهم خالد بن الوليد معادلة النصر متمثلة في مقولته الشهيرة التي انتصر بها على الفرس " جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة"

إنها مدرسة الشهادة والكرامة والبطولة درس فيها ابناء حمص فتخرجوا منها شبابا قادة سطروا أروع الأمثلة في الشجاعة.

إنها حمص خالد أبو صلاح الذي جمع بين شجاعة خالد وعزيمة صلاح، إنها حمص هادي الجندي الذي اقتفى أثر أسامة بن زيد فمضى في ركب الأبطال، إنها حمص ضياء النجار الذي واجه عصابة القتل بحجر في صورة حية نادرة في التاريخ، رسمتها كلمات أبي بكر الصديق " أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي"

إن حمص انتفضت أيها السادة ، إنها غضبة الحليم، وإن شهورا من الإجرام في حقها لم يزدها إلا إصرارا وجرأة وشجاعة.

بورك شبابك يا حمص وبورك شيوخك، بوركت حرائرك وبورك أطفالك الأبطال، بوركت يا حمص ابن الوليد.