مفاهيم إسلامية

د. خالد أحمد الشنتوت

د. خالد أحمد الشنتوت

الصهيونية

كثيراً مايتجادل بعض الناس ، وينفرون من بعضهم ، لأن كلاً منهم يتكلم في واد يختلف عن وادي الآخر ، وسبب ذلك أنهم لم يحددوا المفاهيم ...

وأول هذه المفاهيم الصهيونية وهم اليهود الذين احتلوا فلسطين وطردوا أهلها منها ، ويعملون على تأسيس امبراطورية صهيونية تحكم العالم كله ، وتتخذ العرب والمسلمين خدماً لهم .

ويتضح أنه ليس كل يهودي صهيونياً ، فهناك من اليهود من يحارب الصهيونية ، موزعين في العالم ، بعضهم صامت ، وبعضهم أعلن وصرح بذلك وناله أذى من الصهيونية العالمية ...وقد يكون بعض اليهود الموجودين في فلسطين أصلاً ليسوا صهاينة ، لكن الموجة العارمة جرفتهم ، فصمتوا ...

وبالطبع كل صهيوني يهودي ، فليس صهيونياً حقيقاً من غير اليهود ، وإن كان من يخدم الصهيانة ، وفي كثير من الأحيان نجد منهم صهيونياً أكثر من الصهاينة ...أي خدم الصهيونية أكثر من الصهاينة أنفسهم ، وقد يكون الطواغيت العرب من هذه الشريحة ...صهيونيون أكثر من الصهاينة ...

وأعترف بخطئي اليوم لأنني لما كنت شاباً في الثلاثينات من عمري وكنت مدرساً في الجزائر ، وكنت أصب جام غضبي على اليهود في دروسي في علم الاجتماع السياسي،           ( دوركايم ، ماركس ، فرويد ...)  ولما اعترض طالب أوربي غالباً يهودي يحمل الجنسية الجزائرية ، وقال لي : لماذا تكره اليهود يا أستاذ ؟ فقلت له لأنهم أساس البلاء في العالم ...قال : لكن أبو مدين قال : نحن لانكره اليهود ، وإنما نكره الصهاينة فقط ...عندئذ احمر وجهي غضباً وكتبت قول الله على السبورة ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ...) وتوجهت إلى الفصل ( ثالث ثانوي ) وقلت هل نطيع الله أم أبو مدين فأجابوا بصوت واحد نطيع الله ... ( للمزيد راجع مذكراتي الجزائرية في موقعي على الانترنت ) . واليوم أعترف بخطئي ، كما أعترف بحلم الأمن الجزائري  ــ أو غفلتهم ــ زمن أبي مدين ....

واليوم أعلن أنني لا أكره اليهودي لأنه يهودي ، بل أشفق عليه لأنه إنسان سيعذب في جهنم ، وأتمنى أن أنقذه من النار ، ولايجوز لي قتله لأنه يهودي ــ إن لم يعتدي على المسلمين ــ وأذكر جملة حفظتها من الأخ اللبناني ( مولوي )يرحمه الله ، من موضوع كتبه في مجلة المجتمع ( لايجوز أن نقتل الكافر لأنه كافر فقط ) ....

القرمطية والصفوية

القرامطة حركة باطنية هدامة أسسها حمدان قرمط في منطقة البحرين في القرن الثالث الهجري ،  (ظاهرها التشيع لآل البيت ، وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية ، وأسسوا دولة شيوعية في النساء والملكية كما كان مزدك من قبل ، ويرون أن شيوع النساء والملكية يزيل التباغض ويزيد الألفة والمحبة ، وألغوا الصوم والصلاة وسائر الفرائض الأخرى ، والجنة هي نعيم الدنيا ، والنار هي اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد ، دامت هذه الحركة قرابة قرن من الزمان ، وسيطرت على رقعة واسعة من جنوب الجزيرة العربية ووصلوا إلى الشام(السلمية)ومصر([1])، أباحت نكاح المحارم والغلمان ، وعطلت شرائع الإسلام ، وقطعت طريق الحج عدة سنوات ،وأخيراً  هجمت على الحجاج يوم التروية في المسجد الحرام بمكة المكرمة عام (319) هـ ؛ وقتلوا ثلاثين ألفاً من الحجاج وأهالي مكة ، ورموا بعض الجثث في بئر زمزم ، كما سبوا ثلاثين ألفاً من النساء والأولاد من أهل مكة ....

·       والصفوية حركة بعث للقرمطية ، قام بها الشاه إسماعيل الصفوي ، في القرن التاسع الهجري ، جعل الشيعة في إيران (75 % ) بعد أن كانوا (25 % ) ونكل بالمسلمين والعلماء ، وقتل في يوم واحد مائة وعشرين ألف مسلم من اليوزبك ...وبدأ بالتوسع فاحتل الممالك في العراق وخراسان ، وتوجه إلى الأناضول ، وهناك قابله السلطان سليم الأول العثماني يرحمه الله بجيشه وانتصر العثمانوين على الصفويين في معركة ( جالديران ) وبعدها بسنوات قليلة مات الشاه إسماعيل الصفوي شاباً بعد أن أدمن معاقرة الخمرة ....

·       وفي القرن العشرين قام الخميني ببعث القرمطية ، فثار ضد الشاه رضا بهلوي ، فقضى على الشاه وطرده من إيران ، وطرح  الخميني شعار تصدير الثورة الإسلامية ويقصد به نشر الصفوية والقرمطية في العالم الإسلامي ، ومن أهم أهدافهم القضاء على العرب المسلمين ، كما فعل سيدهم ( أبو لؤلؤة المجوسي ) عندما اغتال الخليفة الثاني عمربن الخطاب رضي الله عنه .... وبالغوا في التقية والباطنية ، فيدعون أنهم أعداء أمريكا ويسمونها الشيطان الأكبر ، ويدعون أنهم سيحررون فلسطين من الصهاينة ، وقد صدقهم بعض العرب الغافلين ....( ومن أهم ماجاء به الخميني ولاية الفقيه ، ورفع مقام الفقيه إلى مقام الإمام المعصوم ، لا يجوز لأحد أن يخطئه حتى لو كان مجلس الشورى، وفي هؤلاء الأئمة يقول : إن لأئمتنا مقاماً محموداً ودرجة سامية لايبلغها ملك مقرب ولانبي مرسل ([2]).

·       وقام النظام الأسدي في سوريا بإحياء القرمطية والصفوية ، بمزيد من التقية والباطنية ، حيث يطرحون الشعارات البراقة التي تخدر العرب الغافلين ، ويدعي النظام الأسدي أنه نظام الصمود والتصدي للصهاينة وللإمبريالية زمن حافظ الأسد ، ونظام الممانعة زمن بشار الأسد ، وهم في الحقيقة ينسقون مع الصهاينة صباح مساء ، ويحمون حدود الصهاينة الشمالية ، من سوريا ولبنان ضد المقاومة ، بعد أن قضوا على كل فصائل المقاومة ، وحصروها بحزب اللات في الجنوب اللبناني ....وقضوا على (موسى الصدر) الداعية الشيعي العربي بالتعاون مع ابن عمهم المقبورالقذافي جزاه الله مايستحق ، كي يقيموا الصفوية ، وسلموها لحزب اللات بقيادة حسن نصر اللات المتخرج من ( قــم )، وهذا يؤكد طرحي أنه ليس كل الشيعة صفويين ...

·       وقف العراق الشقيق برجاله وبأموال دول الخليج المباركة ثمان سنوات في وجه قرامطة الخميني ، حتى دحرهم ، وأجبر الخميني على قبول وقف إطلاق النار ، فقال أنه قبل بوقف لإطلاق النار كمن يتجرع السم ...ومات بعد ذلك بقليل ...

·       ووقف النظام الأسدي مع الصفويين الذين أرادوا احتلال العراق ...

وقدم لإيران التسهيلات التالية :

1 ــ منعت العراق من تصدير نفطه عن طريق خط الأنابيب المار في سوريا ، وحرمت الشعب السوري من (650 ) مليون دولار سنويا ًكانت تعود على سوريا من خط النفط العراقي .

 2 ــ سمحت للطائرات الإيرانية بالهبوط في المطارات السورية في البادية السورية ، كي تتزود بالوقود ، لتعود إلى قصف العراق الشقيق في طريق عودتها إلى إيران .وهكذا تتزود الطائرات الإيرانية بالوقود والصواريخ من إيران فتقصف العراق الشقيق البعثي ، وتهبط في المطارات السورية على حدود العراق كي تتزود ثانية ثم تقصف العراق في طريق عودتها إلى إيـران .

3ــ اشترت سوريا النفط الإيراني المنقول بالناقلات محاولة لتعويض حصتها من النفط العراقي . وتشجيعاً للاقتصاد الإيراني إبان الحرب .

4 ــ استوردت الأسلحة من دول غربية على اسمها لصالح إيران ، عندما تظاهرت الدول الغربية أنها فرضت حظراً على مبيعات السلاح لإيران .بتحريض من السوفيات أنفسهم([iii]) .

5ــ أرسلت ضباط أمن ووحدات خاصة لتدريب القوات الإيرانية ، ومساعدتها في جبهات القتال، ويقول نظام صدام أنه أسـر بعضهم في الحرب  .

6ــ سهلت وصول الشيعة الخليجيين إلى سوريا ومنها إلى إيران للتدرب على الأعمال العسكرية وعمليات التخريب . ومنحتهم جوازات سفر سورية لهذا الغرض .

·        واليوم يحاول ( أحمدي نجاد ) بعث القرمطية والصفوية ، عندما ساعدت إيران أمريكا في احتلال أفغانستان والعراق ، كما صرح بذلك الخامئني نفسه ، عندما قال  لولا مساعدة إيران ما استطاعت أمريكا احتلال أفغانستان والعراق ....

وصار العراق تابعاً لإيران ، يدور في فلكها ، وطمعت إيران فطرحت شعار الهلال الشيعي ، أي استكمال سوريا ولبنان ، بعد أن سيطروا على العراق ...ليكتمل الهلال الشيعي ، أو قل الطوق القرمطي على الجزيرة العربية مادة الإسلام وحصنه ....

ولابد من التنويه إلى أنه ليس كل فارسي صفوي ، وليس كل شيعي صفوي ، بل كل صفوي وقرمطي فارسي وليس كل فارسي صفوي أو قرمطي ، وكل صفوي أو قرمطي شيعي وليس كل شيعي قرمطي أو صفوي ...

واليوم تضع إيران امكاناتها لحماية النظام الأسدي في سوريا ، كي تقيم الهلال الصفوي الذي طرحته كشعار منذ عشر سنوات ...ويقاتل جنود الحرس الثوري في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية المباركة ، كما يقاتل معهم جنود حزب اللات  القرمطي ، وجنود جيش المهدي الصفوي ...

                

[1] -  الموسوعة  الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة ،  ط 3 ، (1418)هـ إشراف الدكتور مانع الجهني  (1/381)

[2] - المرجع السابق (1/441)

3ـ انظر باترك سيل ، الصراع على الشرق الأوسط ، فصل التحالف مع إيران.