من أجل استعادة الأمن ودوران عجلة الاقتصاد

بدر محمد بدر

[email protected]

مع انطلاق المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية اليوم وغدا "الأربعاء والخميس"، والتي أتمنى أن تكون أفضل من سابقتها، من حيث زيادة حجم المشاركة وسهولة الإجراءات وقلة المشاكل وتوافر الأمن، نكون قد أنجزنا جزءا مهما من استكمال مؤسساتنا الديمقراطية، وبدأنا نتحرك خطوات أساسية من أجل الاستقرار وتحسين أحوال المعيشة. 

وأعتقد أن من أهم الأمور التي تفسر هذا الإقبال التاريخي الكبير، الذي حدث في المرحلة الأولى، هو شعور الشعب المصري كله بقيمة الحرية والكرامة، وبأنه صاحب القرار والمصلحة، وبأن أصواته هذه المرة لها أهمية وقيمة وتأثير، وبأن دوره الآن هو الاختيار الحر فيمن يرى أنهم الأصلح لقيادة سفينة الوطن في هذه المرحلة الحرجة، بعيدا عن الاستبداد والفساد ودولة الحزب الواحد، وبالتالي مساعدة مصر على النهوض والاستقرار، والجميع يعلم بأن البلاد في حالة أزمة.

والمتابع للأوضاع الأمنية والحوادث الجنائية في القاهرة وباقي محافظات مصر في الأسابيع الأخيرة، يجد تحسنا ملحوظا واستقرارا نسبيا أفضل، وقدرة وتصميم من الشرطة على ملاحقة العصابات الإجرامية، وعودة هيبة الدولة وسيادة القانون، ومع بدء عمل حكومة الدكتور الجنزوري، بما تملك من صلاحيات واسعة، يأمل الجميع في عودة الأمن من جديد إلى طبيعته من الاستقرار والانضباط واحترام سيادة القانون، وأن يأمن الناس على أنفسهم وأموالهم ومشروعاتهم الاقتصادية.

إن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن والمواطن واضحة، وتكاد تصيب كل أسرة مصرية، وعلى وجه الخصوص الطبقات الفقيرة والمتوسطة، سواء من حيث فقدان فرص العمل أو زيادة أعداد العاطلين أو ارتفاع الأسعار، فضلا عن إغلاق ما يزيد عن 4500 مصنع منذ فبراير الماضي، إضافة إلى نقص الاحتياطي الاستراتيجي من النقد الأجنبي بمعدل كبير، ويقدر الخبراء خسائر الاقتصاد خلال الشهور السبعة الأولى من هذا العام بنحو 400 مليار جنيه.

وبالرغم من هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن حاليا، فإن أمام الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة، فرص واعدة للنمو والازدهار، ويكفي أن أشير هنا إلى تقرير اقتصادي أجنبي نشر مؤخرا، أكد أن الاقتصاد المصري سيكون من أفضل الاقتصاديات الدولية والأسرع نموا في الفترة القادمة، وبالتأكيد سوف ينعكس ذلك في تحسين أحوال المواطن البسيط الذي يعاني الآن، والله عز وجل يقول "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".

مطلوب منا جميعا أن نشارك بكثافة في انتخابات المرحلة الثانية والثالثة، وأن ندعو كل من نستطيع من المعارف والأصدقاء والأقارب والجيران للذهاب إلى صناديق الانتخابات، لأن هذه المشاركة الكبيرة هي الدليل على أن هذا الشعب العظيم أصبح قادرا على التعبير الحر عن نفسه، وامتلاك إرادته وقراره في مواجهة العابثين والمستبدين، وهي أيضا طريقنا الأمثل لاستكمال بناء مؤسساتنا الديمقراطية، وتحقيق الاستقرار السياسي وبناء النهضة الاقتصادية والحضارية.

إن قرار الشعب المصري العظيم أصبح الآن بيده وحده، وهو قادر على حمايته والدفاع عنه، ومستعد لتقديم المزيد من التضحيات من أجل مواجهة محاولات السطو على حقه، ومن يتصور غير ذلك أيا كان موقعه فهو واهم، وسوف تسقط لغة الوصاية والقرارات الفوقية التي أدمنها البعض إلى الأبد، وإذا كنا قد نجحنا في إزالة نظام سياسي فاسد، من أعتى الأنظمة الأمنية المستبدة في العالم، في أقل من ثلاثة أسابيع، فلن نجد صعوبة في إسقاط وإزاحة ما دون ذلك بإذن الله.

سوف تنتصر مصر في النهاية، وسوف نعبر هذه المرحلة الحرجة ونحن مرفوعو الرأس، بعز عزيز أو بذل ذليل.