الاحتفاء بالأدب

الاحتفاء بالأدب

يسري الغول

[email protected]

يحتفي العالم بالأدب والأدباء، وتسعى كل دولة لإقامة العديد من الجوائز التي تليق بمقام هؤلاء الشعراء والروائيين والمسرحيين والفنانين وغيرهم، حتى وصل الأمر بالمنطقة العربية وربما على استحياء أن تقوم بالإعلان عن عدة جوائز في مجال الأدب، آخرها جائزة بوكر الرواية العربية التي جاءت كتقليد لجائزة بوكر الرواية الروسية والبريطانية. ولكن يبقى السؤال الملِّح: هل تم منح الكتاب والأدباء ما يستحقونه؟

ففي حين تقوم دولة الاحتلال الصهيوني بعمل أوراق نقدية موسومة بصورة للشاعر اليهودي شاؤول تشرنبحوبسكي، وفي الوجه الآخر لذات الورقة مقطعاً من شعره. نتناسى أن هناك العديد من الأدباء يعيشون في بلادنا على الكفاف، ولا يجدون ما يسد الرمق حتى وصل بهم الحال أن يتركوا مهنة الكتابة والإبداع بحثاً عن الرزق وقوت العيال.

وليس ذلك فقط، بل نتناسى أيضاً أن هناك قامات أدبية فنت وقضت في سبيل القضية والوطن دون أن نتذكرها، أو حتى دون أن تخرج المؤسسة الرسمية ببيان أو فعالية تعيد صورة هذا الأديب أو ذاك إلى الواجهة. وكم آلمني أن تمر ذكرى وفاة الروائي الفلسطيني الكبير جبرا إبراهيم جبرا قبل أسبوعين دون أن نسمع شيئاً يليق بمقام هذا الرجل. فهل جزاء هؤلاء النسيان؟ وأين دور المؤسسة الرسمية أو حتى المؤسسات الأهلية لتحيي فعاليات تؤكد تمسكنا بما انتهى إليه هؤلاء المبدعون. فقد كان جبرا أحد أهم أعلام الرواية العربية وكتب الكثير من الأعمال التي استشرفت الواقع الفلسطيني؛ فكيف لنا أن ننسى البحث عن وليد مسعود وصيادون في شارع ضيق والسفينة وعالم بلا خرائط (بالاشتراك مع عبد الرحمن منيف) وغيرها من الروايات.

إن واقعنا العربي المرير أساء للأدب والأدباء، ففي الوقت الذي يحتفل فيه الغرب بطريقته بالأدباء والمبدعين ينزوي العربي على نفسه بحثاً عن حياته الخاصة. ولو نظرنا على سبيل المثال لمحرك البحث الالكتروني جوجل وموقع ويكيبيديا سندرك كم يحترم هؤلاء شعرائهم وأدبائهم وكم كنت أتمنى أن أشاهد صوراً لأدباء وروائيين عرب يتصدرون الكتب والقطع والأوراق النقدية وأسماء الشوارع والمتاحف والجامعات والمعاهد. ولكن –للأسف- لا يوجد سوى صور وأسماء الزعماء فقط. الزعماء الذين قمعوا كل نفس ثوري في حياة الأدباء وحاربوا أقلامهم وحاصروها لتكون معهم لا لتكون مع الوطن، وليستشهدوا بها لا ليستنيروا منها.

الأدب لم يكن يوماً مجرد حرفة يقتات منها أصحابها، لأنها قدر الفقراء. لكن ألا يليق بالمؤسسات الرسمية العربية أن توفر متطلبات الحياة لهؤلاء؟ ألا ينبغي ألا يخرج أحد الكتاب من فلسطين ليقول أنه يمتلك شهادة البكالوريوس منذ زمن طويل ولديه العديد من الأعمال الروائية ولكن كل ذلك لا يسد رمق أسرته، فصار عاملاً بأحد محال العطور؟

متى ستنتهي حالة البلادة العربية وعدم الالتفات للأدب؟ متى ستعود جوائز الدولة التشجيعية والتقديرية لبلادنا؟ أسئلة كثيرة بحاجة لإجابة. والله المستعان.