أول مرة أنتخب

جمال سعد حسن ماضي

[email protected]

تابعت اللقاءات الفضائية التي أجراها المراسلون مع الناخبين والناخبات ، وكانت الإجابة الواحدة هي : ( أول مرة أنتخب ) ، وكان السؤال الثاني : ( لماذا ؟ ) قالوا جميعاً : ( كانت النتيجة من قبل محتومة ومعروفة ) !! .

لقد وقفت في طابور ضخم ، وكانت الروح السائدة فرحة وعزة وحرية ومشاركة وايجابية وأحاديث منفتحة على مستقبل مصر ، كل هذه المشاعر اختلطت في إخراج طاقة هائلة تسود الشارع المصري ، رغم المطر المنهمر والطقس البارد ، يقول أحدهم : أول يوم حرية من 7000 سنة ، والعجيب أن الجميع اتفقوا في جو الحرية على أن الجميع سيختار ما يشاء ، وبنفس الروح يستقبل دعاية الآخرين ، ولا يفصح أحد إلا عن هدف واحد هو : بناء المستقبل دون التلفظ بأشخاص بعينهم ، أو ذكر أحزاب بذاتها .

( انتخابات حرة – مستقبل بلدنا – رغم الضغوط تعبر مصر بر الأمان – ما نراه ثمرة ثورتنا ) تلك العبارات هي التي خرجت من الوجدان والروح قبل اللسان والأقوال ، حباً في مصر ، وبما تحمل من روح الأمل في غد مشرق لمصرنا ولأهلها ، يقول بعضهم : ( ابراهيم عليه السلام تزوج من أم العرب هاجر المصرية ، والقرآن أشار إلى مصر ، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصي بأبناء مصر ) ، لقد كان بالفعل مهرجاناً في حب مصر ، من أبناءها على السواء ، باتفاقهم على هذا الحب . 

لقد قدر الله لي أن أشهد التجهيزات من الداخلية ، فقد مكثت قرابة 48 ساعة كاملة في قسم باب شرقي ، لمساعدة البعض في مشكلة أسرية ، انتهت والحمد لله بالصلح ، إلا أنني كنت أتأمل حكمة الله في تواجدي ، فقد أدلاكت بما شاهدت أن بالإمكان تطهير جهاز الداخلية في سهولة ويسر ، لقد رأيت خلية نحل وتأمين للمقرات ، وشاهدت مأموراً لم ينم ، فشكرته على هذه الروح المجهولة عن المناوئين لمصر ، وقدر الله أن أصلي الفروض بمسجد القسم الذي وجدته مكتظاً بالضباط والأمناء والجنود في مشهد إيماني رائع ، أما الجيش الذي جاء لتأمين القسم كعادته فحدث ولا حرج .

هذا الشعب في جميع طوائفه هو نبع الأصالة ، رغم ما يحاك له في الخفاء ، هذا الشعب طيب والله يدافع عنه ، فكم خابت كل المحاولات بالفشل رغم الدماء والجراح ، هذا الشعب قوي ويبحث عن حياة كريمة ، أصيل وطيب وقوي ، هذه هي مقومات صناعة مستقبل مصر المشرق القادم بإذن الله .

في داخل اللجنة التي أنتخبت فيها ، روح التعاون الرائع هي السائدة ، بين مندوبي الأحزاب والمرشحين ، ورجال اللجان الشعبية ، حتى أنك لا تستطيع أن تفرق بينهم ، إلا عن حالات نسمع عنها ولم أرها في اللجان التي زرتها ، أو لجنتي الانتخابية ، والسر في ذلك كما يقول أخي الحبيب الدكتور البلتاجي عن نشر هذه الصغائر التي لا تذكر ، أن أصحابها قد أصابهم ( الحول ) .

( أول مرة أنتخب ) لعله أصبح شعار الانتخابات الحالية بعد الثورة ، حتى من استطاع مثلي أن ينجو في المعارك الدامية قبل الثورة ، ويصل إلى الصندوق ، رغم طعنات السيوف وضربات الجنازير وسرق إرادة الناخبين العزل بالتزوير والتدليس ، لسان حاله يقول اليوم : ( أول مرة أنتخب ) .

بهذه الروح في هذه الحشود غير المسبوقة ، أؤكد أن الحل قد جاء ، يفصح بأعلى صوت : طهروا البلاد ووحدوا الصفوف وانشغلوا بالبناء والإنتاج ، تضعون أقدامكم على أول الطريق لنهضة مصر ، بأول انتخاب حقيقي لمن انتخب من قبل ، ولمن لم ينتخب ! .