مصر تنتظر الحرية والعدالة

محمود المنير

مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت

[email protected]

بالرغم من حالة القلق والإحباط والتشاؤم ومخطط تصدير الخوف والفوضى وتصوير المجتمع المصري من قبل الإعلام الفاسد وكأنه على حافة الطوفان ويحمل فى داخله عوامل انهياره على كل المستويات والأصعدة إلا أن مصر لازالت بخير وقوة وفتوة .

وعلى الرغم من أن بعض القوى السياسية في مصر ما زالت تتهيب من تحمل مسئوليتها بالكامل في المرحلة الراهنة من حياة المصريين، ويفضلون التريث، ونسج التحالفات، ومراقبة المتغيرات، منتظرين ما ستسفر عنه المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، ويتذرع أصحاب هذا المنطق بما تركه نظام المخلوع حسني مبارك من تدمير على الحياة السياسية والاقتصادية، حتى صار مستقبل مصر مرهوناً في يد حفنة من الفاسدين وفلول النظام البائد، وصار صعباً على حزب واحد أن يقود المرحلة، ويتصدر القرار، ويقود مصر إلى بر الأمان.

إلا أننا نؤمن - مقابل ما سبق- بأن مصر تختزن موفور الطاقة المؤهلة لنهضتها ، وفيها من الإمكانيات السياسية والمادية ما يجعلها تسترد عافيتها القومية، وتنهض إقليمياً في زمن قياسي، شرط أن يتوفر لها القائد المبادر و القادر على اتخاذ القرار، والواثق بقدرة الشعب المصري على تحمل مسئوليته التاريخية، وهذا القائد لن يكون فرداً بعينه بمقدار ما سيكون ممثلاً لقوى سياسية لها وزنها داخل الشارع المصري، ولها حضورها القوي والفاعل في المشهد العام وفى قلوب المصريين.

ومن يراجع تاريخ مصر تستوقفه الفترة التي سبقت حكم (محمد علي)، حيث كان حال مصر أكثر فساداً وفقراً وتخلفاً وتمزقاً من حالها في زمن المخلوع حسني مبارك، ولكن "محمد علي" نجح في استنفار طاقة المصريين، ونهض بالشعب من حالة الفقر و الضعف والاستكانة إلى مصاف الدول الناهضة متحدياً الإمبراطوريات المعاصرة له في زمن قياسي وإليه يرجع بناء نهضة مصر الحديثة.

وما أشبه الليلة بالبارحة فمصر في هذه المرحلة من التاريخ تحتاج إلى الحزب القائد الشجاع الأمين ، الذي يوظف ويستثمر العقل الجمعي لطاقات الشعب المصري لصالح نهضتها من جديد ، تحتاج إلى الحزب الذي يقول كلمة الفصل فى معضلاتها الحقيقية والمختلقة الحالية والمستقبلية ويضع لها الحلول الناجعة ويقود مصر إلى مصاف الدول المتقدمة سواء بسواء ، ويتحمل مسئولية قراره، مصر بحاجة إلى الحزب القائد الذي لا يشغله مصير المصريين بمقدار ما يتحمل هموم الأمة ككل، ويتصدر لكل قضايا العرب والمسلمين، حزب يثق بقدرة المصريين ووعيهم ، ويدرك أن نهوضهم يعني نهوض الأمة، ويفهم أن ضياع الأمة يطبق على عنق المصريين بانعدام الرؤية ويعطى الفرصة الكبرى لصناعة المؤامرات.

ولا نبالغ ولا نحابى إذا قلنا أن هذا الحزب هو: حزب "الحرية والعدالة "الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، تلك الجماعة الأم التي تمتلك برنامجا شاملاً ليس لنهضة مصر وحدها بل لنهضة الأمة بأسرها، والتي تمتلك من رصيد الخبرة والتجربة ما يزيد على الثمانين عاماً منذ تأسيسها عام 1928م ، وتمتلك من الطاقات فى كل التخصصات الملايين من خيرة أبناء مصر المخلصين والأكفاء ، وقدمت على مدار تاريخها عظيم التضحيات من الشهداء والعلماء والمفكرين والباحثين والشباب الحر والمخلص الأمين للأمة الإسلامية والعربية وفى قلبها مصر الحبيبة ، وهذا الحزب بكل ثقة نعقد عليه الآمال ، باعتباره ابن ربيب لجماعة الإخوان المسلمين الذين يحملون الخير ليس لمصر فحسب بل لعالم أجمع، فهو يعلم جيدا أن مصر مسؤولية مرحلة ونهضتها انطلاقة نحو نهضة الأمة من جديد.

· فى السياق :

· يقول الإمام حسن البنا :( أيها الإخوان: أنتم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيسدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داو يعلو مردداً دعوة الرسول صلي الله عليه وسلم، ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى عنه الناس) .

· وهذا محمد البشير الإبراهيمي يقول: (لا فلاح للمسلمين إلا بالرجوع إلى هدايته، والاستقامة على طريقته).

· وهذا أبو الأعلى المودودي يقول: (يا أيها المسلمون احملوا القرآن وانهضوا، وحلِّقوا فوق العالم، فليس من شأننا أن نلهث وراء العالم، بل علينا أن نشده إلى مبادئنا وأصولنا).