سورية المنكوبة بنظامها الدموي القاتل

لابد من حماية المدنيين

أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر

[email protected]

لقد طف الصاع، وبلغ السيل الزبي.

لم يعد هناك مزيد لمستزيد ليري بأم عينيه دماء الأبرياء من أشقائنا في سورية وهي تسيل في الأشهر الحرم وفي أيام عيد الأضحي المبارك.

أهذه تهئنة هذا النظام الدموي القاتل للشعب الذي تحمله لعقود؟. وحان وقت التعبير عن رغبته في تغييره بعدما سامه سوء العذاب والهلاك والقتل والتعذيب والظلم والنهب.

أهذا هو الرد علي ما سمي بـ"مبادرة جامعة الدول العربية"؟. مزيد من الوقت، لمزيد من القتل، وسفك دماء الرجال والنساء والأطفال. إن رد هذا النظام الدموي القاتل علي هذه المبادرة لينزع آخر "ورقة توت تستر بها الجامعة العربية سوءاتها" المتعددة. بدءاً من فلسطين والعراق والصومال وليبيا وليس نهاية بسورية.

"الموت ولا المذلة"

لا مجال لمحاورة، ولا مداورة، ولا مجادلة، ولا مجاملة، ولا إفتعال لخلافات، ولا تنظير لإنقسامات.

لا شرعية لنظام شهر السلاح في وجه الشعب وقتله. بدلا من أن يكون خادما له، وموظفا لديه.

لا شرعية لنظام أعتقل وعذب وشرد ونهب وأذل الشعب، وباع الأرض، وانتهك العرض. بدلاُ من يرعي مصالحه ويحافظ علي الوطن: البشر والشجر، والحجر.

لكن.. هل بات الشغل الشاغل إحصاء أعداد الشهداء، ورؤية سيل الدماء، وبشاعة القتل بدم بارد للشعب السوري؟؟.

وهل بتنا نتتظر آلافا أخري مؤلفة فوق الأربعة ألاف أو يزيدون من الشهداء منذ الثورة الشعبية السورية السلمية؟.

وما الذي يريده النظام السوري من هذه المجازر التي يرتكبها؟. أهو جنون أم عبث أم كلاهما؟.

وهل بتنا نتتظر آلافا أخري مؤلفة فوق السبعين ألفاً أو يزيدون من المعتقلين؟؟.

وهل بتنا نتتظر آلافا أخري مؤلفة من الجرحي والمهجرين واللاجئين والمشردين؟.

وهل بتنا نتتظر تتبع وإختفاء وتسليم وتصفية المعارضين لهذا النظام الدموي القاتل في لبنان وغيرها.

وهل بتنا ننظر إلي الدبابات والمدرعات والمصفحات تسعي، ليس إلي "مقاومة المحتل الصهيوني وتحرير الجولان السوري المحتل الذي باعوه بمائة مليون دولار (كما صرح طبيب الرئيس السابق أنور السادات). بل تعيث قتلاً وفسادا في محافظات ومدن وقري سورية الحبيبة. 

وما كل هذا الإستئساد للنظام "الأسدي" ـ وهو أمام العدو الصهيوني نعامةـ علي شعب أعزل، يخرج بصدور عارية، يريد كرامته، وحريته، وتحرره، من المستبد المحتل الداخلي؟.

لا.. ليست حمص ولا درعا ولا حماة ولا اللاذقية ولا دير الزور، ولا البوكمال ولا إدلب، ولا حلب ولا دمشق ولا غيرها من محافظات ومدن وقري وريف سورية هي "مدن منكوية". بل كل سورية منكوبة بنظامها الدموي القاتل.

"لا رجوع ولا استسلام"

إن ثمن الحرية والتحرر والعزة والكرامة والعدالة غال، ولقد قدم، وسيقدم، الشعب السوري "مهرها" عن رضا، وطيب نفس، وقناعة.

لكن.. لابد من حماية الشعب السوري من قاتليه ومعتقليه وجلاديه وشبيحته. إنهم بشر يقتلون، والعالم ينظر إليهم وهو يدعي الحضارة والتحضر، ويذرف "دموع التماسيح" عندما يتعرض "حيوان أليف.. كلباً أو قطة" لأزمة أو تهديد لحياته.

وإن لم تنهض الجامعة العربية، والدول الإسلامية بمسئولياتها في حماية الشعب السوري، فسيقوم به غيرها كما حدث في ليبيا، ولا عذر بعدئذ لمعتذر.

لابد من وقف آلة القتل وسفك الدماء التي بحوزة هؤلاء القتلة والسفاحين المجرمين بحق الشعب السوري وبحق الإنسانية.

لابد من قيام الجيش السوري الحر بواجبه، وإنتظامه في حماية أهله وشعبه من بطش النظام القاتل وشبيحته.

لابد .. ليس تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية كما نادت مليونيات يوم الجمعة 11/11/ 2011. بل طرد هذا النظام ـ الفاقد للشرعية، والمنزوع عنه علائم الإنسانيةـ كلية من الجامعة العربية وأسناد مقعد سورية للمجلس الوطني السوري الإنتقالي.

لابد من استمرار الثورة الشعبية السورية وتوحيد صفوفها، وتفعيل آلياتها، وتعميم انتشارها.

ستبقي سورية، قلب شامنا الحر الأبي؟.

ستبقي سورية لأهلها لا لنظام دموي قاتل.

ستبقي سورية لشعبها الذي فداها بروحه، ورواها بدمه، ودموعه، وعرقه، لا لقاتليها، وفاسديها، وناهبيها، ووارثيها.

تحية إلي أرواح شهداء سورية الحبيبة، الذين قضوا والذين ينتظرون.

تحية إلي الجرحي والمعتقلين والمشردين واللاجئين، ومن ينتظرون.

تحية إلي أحرار وحرائر سورية الشقيقة.

تحيا سورية حرة أبية.

تحيا سورية حرة كريمة عصية علي القهر والإذلال والإستعباد والإنتهاب والتوريث.

تحيا سورية، وعاش الشعب السوري الحر الأبي الكريم منتصراً علي نظامه الدموي القاتل:" إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (آل عمران: 160).