صوت الشعب أقوي من صوت الرصاص

رضا سالم الصامت

الشعوب تواجه بصدور عارية الآلة العسكرية، و رغم تعرضهم لأبشع أساليب القمع ، رغم أن احتجاجاتهم سلمية فإنهم لا يحملون لا سكاكين ،و لا أسلحة نارية. يحملون صوتهم فقط ، يطالبون  الأنظمة بمزيد من الحرية و الكرامة و توفير مواطن شغل و تحسين حياتهم المعيشية  المتردية . إنهم يحملون أفكارا يريدون بها تغيير حكام طغاة التصقوا بكراسيهم و نهبوا ثروات بلدانهم .

هذه الشعوب تحمل مطالب من أجل تحسين ظروفهم الحياتية و المعيشية ... مطلبهم الوحيد تغيير النظام ، و استعادة كرامتهم الإنسانية التي هدرت على مدى سنوات حكم جائر.فما يحصل الآن في سوريا أو في اليمن ،شيء مرعب ، و حسب ما تتناقله القنوات الفضائية فان المواطن العربي يشاهد يوميا صورا بشعة لشباب يافع يتظاهرسلميا احتجاجا على أوضاعه المتردية، يحملون على أكتافهم نعوشا داخلها شهداء سقطوا بنيران البوليس بدم بارد ،يحملون لافتات مكتوب عليها " الشعب يريد تغيير النظام " ولا أحد يستجيب لمطالبهم المشروعة.

بحيث هذه الشعوب اختارت الموت و رفضت الذل و الهوان و حياة الاستبداد و القمع ، و لم يعد يرهبها الرصاص و الدبابات و القنابل ، هذه الشعوب الحرة تريد الحرية و الكرامة لتبني أوطانا نظيفة من كل رجس و خونة و طواغيت و عملاء ...تريد اعلاء صوتها مطالبة بحقها في الحياة الكريمة .

فعلى سبيل المثال إن ما يجري في سوريا  " من جرائم الشبيحة  " لتجعل المجتمع الدولي يسارع بأخذ احتياطاته  لمنع تكرار  ذلك ولكن ردود  فعل الشعب السوري بفئاته المختلفة وضعت نظام بشار الأسد في حالة من التوتر والإرباكوالضعف، مما دفع النظام إلى وضع البعض من المثقفين والناشطين العلمانيين خلف القضبان أو دفعهم للخروج من البلاد، وبذلك ليس هناك مجتمع مدني له وجهة نظر علمانية معتدلة قادر على أن يعبر عنها، كما تعكس محاولات الإصلاح نظرة جامدة لعصرنة الإدارة والاقتصاد لأنها تستند إلى هيكل سياسي جامد، فالنتيجة النهائية ستعتمد على الفكر السياسي وليس على التوصيات التكنوقراطية للحكومة. ثم ان المجتمع الدولي غاضب على نظام الأسد الذي وعد باصلاحات و خالف وعوده . فمنذ سبعة أشهر و بشار الأسد لم يتعظ بعد من دروس الماضي و آخرها مقتل القذافيالذي نكل بشعبه . والمعروف أن قمع نظام الأسد للاحتجاجات السلمية المنتشرة في كل مدن سوريا بأساليب وحشية من اعتقال و تعذيب و قتل بدم بارد أثار غضب المجتمع الدولي بل اتخذت الجمعية الأممية و الجامعة العربية موقفا ضد نظام الأسد و دعته الحكومات الغربية إلى التنحي و إصدار عقوبات اقتصادية على سوريا و خاصة صادراتها النفطية وشركاتها ... بشارغير لغته من لغة التصحيح و الإصلاحات إلى لغة الوعيد و التهديد ، بل أكد في عدة مرات أن وتيرة الإصلاح ليست بطيئة ... في حين أن معارضيه يعتبرون كلام أسدهم غير قابل للتصديق و أن الرجل يحرث في البحر و هو يهدد بإحداث زلزال بمنطقة الشرق الأوسط لو  تدخل "الناتو" في سوريا .

قبل أيام من موته قال القذافي أو ابنه سيف الإسلام أن ليبيا ليس تونس وليست مصر ، و هاهو الأسد يكرر نفس الكلام سوريا ليست تونس وليست مصر! سوريا مختلفة من جميع الجوانب عن مصر وتونس وحتى عن اليمن، التاريخ مختلف، السياسة مختلفة...هكذا قال!

 أما الرئيس اليمني على عبد الله صالح فقد قال لشعبه " لقد فاتكم القطار "  و بالنسبة لليبيا فان التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي " الناتو" ،رغم اني  ضد التدخل الأجنبي في أزماتنا العربية ، لعب دورا محوريا في إسقاط الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي كان ثالث زعيم عربي يطاح به بعد ثورتي تونس ومصر... حافظ الأسد والد بشار قد أخمد انتفاضة مسلحة للإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982 وقتل عدة آلاف منهم و هاهو بشار يعاود نفس السيناريوو يتكرر و أن السلطات السورية تواجه عصابات مسلحة ومتطرفين دينيين مدعومين من الخارج حسب زعم بشار و مواليه . المجتمع الدولي عبر عن مدى امتعاضه من تصرفات بشار و أتباعه و شدة تعنته و تمسكه بكرسي الحكم على حساب شباب سوريا الذي يموت يوميا بدم بارد ، و لم يسلم حتى في أول أيام عيد الأضحى .

 خلال هذه الثورات يلاحظ المرء بالملموس تعمد الحكام على قمع مواطينيهم بأسلحة فتاكة و محرمة دوليا ، مما أثار سخط المجتمع الدولي . على سبيل المثال لا الحصر ، أن ما حدث في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا و بعض البلدان الأخرى تقريبا نفس الشيء ، حدثت اقتحامات متكررة للمدن والقرى الواحدة تلو الأخرى من حملات تمشيطية ومداهمات للمنازل و ترويع الآمنين من السكان العزل و استهداف ممنهج للأطفال والنساء والشيوخ و اقتراف جرائم وحشية وتعذيب الناس والتنكيل بهم على مرأى العالم وسمعه....! و هو ما خلف مآسي و أحزان كان من الممكن تفاديها ..

هذه الشعوب و منها شعب سوريا و اليمن  لا يرهبها الرصاص، لأن صوت الشعب أقوي من صوت الرصاص....