إلى الأمام يا بشار: القفص في انتظارك

إلى الأمام يا بشار:

القفص في انتظارك ؟!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

تحول بشار الأسد ، إلى هتلر عربي صغير ، ليس ضد أعداء سورية أو أعداء العرب أو أعداء المسلمين ، ولكن ضد الشعوب السوري الأسير !

استعان بشار بشقيقه ماهر وأولاد خاله من آل مخلوف منذ مارس آذار الماضي ؛ ليصنع حمام دم يومي للشعب السوري المسكين ، الذي دفعه سوء حظه أن يصبح مملوكا لعائلتي الأسد ومخلوف ؛ ناسا وأرضا وثروة ، واقعا ومصيرا ومستقبلا ، الأسد الكبير باع الجولان بثمن بخس دراهم معدودة عام 1967 ، ثم طبق على الشعب السوري الأحكام العرفية لأكثر من أربعين عاما ، ومع اشتعال الصراعات بين أجنحة الهتلرية الأسدية فقد كان الشعب السوري هو الذي يدفع الثمن غاليا من دمه وأمنه وكرامته .

العائلة الأسدية هدمت مدينة حماة الباسلة عام 1982 وقتلت آلافا ، وهجرت مئات الآلاف الذين هربوا إلى المنافي والغربة حتى بات قرابة نصف الشعب السوري منفيا خارج وطنه ، لا يستطيع أن يستخرج جواز سفر باسم بلاده ، ولا يستطيع أن يعود إليها ليدفن في ثراها !

جرائم العائلة الأسدية النصيرية ، ومعها عائلة مخلوف ؛ معروفة ومحفوظة في قلوب الشعب السوري وأفئدته منذ الستينيات حين صعد زعيمها وزير الدفاع آنئذ بانقلاب عسكري ليملك الأرض ومن عليها ، فيسلم الجولان لليهود الغزاة ، ويفشل في حرب تشرين ، ولا يطلق رصاصة واحدة في اتجاه الجولان المحتل ، ويجعل طائفته التي تمثل الأقلية تستولي على شئون الحكم والإدارة والمناصب العليا والوسطي ، ويمارس الإذلال ضد الأغلبية ، ويحرم عليها إسلامها وحريتها ، ثم يرحل ويتسلم الحكم ابنه طبيب العيون " بشار " الذي منحوه رتبة فريق ليرفع راية المقاومة والممانعة ، ولا مقاومة هناك ولا ممانعة ، اللهم إلا مقاومة تحرر الشعب السوري ، وممانعة حقه في الحياة الطبيعية التي تعيشها الشعوب الحرة !

هتلر الأسد ينتشر بدبابات جيشه ومدرعاته ومدفعيته الثقيلة وصواريخه حول حماة لاقتحامها ، وتوزيع القناصة على أسطح بيوتها وعماراتها لاصطياد المواطنين العزل ، وجوبلز  الدعاية الأسدية ممثلا في الست بثينة شعبان والوزير المعلم والشيخ البوطي يقولون ما لا يفعلون ، ويكذبون على الله والناس والعالم ، ولا يستحون وهم ينسبون إلى الشعب الأعزل أنه هو الذي يقتل الجيش وجهاز الأمن السوري ، ويسقط منهما الشهداء الأبرار الذين يدافعون عن سورية ضد المتآمرين ! هل يمكن أن يكون الشعب السوري كله متآمرا وهو لا يملك قطعة سلاح ؟

الجيش السوري البطل (!) يقوم بعملياته العسكرية الضخمة ضد المدن السورية ، وليس حماة وحدها ، ويقتل المدنيين العزل بلا رحمة ، ينفذ أحكام الإعدام الإجرامية في الميدان مباشرة ، ثم يعلن التلفزيون السوري أن الجيش فقد قتيلا أو أكثر ، ولا يذكر أن القتيل أو القتلى هم من يرفضون توجيه رصاصهم إلى أشقائهم المدنيين من الشعب الأعزل !

ويمتد الإرهاب الأسدى إلى خارج سورية ، حيث قام السفير السوري في القاهرة مثلا بالقبض على مجموعة من الشباب السوري معهم شاب مصري ، وقام بتعذيبهم بالطريقة الإجرامية التي يقوم بها الشبيحة في سورية ، وقد أطلقوا الشاب المصري بعد أن نال ما فيه الكفاية من التعذيب ، وهم متأكدون أن حكومته  لن تقيم له وزنا ، ولن تسأل عنه ! بل إن السفير السوري رفع إصبعه الوسطى في وجه العالم في إشارة بذيئة معروفة !! ولا يتورع نظام الشبيحة عن اقتحام المساجد في سورية ، مثلما فعلت الشرطة في جمعة رمضان الأولى التي كان شعارها " الله معنا " ، حيث اقتحمت   مسجدا في دمشق في ساعة متأخرة ليلة الجمعة , واعتقلت العديد من المصلين لمنع الاحتجاج, كما قتلت القوات السورية أربعة محتجين قرب دمشق عقب صلاة التراويح ليل الخميس عندما أطلقت النار علي المظاهرات .

 إن إصرار نظام الشبيحة على حمام دم في حماة ؛ جعلهم يعيدون مأساة حماة التي صنعها الأسد المقبور ، لقد منعوا عنها الماء والكهرباء ، وقطعوا الاتصالات ، وأغلقوا المساجد يوم جمعة " الله معنا " ومنعوا أهل حماة من صلاة الجمعة ، وكانوا مساء الجمعة قد وجهوا المدفعية الثقيلة للمدينة التي فقدت حتى مساء الجمعة أكثر من مائة وأربعين شهيدا يقولون ربنا الله في مذبحة وحشية لا تقترفها جيوش الاحتلال !

مدن سورية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لم تسلم من حمام الدم . دمشق وحلب وحمص ودير الزور ودرعا وأدلب ومعرة النعمان واللاذقية وعربين والقابون وريف دمشق وكفر سوسة والميدان تتعرض لزحف الجيش السوري البطل (!) الذي كان يفترض أن يتجه غربا نحو الجولان ليزحف على الأرض المحتلة فيحررها من قبضة العدو الصهيوني ويكون جديرا بحق بلقب المقاومة والممانعة ، ولكنه يأبى إلا أن يزحف نحو المواطنين البسطاء الذين يطالبون بأبسط حقوقهم  الآدمية في الحرية والكرامة والعدل والمساواة والمشاركة في تقرير مصير الوطن ، فيسحقهم ، ويدفنهم في التراب وينتصر عليهم ! إنه يأبي عليهم مثل هذه الحقوق البسيطة فمن يطالب بها مصيره الدفن تحت الأرض ، أو الدفن حيا في أقبية التعذيب والسجون المجهولة التي لا يعرفها أحد!

ما يفعله بشار الأسد بشعبه من حمام دموي يومي يقتل فيه العشرات ، ويعتقل فيه المئات لم يترك له صديقا يوافق على جرائمه وتحديه للأخلاق والقانون والقيم الإنسانية ، فقد قال رئيس الوزراء الروسي بوتين الذي تقيم بلاده علاقات وثيقة معه، وتحتفظ بقاعدة عسكرية ضخمة في ميناء طرطوس هي الأضخم في المنطقة : إن الرئيس بشار باستخدامه المفرط للقوة لقمع المظاهرات الاحتجاجية يسير في طريق محفوف بالمخاطر . وسبق ذلك مشاركة روسيا في بيان أصدره مجلس الأمن الدولي يدين بشدة القمع الدموي للمتظاهرين السوريين .

وبالطبع فإن أميركا لم تقصر في إدانة النظام السوري الفاشي الذي يقوده بشار الأسد ، فقد أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن الحكومة السورية مسئولة عن وفاة أكثر من ألفي شخص حتي الآن, مشيرة إلي الفظائع التي ترتكبها السلطات السورية بحق المدنيين. ودعت كلينتون في مؤتمر صحفي مع نظيرها الكندي جون بيرد السلطات السورية إلي إيقاف كل أشكال العنف ضد القرى والبلدات السورية . ودعت كلينتون دمشق للالتزام بالقوانين الدولية والسماح بوصول الوكالات الدولية وعمال الإغاثة إلي هذه المدن والبلدات.وأضافت: وكما قلنا وقال آخرون في الحكومة الأمريكية فإن الرئيس الأسد فقد شرعيته في حكم الشعب السوري.

ويرى كثير من المراقبين أن النظام لن يعير أي اهتمام لمثل هذه الانتقادات أو غيرها مهما كان مصدرها، ويتضح ذلك من خلال ازدياد وتيرة القتل يوماً بعد يوم ،  ونزوح الآلاف من بعض المدن السورية تحسباً لاجتياح الجيش السوري البطل (!)

ولا شك أن هتلر السوري وهو يتكلم مع أبواقه عن الحوار والإصلاح لن يقنع إنسانا بسيطا محدود التفكير ، لأن آلته العسكرية تعمل بشراسة ، وتؤكد على ديكتاتورية العصابة الحاكمة في دمشق وعدم قبولها بالمشاركة الشعبية . ويتوهم النظام  المستبد الفاشي أن إراقة الدماء كفيلة بتأديب الشعب السوري ، وإعادته إلى مربع العبودية والاستكانة وقبول إرادة الجلادين من آل الأسد وآل مخلوف ، وهذا وهم لن يتحقق لأن الشعب السوري مثل الشعوب العربية التي عاشت الربيع العربي قد أسقطت الخوف ، والخنوع ، وأعلنت ألمقاومة الحقيقية للجلادين والطغاة ، والتضحيات التي تتم يوميا خير شاهد على فساد التصور الإرهابي للنظام الأسدي الطائفي النصيري .

ويبدو أن هتلر الأسد يتجاهل ما يجري حوله معتمدا على الأكاذيب والأبواق التي تتردد عبر تلفزيوناته وصحفه وتلفزيونات الشيعة وصحفهم وخاصة في لبنان وإيران ، ولكن الحقيقة على أرض الواقع تقول له إن عميد الطغاة في المنطقة العربية قد دخل القفص ويحاكم وفق القانون ، وتتاح له فرصة الدفاع عن النفس ، وأظن أن الأشقاء السوريين سيفعلون مع بشار الشيء نفسه عندما يدخل القفص قريبا بإذنه تعالى ، وسيتيحون له فرصة الدفاع عن نفسه وفقا للقانون !

أما محاولة الشاعر النصيري أدونيس - صديق العائلة  - لإقناع بشار الأسد بالاستقالة ، فلن تكون مجدية ، لأنها تحاول حمايته من العقاب ، فوق أنها محاولة سافلة حيث تطلب تجريد الشعب السوري من إسلامه ليكون ديمقراطيا ، بحجة أن المجتمع لا دين له . بالطبع أدونيس لم يطلب وقف الآلة العسكرية السورية التي تذبح الشعب السوري يوميا ، ولكنه معني بإنقاذ صديقه ابن طائفته ، وتحريم الإسلام على الطائفة الكبرى ليتم لطائفته الصغرى الاستمرار في إذلال الشعب السوري وقهره ، وتوجيه المدافع نحو البيوت والمناطق الآهلة بالسكان . ولسان الحال يقول :

إلى الأمام يا بشار ! القفص في انتظارك ! والله غالب على أمره !