أما آن للعالم أن يعرف النظام السوري

أحمد عمر العبد الله

منذ اندلاع المظاهرات المطالبة بالحرية بدأ النظام السوري مسلسل الكذب والدجل ، فأصبح يتحدث عن مؤامرات خارجية وسلفيين وعصابات مسلحة ممولة ومدعومة من الأمير بندر بن سلطان مرة ومن الحريري مرة أخرى ، واستمر الشعب السوري بطلب الحرية غير آبه بكذب النظام وعسفه وظلمه ، فتوسعت المظاهرات أفقياً وعمودياً غير أن النظام استمر في مسلسل الكذب الممل ، وليس غريباً على الشعب السوري كذب النظام ، إنما الغريب وجود من يصدق هذا الكذب والدجل .

ربما تكون تركيا – إن أحسنا الظن بها – أول المخدوعين والمغرر بهم حتى بدا الأتراك كطفل صغير ساذج يضحك عليه بوعد كاذب ليتوقف عن البكاء ، فالنظام السوري وعد الأتراك أكثر من مرة بالإصلاحات ووقف العمليات الحربية الإرهابية ضد المواطنين العزل إلا من الإرادة ، وكانت هذه الوعود من أعلى هرم في السلطة – الدجال الأكبر- ولكن كما يقال حبل الكذب قصير – وإن كان طويلاً عند النظام السوري – ملّ الأتراك من أكاذيب النظام ووعوده ووصلوا إلى قناعة ويقين أن هذا النظام غير قابل للإصلاح ، وأنه نظام كذاب مخادع . ونجد تلك القناعة واضحة في حديث أردوغان الأخير مع الجزيرة ، ولكن بعد ماذا ؟ بعد شلالات الدماء السورية .

والأغرب من الأتراك العرب وجامعتهم الموقرة ، فهم إلى الآن ما زالوا يؤملون خيراً في هذا النظام  ؛ فيحاورونه ويدعونه للإصلاح ، أما تعلم العرب من الأتراك ؟ أم أن قدر السوريين أن يكونوا حقل تجارب فاشلة للسياسيين ، لن أتحدث عن الروس ودفاعهم المستميت عن النظام السوري ، فهدف الروس مصالحهم ليس غير ، إضافة لاشتراكهم مع النظام الســــوري بالظلم والدموية ، وليـــس مثال الشــيشــان ببعيد عنا ، كما أن أســـاليب التعذيب في ســـورية تعود في جذورها للأستاذ الروسي .

كل ما سبق بكفة وأن تسخر المنظمات الإنسانية الدولية لخدمة الإجرام بكفة ؛ فقد قام الصليب الأحمر بمفاوضات مع النظام  من أجل السماح لها بزيارة السجون السورية ، والتعرف على أحوال السجناء بهدف  تحسين أوضاعهم . أقول وبكل صراحة إن زيارة منظمة الصليب الأحمر للسجون السورية مؤامرة على قيم المنظمة أولاً وعلى الشعب السوري ، ولا سيما في هذا الوقت . وإليكم الدليل :

الزيارة ستقتصر على سجون وزارة الداخلية الرسمية ، ونحن السوريين نعلم أن إدارة السجون ستقوم قبل الزيارة بتحسين وضع السجناء مؤقتاً ، وتهديدهم بعدم التصريح بأي شيء ضد النظام .

هذا أولاً ، وثانياً وهو الأهم الصليب الأحمر لن يزور المعتقلات الأمنية التي يتكدس فيها السجناء الأبرياء المطالبين بالحرية فوق بعضهم بعضاً وهم يعانون الأمرّين ، ويتمنون الموت الذي لا يأتي ، فالمعتقلات الأمنية والسرية خط أحمر لا يمكن لأحد رؤيتها . وهؤلاء السجناء – الأحرار – هم من يستحق الزيارة لا أولئك المجرمون . فسجناء المعتقلات الأمنية  محرومون من أبسط الحقوق المتاحة للحيوان فما بالك بالحقوق الإنسانية علماً أنهم أرقى وأنبل بني الإنسان . هؤلاء يتعرضون للتعذيب بالجلد والحرق والكهرباء والماء والتعليق و... عدا التعذيب النفسي والإهانات  ، وكثير من هؤلاء السجناء يتعرض للتصفية دون أن يعلم به أحد ، ودون أن يدفن بما يليق ببني الإنسان ، ودون أن يصلى عليه ، ودون ...  .

عرفتم الآن لمَ وصفت الزيارة بالمؤامرة ؛ لأنها وبكل بساطة ستظهر النظام السوري بالنظام المتعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية ، وبالتالي سيظهر كنظام حريص على حقوق الإنسان . وليس أدل على ما أقول تصدر خبر زيارة منظمة الصليب الأحمر وسائل الإعلام .

وللفائدة السجناء في السجون الرسمية لا يتعرضون لأي نوع من التعذيب علماً أنهم من المجرمين في حين أن طالبي الحرية من أبناء الشعب الشرفاء وفيهم المواطن العادي والطبيب والمهندس والمعلم والطالب يتعرضون لمختلف صنوف التعذيب .

كان يجب على منظمة الصليب الأحمر ألا تجعل من نفسها مطية للنظام السوري ، وكان عليهم تحسين أوضاع الشعب الســوري المســجون في ســجن كبير ، كان يجدر بهم اشـــتراط الســـماح لهم بزيارة كـل الـمعتقلات أياً كانت لا تلك التي ينتقيها النظام .