الحوادث الأليمة والكوارث مهما كبرت وعظمت فلا بد

الحوادث الأليمة والكوارث

مهما كبرت وعظمت فلا بد؟!

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

منذ أيام  قليلة كانت قد خطفت مصيبة الموت لنا عزيزأ حراً كريماً , ناشطاً مؤمناً مجاهداً , وانتُقم منه أبشع انتقام من قبل أحط بني البشر على الاطلاق من قبل أجهزة الأمن السوري , ونحسبه شهيداً عند الله تعالى كما تمنى وقد لبى الله أمنيته واستجاب له فأكرمه بالشهادة , فرحم الله غياث مطر رحمة واسعه وألهم أهله وزووه الصبر والسلوان وعوضهم الخير الكبير في الدنيا والآخرة , ولكل من سقط شهيداً على أرض سورية الحبيبة

والمصيبة الأخرى هو التأكد من اعتقال المجاهد والبطل المقدم حسين هرموش من قبل عصابات الاجرام في سورية , فنرجو من الله له السلامة والأمان

من ثقافتنا عبر العصور تمسكنا بالرجل والبطل التاريخي , والملهم وأن النساء لن تلد مثله  أبداً , ومجتمعنا بحاجة إليه في هذه الظروف العصيبة 

فلا يُنكر تميز أشخاص ورجال في مكان معين لهم صفة قيادية أو محورية معينة , ويكون لها دور فعال , ولكن لو تتبعنا تاريخنا ووقفنا عند بعض المواقف العصيبة , لوجدنا أن تمايز شخص معين قد يغطي على الكثير ممن يفوقونه تمايزاً , في معركة مؤتة وهي أول معركة كانت بين الروم وبين المسلمين , وفي أثناء المعركة كان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة , وكأنه يقدم نشرة أخبار مباشرة عن مايجري في المعركة , فيقول قتل حامل الراية فلان واستلمها فلان , حتى كان الخامس فقال استلم الراية سيف من سيوف الله خالدبن الوليد , وباستلامه الراية وبذكائه الحربي أنقذ جيش المسلمين من الابادة الحتمية

فقضية المقدم حسين هرموش , فلو تتبعنا مصيبة فقده واعتقاله بعواطفنا والتي نتمايز فيها كشعوب عاطفية  معروفة بعواطفها الجياشة , يكون أمامنا التصرف الآتي :

لن نعجز عن كيل الاتهامات والشتائم والسباب والتخوين لتركيا ونظامها

فاعتقال المقدم حسين هرموش من قبل السلطات السورية , وطالما لايوجد بيان رسمي في ذلك له احتمالات متعددة , ولكن نختصر تلك الاحتامالات باحتمالين رئيسيين

الأول : قد تم تسليمه من قبل السلطات التركية حسب الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين الطرفين , في مقابل تسليم مطلوبين من الحزب العمالي الكردستاني , كما ورد في بعض التسريبات المكتوبة

الثاني : هو لعبة مافياوية نتج عنها استدراج للهرموش في مقابل صفة سلاح على سبيل المثال داخل الأراضي السورية , باشتراك بعض عناصر الأمن التركي والسوري

أمام الحالتين والذي لايغير في الموضوع شيء لأن النتيجة واحدة  , هنا يأتي دور الفكر المنظم والمنضبط , ومحاولة الاستفادة من هذه الفضيحة للحكومة التركية  , علينا التركيز على هذه الفضيحة , وعلينا اعتبار الحالتين حالة واحدة , واشعار الحكومة التركية بعقدة الذنب هذه , والالحاح عليها وبقوة من

قبل الاعلاميين والذين يظهرون على الفضائيات , والكتابات والمقالات بحيث نضع الحكومة التركية في موقف وحيد وزاوية ضيقة جداً , بحيث لاتجد أمامها إلا دعم الثورة بكل امكانياتها , وإلا ستضع هذه الحادثة مصداقية أردوغان في الحضيض بالنسبة للداخل التركي وعلى مستوى الشعب العربي , ونحن في أمس الحاجة لأي دعم خارجي , ولافتات الثوار في طلب الحماية الدولية واضحة , ولا يمكن توفير هذه الحماية بدون دعم تركي شامل لها

ولو يعي  المؤتمرون غداً في اسطنبول هذه الفرصة لوجب عليهم نقل مؤتمرهم من اسطنبول إلى القاهرة , مع اصدار بيان حول ذلك , تضامناً مع المقدم حسين هرموش , ولأن السلطات التركية لم تف بوعدها وتوفير الحماية  نعلن انسحابنا من تركية لعقد مؤتمرنا هذا في مكان آخر أكثر امناً وأكثر مصداقية

فالحمد لله وضع جيشنا الحر بخير ولا يتعلق بشخص واحد , وأحرارنا كثر والحمد لله , ولكن علينا الاستفادة من أية هفوة من طرف الآخرين واستغلالها لصالحنا ولدعم ثورتنا حتى تحقيق النصر بعون الله

(وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون).