الاحتشام أو زوال الأمة

الاحتشام أو زوال الأمة

د. زينب بيره جكلي

من سنن الله سبحانه و تعالى في مخلوقاته أن الجماعة التي يكثر فيها الفحشاء و المنكر ، ويسودها البغي و الظلم تزول مهما علت و تجبرت ، قال تعالى : " فأوحى إليهم ربك لنهلكنَّ الظالمين "، و قال : " فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها " ، وقال : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " ..

و للمرأة أثرها في ذلك سلباً أو إيجاباً ، فهي نصف المجتمع و مربية النصف الآخر ، هي التي تغرس في نفوس أبنائها لبان العفة والحياء ، والاستقامة على السلوك القويم ، أو تكون وسيلة انحراف لهم و سوقهم إلى الضلال و بعدهم عن الحق المبين ..

ولهذا أولتها الشرائع السماوية قبل الإسلام اهتماماً كبيراً ، فأوجبت عليها الحجاب ، كما طالبتها بالسير على الطريق الرشيد، وظل هذا التشريع في مخيلة الجاهلي ، فكانت النساء العربيات في العصر الجاهلي يضعن الحجاب ، و يتمتعن بالعفة والحياء ، ولا يكشفن شعورهن إلا في العزاء بعد أن غدا حجابهن عادة من بقايا الأديان لا خوفاً من الله سبحانه وتعالى ، وكانت المرأة تطرق رأسها إلى الأرض إن مشت ، و تَحْمرُّ وجنتاها خجلاً إن تكلمت، و لعلكن تعجبن إن سمعتن الشاعر الجاهلي الشنفرى يقول في مثل هذه  :

لقد أعجبتني لا سقوطاً  قناعها     إذا ما مشت و لا بذات تلفـتِ

تحلُ بمنجاةٍ من  اللوم  بيتهـــــا   إذا ما  بيوت  بالملامة  حلــتِ

كأن لها في الأرضِ نسياً تقُصُهُ    إذا ما مشت،وإن تحدثك تبلتِ

ولقد عبر الشاعر الجاهلي المهلهل بن ربيعة عن تذمره من الواقع الذي آلت إليه العشيرة إبان حرب البسوس ، وكان من هذا الواقع السيئ أن تخرج المرأة حاسرة ، وهذا ماأثار غيرته ونخوته فقال متحسراً متألماً :

كنا نغار على العواتق   أن تُرى     بالأمسِ خارجةً عن الأوطانِ

فخرجنَ حين  ذوى   كليبٌ حسراً        مستنقعاتٍ   بعده بـــهــــوانِ

يخمِشنَ من أُدمِ الوجوه حواسراً         من  بعدهِ  و يَعِدْنَ بالأزمانِ

ولم تكن هذه الغيرة في قلوب الرجال فحسب ، بل كانت النساء أشد غيرة و حرصاً على أنفسهن أن تراهن عيون الرجال، ولهذا أسدلت عبلة حجاب وجهها عليها حينما رأت عنترة فقال:

إن تُغدِفي دوني القناعَ فإنني          طَبٌ بأخذِ الفارسِ المُستلئمِ

وهذه زوجة النعمان بن المنذر يسقط حجابها عن رأسها فيراها النابغة فتتَّقيه بيدها ، وكأنها تشير إليه أنْ غُضَّ طرفك، فيقول :

سقطَ القناع و لم تُرِدْ إسقـاطه        فتناولتهُ واتقتنا باليـدِ

فيقال فيه لما وصف المرأة هذا الوصف إنه من المخنثين ، لأنه تحدث بما يخص كرامة المرأة ، وهذا ليس من شهامة الرجل، وسميت هي بالمتجردة لأنه تحدث عن تجردها من الحجاب في هذا الظرف .

وأما أخت مالك بن العجلان فقد استنكرت أن تدخل النساء على اليهودي أرطبون قبل أن تدخل على زوجها في ليلة زفافها، وعبرت عن استنكارها هذا بخروجها في شوارع المدينة سافرة ، فلما رآها أخوها همَّ بقتلها وقال لها : فضحتِني ونكَّسْتِ رأسي وأغضضْتِ بصري ،فقالت له : الذي تريده أنت بي شر من هذا وأقبح وأفضح إن كنت تهديني إلى غير بعلي،  فقال لها : صدقت وأبيك ، ثم احتال على اليهودي حتى قتله .

و لما جاء الإسلام عد احتشام المراة فريضة من فرائضه، و لما نزلت آية الحجاب : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ، وكان الله غفوراً رحيماً " شقت النساء المسلمات مُروطهنَّ فاختمرن بها تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه .

ولقد قامت حروب من أجل تنفيذ أمر الحجاب في الجاهلية والإسلام كحرب الفِجار، ويعرف باسم فجار المرأة، وخبره أن امرأة من بني عامر بن صعصعة من هوازن وافت عكاظ، وكانت امرأة جميلة طويلة عظيمة، فأطاف بها فتيان أهل مكة ينظرون إليها، وعليها برقع على وجهها فسألوها أن تبدي عن وجهها فأبت عليهم، فلزموها، فقعدت تشتري بعض حاجتها فجاء فتى من أولئك الفتيان وهي قاعدة فحل أسفل درعها بشوكة إلى ظهرها، فلما فرغت من حاجتها قامت فإذا هي عريانة، فضحك الفتية منها وقالوا : " منعتنا وجهك فنظرنا إلى سفلتك "، فكشفت المرأة عن وجهها فاذ وجه وضيء، وصاحت: " يا لقيس انظروا ما فعل بي "، فاجتمعت إليها عشيرتها، وحملوا السلاح وحملته كنانة وحصل بينهما قتال فدماء فتوسط حرب بن أمية سيد كنانة، ودفع ديات القتلى وأرضى بني عامر بن صعصعة .

وكذلك فعل يهود بني قينقاع في المدينة المنورة إذ ربط أحدهم ذيل ملابس امرأة جالسة للشراء إلى رأسها، فلما نهضت كشف جسدها، فقتله مسلم، فقتل يهودي المسلم، وكانت هذه بداية الحرب مع اليهود، وقد أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن المدينة المنورة لذلك .

و لما وصف طويس امرأة لخاطب وصفاً أنم عن دقة نظره إليها نفاه الرسول عليه الصلاة والسلام عن المدينة المنورة عقوبة له، فلما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم رفض ابو بكر ثم عمر رضي الله عنهما إرجاعه إلى المدينة المنورة لسوءته، فلما كان عهد عثمان رضي الله عنه قبل إدخاله إياها لكبر سنه .

وكان احتشام المرأة لا يتزعزع حتى في أيام الشدائد ، إذ لا تنسى حياءها و حجابها ، فقد جاءت امرأة إلى الرسول صلى الله عليه و سلم تسأل عن ابنها الشهيد أفي الجنة هو ، وكانت منتقبة ، وقد عجب الصحابة من ذلك ، فهي مصابة بفلذة كبدها ، فقالت ترد عليهم : " إن أُرْزاَ ابني فلن أرزأ حيائي" فاللهَ الله في أمثال هذه النسوة .

وأولاد هؤلاء النسوة أقمن حضارة زاهية امتدت من المحيط الأطلسي إلى حدود الصين ، ومن حدود موسكو إلى منتصف القارة الأفريقية ...حضارة زانت الدنيا بعطائها ، ويكفي أن يقول هارون الرشيد للغمامة : سيري أنى شئت فخراجك يُجبى إلي ، و أن تنتشر معطيات حضارتنا يومذاك إلى أوروبا فيظن الملك الأوروبي الفرنسي شارلمان أن في الساعة التي أهداها إليه هارون الرشيد جنياً يحركها ..

أما اليوم ، وما أدراك ما اليوم ... كلام دون فعال ، ونفوس متهاوية على المتاع ، و مشيات خليعات ، وقد أحزن هذا الشاعر فقال :

أقسمتُ لا حباً شكوتُ  و لا هوىً     يدمي الفؤاد فيرسل  الآهـاتِ

لكنني أبكــــــي و حُقَ ليَ البـــكا        مجداً  أضعـــناهُ  بغيرِ  أنــاةِ

ومشَوا وراء الغربِ حتى أغرقوا       في اللهوِوالآثـامِ  و الشهواتِ

ليستْ فرنسا حينَ تحذو حذوهـــا    في حكمها الخالي من الحسناتِ

بأجــلَ من نورِ الإلهِ و هـــــديـــــــهِ        شتان بين النــور و الظلماتِ

نعم ، لقد أضعنا مجدنا حين تهافتنا وراء ما يسمى " بالموضات الأجنبية " وحسبنا التكشف والعري والاختلاط والمجون رقياً .. استوردنا منهم أفكارهم و ملابسهم و زينتهم، حتى غدت بناتنا لا يحتشمن في أحاديثهن ، ولا في ثيابهن ، بل صرن يطلبن من الرجل أن يصف جمالهن بلا حياء ولا خجل ، و أن يسمح لهن بالعشق لأن الله جميل و يحب الجمال ، ووقائع الأدب تصور هذا .. جاءت واحدة إلى الشاعر عمر بهاء الدين الأميري وقالت له : ما رأيك بقول الشاعر :

خلقتَ الجمالَ لنا فتنــــةً             وقلتَ لنا يا  عباد  اتقون

وأنتَ جميلٌ تحب الجمال           فكيفَ عبادك لا يعشقون

ولكن الشاعر المؤمن تصدى لها وقال على الفور : وأنا أقول :

خلقتَ الجمال لنا نعمـــةً            وقلتَ لنا يا   عبادِ اتقـــون

وإن الجمال تقى  و التقى          جمالٌ و لكن  لمن  يفقهون

ومَن خامر العشق أخلاقه         تأبى الصَغارَ وعافَ المجون

وجاءته إحداهما وطلبت منه أن يصفها في غير استحياء ، فقال لها مذكراً إياها بدور المرأة في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها أمتنا الإسلامية :

حــواء و لكن أيـــن  أنا          والأقصى يرزح في الأسرِ

وفتاة القدسِ غدتْ عميا      ءَ من التعذيبِ من القهــرِ

سألوها عن أسرارِ الفتح   _     وساموها سوء الضــــــرِ

فأبتْ و رأتْ جعلَ العينين  _     وقاءً أصون للســـــــــــر

عمياءُ وتبصرُ نور اللـــه  _     و ذو عينــــــينِ لا يدري

نحن الآن في حضارة جاهلية جهلاء ،فتيات يتخبطن في خضم بحر مائح من أهوائهن ، غافلات سامدات ساهيات .. لا ينظرن إلى عواقب أمورهن في الدنيا ولا في الآخرة.. ولهذا هدمن بيوتاً كثيرة ، وتهدمت بيوتهن، وبات الاختلاط وعدم الاحتشام في القول والفعل يدمر الأسر والمجتمع، فهذه واحدة تغري شاباً ويغريها، ثم يسافر الرجل لجمع المال، فيعود ليراها قد تزوجت صديقهما، فتدب الغيرة في قلبه ، ويولم لهما وليمة لم يحتشما إبانها ، وتبادلا أمامه كلمات الحب وحركاته ، فثارت ثائرة الرجل وأطلق عليهما النار وهما مضطجعان وسلم نفسه للشرطة، وواحد زوَّر أختام أخيه الطبيب ليعطي لصديقته الطالبة في الثانوية تقارير طبية تثبت أنها مريضة اثناء غيابها عن المدرسة، ولم يدر أهلها بها حتى قتلت الفتاة في ظروف غامضة، وثالثة تتعرف عن طريق اختلاط الأسر ببعضها على صديق زوجها ثم تتزوجه لغناه فيغار زوجها ويقتلهما في منزلهما، ورابعة تدس السم لصديقة زوجها، وخامس يحرق زوجته بعد أن تأخرت ليلاً وحسب أنها تخونه مع صديقه، وربما لاحظ منها ما يريب فاحترقت عينها وتآكل لحم وجهها وصدرها، وسادسة تخون زوجها مع صديقين له، ثم يقتلونه ويستأجرون شقة، وتدعي للناس أن أحدهما زوجها والآخر أخوها، ثم تدب الغيرة في أحدهما فيقتل الثاني وتنكشف المؤامرة، وتسجن المرأة ولا يعترف أهل الوالدين بأولادها الأربعة فيشردان في الملاجئ ...

أسر تهدم، وحضارة تقدم للناس وجبات طعام لذيذة، ولكنها لم تقدم لهم وجبات أخلاق مفيدة ، ونتيجة هذا كله قتل وتشريد، وأمراض خبيثة وغير خبيثة، الإيدز انتشر في ثلث شعب إفريقيا ويعمل على تدميرها، وملايين البشر في دول متحررة يقتلون من هذا المرض، والأمراض العصيبة تزداد بين الشعوب يوماً بعد يوم نتيجة لما يراه الرجال وما تراه النساء ، حتى لقد وصلت الأمراض العصبية في إحدى الدول إلى90% من أبنائها ، وقدر إيراد التجار من أفلام الجنس مع الأطفال ما عدا الكبار بالملايين سنوياً، ويزداد القبض على المجرمين بتهمة الاعتداء على الأطفال سنوياً، فكيف سيكون هؤلاء الأطفال رجال المستقبل في مستقبل حياتهم، وما المصير الذي ينتظرهم، وما الإنتاج الذي سيقدمونه لوطنهم، وهل تعمر دولة أولادها كهؤلاء ؟ أسئلة لابد لها من حل .. لقد امتلأت السجون الأوربية ومستشفياتها بالفتيان والفتيات دون سن العشرين نتيجة المتاجرات بالجسد، وما يتبع ذلك من أمراض، وما يتبعه من أخطار مادية و نفسية واجتماعية واقتصادية .. حتى لقد صرح المسؤولون في روسيا أن مستقبل البلاد في خطر نتيجة انغماس الشباب في اللهو، وها قد رأيناها تنهار فجأة بعد أن كانت إحدى أكبر دولتين في العالم .

وهذا الشاعر الأميري يحدثنا في شعره عن مظهر من مظاهر هذه الحضارة الزائفة ، فقد جلست أوربية في صدر المطعم عارية لمن أراد أن يرسمها ، فحسِبَها تمثالاً ، ثم تبين له أنها امرأة من لحم ودم ، فثارت ثائرته ثم قال :

 

أفتــاةٌ غضـــــةٌ كالياسمين      برزتْ عريـــانـةً للناظـريــــــن

زعموا والمين فيما زعمــــوا    أنها جالــــسةٌ للراسميـــــــــــــــــن

ودعَوا ذلك فنـاً فنــــــداً     يبرأ الفنُ من الجورِ المهـــين

إنـه الـرقُ الذي ينكــره      كل إنسانٍ و وجدانٍ و ديـن

ولقد أثبتت التقارير أن المرأة غير المحتشمة تتعرض لحوادث الاغتصاب و القتل في أكثر البلاد تحررية، أو لنقل تردياً، إذ صار عدد الحوادث في بعض الدول بمعدل حادثة في كل ست دقائق، ووصلت الخيانة الزوجية إلى 70% ، ووصلت حالات الانتحار إلى25% ، أما في البلاد العربية فقد ازدادت حوادث الطلاق مع عدم احتشام المرأة، وأدى هذا إلى تدهور الأسر، وقد بلغت نسبة الطلاق 54% ، هذه الإحصائيات تشير إلى ازدياد تهديم كيان المجتمعات،      أفلا تضعف الأمم بل تزول بهذه الأمراض والتشرد والبغاء والتفكك الأسري ، وما ينتج عنه من جرائم وضعف إنتاج .

ولقد أدى عدم الاحتشام في البيوت إلى كثرة الزواج من الأجنبيات ، ففي 1994م أثبتت الإحصائيات أن 30 % من شباب إحدى الدول العربية  تزوج من أجنبيات ، وكان 17 % منهن آسيويات ، وهذا يعني أن التركيبة السكانية بعد ربع قرن ستختل موازينها العقائدية والاجتماعية والسياسية لأن الآسيوية لا تربي أبناءها على حب الدين ولا اللغة العربية، ومن ثَمَّ ستتهدم الثوابت في هذا البلد، وستزول قدرتها وطاقاتها كما زالت قدرات كثير من الدول العربية والأجنبية .

أما أخطار تبديد الأموال وهدر الأوقات فحدث ولا حرج ، فالشباب يضيع أوقاته وجهوده أمام التلفاز ليشبع جشعه الجنسي، وقد أثبتت الدراسات أنه تهدر110 ملايين ساعة سنويا في دولة واحدة تحوي 500 محل فيديو، ويؤجر كل محل وسطيا 500 شريط ، وزمن الشريط ثلاث ساعات ، ويشاهده أربعة فحسب فكيف إذا زاد العدد ؟ وهل تفلح أمة تهدر فيها طاقات الشباب ؟ أو تبنى حضارة بهذا الإهمال واللامبالاة، وهذه النسبة ازدادت بشكل لايدع مجالا للشك بعد انتشار شبكة المعلوماتية ( الإنترنت ) وأجهزة التواصل في المجتمعات .

إن الإسلام بنى حضارة معطاء حين استغل الشباب طاقاتهم فيما يعود على الأمة بالخير ، وكانت توجيهات الإسلام في هذا الصدد خير موجه ، ولكن حضارة بلادنا اليوم عري وزينة وركض وراء الشهوات إلا ممن رحم ربي .

لقد خرجت المرأة المسلمة إلى العمل وهي متمسكة بحجابها وعفتها، وضرب الله سبحانه وتعالى للمرأة مثلا في ابنتي شعيب اللتين خرجتا للعمل لحاجة إذ كان أبوهما شيخا كبيرا، وقد جاءت إحداهما تمشي على استحياء وقالت إن أبي يدعوك ... وهكذا تكون المرأة العفيفة النقية .

أخواتي إن الانفتاح على القنوات العالمية أساءت إلى ديننا وإلى قيمنا وعاداتنا، لقد تغيرت سلوكيات أبنائنا حتى صرنا نرى المنظمات العالمية تطالب بأن تكون المرأة المسلمة كالغربية وهذه أنتن أدرى بحالها، سفاح وزواج من الجنس الواحد و... ولكن الدول العربية والإسلامية وقفت وقفة صامدة لئلا يحل بنا ما حل بالغرب وهذه القصة كفيلة أن توضح الأمر :

سألت إحدى الكاتبات بريطانية هل أنت متزوجة فقالت سأتزوج الرجل الذي عشت معه منذ عشر سنوات، فدهشت المرأة وسألتها هل تنوي الإنجاب منه ؟ فقالت لقد أنجبت خلال عشر السنوات طفلين سيشهدان حفل الزفاف، فلما اشمأزت المرأة من قولها وسلوكها قالت الأجنبية ليس عندنا مشكلة في ذلك .

وسمعت أن فيليبينيا أسلم وكانت له ابنة غير شرعية تربيها أخته، وهذه تسكن مع رجل لم تتزوجه بشكل شرعي أيضا .

أهذه حضارة أم مادية حيوانية !!..

وهذه قصة من أدبنا العربي تشهد بخطر عدم الاحتشام : سمع ( وانتبهن أخواتي إلى كلمة سمع فقط ولم يعاشر ولم يختلط ) – قيس بن الملوح بجمال ابنة جيرانه فأحبها وهام وجدا بها ، ثم جن بسبب ذلك وأطلق عليه اسم مجنون ليلى ، وكان يقول :

إذا ذكرت ليلى عقلت وراجعت    روائع عقلي من هى متشعب

وأما جميل بثينة فكان يقول :

أراني إذا صليت يممت نحوها    بوجهي وإن كان المصلى ورائيا

فهل يقول ذلك مسلم عاقل ؟

وهذان عاشا في مجتمع إسلامي لا تكشف فيه ولا اختلاط ، وقد حجب الأهالي المرأتين  فماذا يفعل رجال اليوم ؟ ولهذا يكثر الطلاق وهذا يسبب الأمراض النفسية والعصبية ويؤدي إلى الفقر وتهدر الأوقات بالتفكير بما يتعلق بهذه المأساة بدلا من استخدامها بالعطاء ، وبما أن نسبة الطلاق قاربت النصف أو زادت في بعض الدول فإن نصف المجتمع سيغدو منهوكا ولن ينتج حق الإنتاج ، ألا تزول أمة كثرت فيها هذه المنكرات ؟

إن البوذي يتمسك ببوذيته، والهندي يعض على وثنيته بالنواجذ، والنصراني واليهودي كذلك، أما المسلم فواحسرتاه عليه ... إن دعا إلى عفة قالوا إنه رجعي، لقد عملت بروتوكولات حكماء صهيون عملها في النفوس والقلوب فأبعدت الشباب عن الأخلاق، وجاء فرويد وأطلق العنان للشهوات لئلا تكبت بزعمه، وباتت المرأة المسلمة تسعى وراء البنطال الضيق والتسريحة الجميلة حتى إن أحد حلاقي النساء عبَّر عن تذمره من الزحام حينما تروج تسريحة جديدة، وصرنا نرى رجالا من الشاذين جنسيا يرتدون ملابس زفاف نسائية في زواج من الجنس الواحد !! ...

لقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم " القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على مَن فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ."

وهذه سفينة حياة ... فيها من يتخبط ويترك القوانين الإلهية، فإن تركوا وما يشاؤون هلكوا وأهلكوا الأمم  .

أختاه في الله :

هناك من أدرك الحقيقة فتاب وأناب، ومن هؤلاء ممثلات ، ولقد جاهدت المرأة في أندونيسيا عشر سنوات لتحصل على حقها في الحجاب ، وكذلك حصل للمرأة التركية، وقد أدركتا معنى قوله تعالى " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون ؟ " وقوله تعالى : " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون . اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها "

وإن الله ليزغ بالسلطان مالا يزغ بالقرآن، فاحذروا الهلاك لئلا تكون الأعراض سلعة أو غرضا تتقاذفه الأهواء وسط عباب لا يدرى له قرار .

أختاه المسلمة:

يا أمة الله تحشَّمي، صوني جمالك فأنت درة مكنونة، وستقفين أمام خالقك إن خيرا فعلت وإن شرا ، وبالأمس ماتت فتاة وهي ترقص فظلت على هيئتها ولم تستطع من غسَّلتها أن تعيد أعضاءها وستحشر على هذه الحال في يوم " يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " في " يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " .

واسمعي ما قاله الشاعر عمر بهاء الدين الأميري في مضيفة في مطعم جاءته لتعرض عليه شرب الخمر فلما أخبرها بأن الإسلام حرمها على الإنسان كائنا ما كان دينه قالت له : وما أدراك أنني إنسان ؟ أنا هنا أمارس حيوانيتي ، وتساقطت دموع حرّى على وجهها وتمتمت بكلمات انفعلت لها نفس الشاعر الأميري فقال يرثي حال المرأة الأوربية :

البائسات المائسات كآلـــــــــــــة من غير روح

الضاحكات وقد طوين قلوبهن على جروح

وسلوا الشقاء وإنه بئس المصير فقد يبوح

ماللحياة حياة دنيا الغرب ملأى بالقــــــــروح

الرق فن والتسابق في الضلال هو الطموح

ياردة البشرية الرعنــــــــــــاء عن هدي سبـــــــــوح

الطائر المكدود في الأوداء كل عن السفوح

هذه حال المرأة الغربية وحريتها !!.. وشقاؤها هو سنة الله في أرضه : " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " فإن أردت الراحة لك ولأمتك فعليك بالاحتشام ، والأمة قوتها بشبابها الصحيح جسميا وعقليا ونفسيا لابمرضى القلوب والعقول ، وإن زينة المرأة كما قال تعالى بلباسها المحتشم ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا خذوا زينتكم عند كل مسجد " وقال عز وجل : " ولباس التقوى ذلك خير " ، ثم إن الله سبحانه لم يحرمك – أختاه المسلمة - الزينة ولكن أظهريها أمام النساء والمحارم من الرجال لا الأجانب، وإلا كان الغضب من الله سبحانه وجلب العذاب والهوان .