دعوا الإسلام نقيا لا تشوهوه

مصطفى أحمد البيطار

دعوا الإسلام نقيا لا تشوهوه

مصطفى أحمد البيطار

[email protected]

الإسلام دين الفطرة.. التي فطر الله الناس عليها..  وأي فطرة سوية أعظم وأجل من هذا التفضل والتكرم من الخالق على المخلوق. بلا عناء ولا جهد ولا مشقة تسير الحياة متلائمة مع الإنسان منذ ولادته حتى نهايته إن تركت على سجيتها دون تشويه أو عبث. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ). والإسلام هو خلاصة الأديان وخاتمها وأكملها وأشملها وأنفعها وأوسطها.لا إفراط ولا تفريط,  ولا غلو ولا مغالاة, ولا يقبل يوم القيامة من أي مخلوق غيره. قال الله تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).

الإسلام هو البناء الشامخ الرحب الذي بني على خمسة أركان. كل ركن له أهميته في المحافظة على هذا الصرح. وأي خلل بأي ركن هو زعزعة البناء بكامله وتهدمه.( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام).

لقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. لأنها الركيزة الأولى وأس الأساس لبناء الفرد المسلم الذي كان اللبنة الأولى في تكوين دولة الإسلام, وكم كان حريصا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشهد بذلك عمه أبو طالب. لكن لم يتلفظ بالشهادة لإدراكه بما تحوي من مفاهيم يجب أن تتغير وأصنام يجب أن تزال وتكسر ومفارقات لأصحاب وأحباب وأهواء يجب أن تحارب وتهجر. لذا لم يقلها, وهو العم ( أبو طالب ) الذي كان السد المنيع أمام السيل الجارف والعواصف الهوجاء التي يحركها صناديد الشرك والكفر من زعماء قريش لتعذيب المسلمين( بلال الحبشي) -  نموذج من المعذبين - الذي كادت تزهق روحه- بيد معذبه وسيده (أمية بن خلف)- وهو يئن تحت الصخرة العاتية التي وضعت فوق صدره, في لهيب الرمال المحرقة في بطحاء مكة وقت الهاجرة. من أجل كلمة لو أنكرهها لنجا من التعذيب. وهو يرددها أحد أحد. هذه الكلمة التي سرت في كيانه مسرى الدم في العروق فأضاءت  لها جوارحه.فكان منارة وتاريخا يفتخر به في الثبات على الحق والصبر على الابتلاء. ودرسا حيا لكل مسلم يبتلى في دينه. كم من ملاين المسلمين تشهد اليوم بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقولها باللسان, , ولا يصدقها العمل ؟ أين المسلمون الآن من الرعيل الأول؟ الذين حملوا راية الإسلام وأثبتوها خفاقة فوق القمم في شتى أنحاء البلاد مع قلة العدد والعتاد,  وكثرة اليقين بنصر الله, وحب الجهاد والاستشهاد في سبيل نشر كلمة التوحيد لإنقاذ العباد من الظلم والرق   والاستعباد.

أما الصلاة. فهي عمود الدين

كانت مصدر القوة والطمأنينة للمسلم ( أرحنا بها يا بلال) حتى في مواجهة العدو لم يؤخرها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقتها لما لها من أهمية بالصلة الحقيقية مع من بيده النصر (وما النصر إلا من عند الله) ويتصل المسلم بربه خمس مرات في اليوم والليلة يطلب من ربه الهداية, والاستقامة على الصراط المستقيم.فهل لا يرد عليه إذا كان الخط موصولا؟ !! وهو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. هذا لا يكون مع البشر, إذا كانت الصلة قوية ومتينة, فكيف مع خالق البشر؟ أين المصلون الآن؟ الخط خرب والأسلاك تالفة والاتصال منقطع, بسبب الكذب والغش والظلم. والفساد .  وليس لكثرة المصلين أية قيمة, فأصبحت الصلاة عادة لا عبادة. - جسما بلا روح-خلت من الخشوع والخضوع. يكثرون الدعاء ومطعمهم حرام ومشربهم حرام فأنى يستجاب لهم  ؟

أما الزكاة:

 قل من يؤديها إلى مستحقيها..أما المحتالون الذين برخص الجاهلين مقتدون وعن العلماء العاملين معرضون فهم الأكثر ون. لذا كثر الربا والحسد والحقد والهرج والمرج بين أفراد الأمة الإسلامية وأصبح التدابر والتناحر والفرقة بين المسلمين أمر خطير.بعد أن كانوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. ومن استحقت عليه الزكاة ولم يؤدها منكرا لها فقد ارتد عن الإسلام, وإن حج ,وصلى, وصام. وكلنا يعلم كيف ارتدت العرب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. بسبب الزكاة ؟ فوقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمام أعظم محنة كالأسد الهصور يقول والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه. والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. وهذا في أحرج وقت, يوم كان جيش أسامة متأهبا للذهاب لمقاتلة الروم في بلاد الشام وأكثر المقاتلين من المهاجرين والأنصار معه. فاستأذن أبو بكر الصديق رضي الله عنه أسامة بن زيد بعمر بن الخطاب ليكون عونا له. فأذن له.

أما الصيام في شهر رمضان:

 فهو صيام عن الطعام والشراب بالنهار فحسب إلا من رحم الله. شهر تزداد به الشراهة للطعام والشراب بألوانه وأصنافه. وترى الأسواق مزدحمة وكأن الناس قادمون على مجاعة.لذا تجد المراكز الصحية تطفح بالمتخمين من المصابين بعسر الهضم. ما من أجل هذا شرع صوم هذا الشهر في السنة !!!!. كيف يشعر الأغنياء بجوع الفقراء إذا ما جربوا الجوع حتى ولو شهرا في السنة ؟ . هل عصب أحد من المسلين بطنه بحجر من ألم الجوع تأسيا برسول الله, وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما, عندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته من شدة الجوع فرأى صاحبيه فسألهما عن سبب خروجهما, فقالا الذي أخرجك أخرجنا يا رسول الله. أي شدة الجوع.

أما الحج:

 فهو الفريضة التي جعلها الله للقادرين  من المسلمين ماديا وجسديا مرة واحدة في العمر ليعود المسلم نقيا كيوم ولدته أمه ليبدأ صفحة ناصعة البياض  يختم  بها عمله. والآن أصبح الحج  نزهة بيوم واحد يقف في عرفات ثم يعود إلى منزله ليستحم وينام  ثم يؤدي ما بقي عليه جامعا كل الرخص . وإن كان غنيا كلف من يؤدي عنه ما بقي عليه بأجرة وانتهى الحج .  أين التأمل في  كل شعيرة؟ أين الجهد والمجاهدة؟ أين الشعور بالموقف يوم عرفة    لأنه الصورة المصغرة عن يوم القيامة؟ أين المؤتمرات التي تعرض فيها مشاكل الأمة الإسلامية لإيجاد الحلول لها؟ لقد شوهنا إسلامنا بأتباع شهواتنا وجهلنا بتعاليم ديننا. كان إسلامنا نبعا ثرا صافيا فياضا يشتهيه كل من وصل إليه دون شوائب. والآن يا أمة الإسلام ماذا دهاك ؟ تركت قيادة العالم, وأصبحت منقادة لكل عتل زنيم.مناع للخير معتد أثيم. هتكت الحرمات وضاعت الأمانات, وارتكبت المحرمات, وسلبت من البلاد الخيرات,  وانهمرت العبرات, وأصبحت الدماء سيلا في الطرقات. أما آن للمسلمين أن يعودوا إلى إسلامهم الصافي بلا مؤامرات ولا مؤتمرات. جربوا إسلامكم النقي ولو مرة واحدة. فيه الهداية من الضياع والبراءة من الأعداء الذين يروجون للعولمة ولفصل الدين عن الدولة.   وإلا أعلنوها بصراحة إما إسلام نقي أو لا إسلام  (خذوا الإسلام جملة أو دعوه) سيأتي الله بقوم غيركم ولا تضروه شيئا.

( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).