ملحمة غزة هاشم موقف ورأي

ملحمة غزة هاشم

موقف ورأي

د. جبر خضير البيتاوي

[email protected]

[email protected]

أ. مساعد في قسم اللغة العربية/ كلية الآداب

 جامعة النجاح الوطنية

لقد أحدثت الحرب الإسرائيليّة الأخيرة ضد غزّة الأرض والإنسان قبل سنة, والتي استمرت اثنين وعشرين يوماً هزّة قوية في نفوس البشرية جمعاء، ولا سيما الأدباء والمفكرين من أهل فلسطين خاصّة، والعرب والمسلمين عامّة.

فهذه المعارك شاهدها جميع النّاس مباشرة عبر محطّات التلفاز المرئية والوسائل الإعلامّية المختلفة. ورأينا جميعاً كيف يقوم جيش الاحتلال في غزّة -ذات البقعة الجغرافية الصغيرة والمحدودة- بإسقاط الصّواريخ المتطورّة الذكيّة منها والغبيّة والقنابل العنقودّية المحرقة والفوسفورية المحرّمة دولياً بالطائرات والبوارج والدبابات الأمريكيّة.

وفي المقابل يقفُ شعب غزّة المستضعف والمحاصر برّاً وبحرًا وجوّاً يقودهم رجال مقاتلون يحملون أسلحة متواضعة في عدّتها، ولكنها قويّة في إيمانها، يدافعون عن القلاع الأخيرة في فلسطين وحياض بلاد العروبة والإسلام، ومعهم كلّ العرب والمسلمين وأحرار العالم داعمين ومساندين لهم بأيديهم وحناجرهم ومسيراتهم الجماهيرّية الغاضبة.

لقد شكّلت هذه المذابح الصهيونية ضد النسّاء والأطفال والشيوخ والمباني والمزارع عبر هذه المجازر الجديدة والمدعومة بالآلة الأمريكية المدمرة، وأنظمة عربية ومتواطئة شكلت ملحمة بطولية وأسطورية.

فحرّكت كينونة الكتّاب والعلماء العاملين، والفنّانين الملهمين، فخرجت الأقلام عن سباتها والأدباء والشعراء عن رتابتهم والعلماء المخلصين عن صمتهم، وأمّة العرب والمسلمين عن خنوعها.

وإذا بعشرات الأعمال الكتابية والغنائيّة والإبداعيّة والمعبّرة تخرج متميزّة وثائرة ضد العدوان وخذلان وظلم الأعداء الأباعد والأقارب، وكوّنت لوحات خالدة تناغمت مع سيوف المجاهدين والمقاومين والناس المتشبثين بأرض فلسطين أرض الإسراء والمعراج، أرض المعجزات والكرامات.

وسطرّت هذه الملاحم البطوليّة أيام غضب وخارطة جديدة، أرجعت لأهل فلسطين كيانهم المهدور، وللعرب والمسلمين عزّتهم المسلوبة وأعادت أمجاد خالد وسعد وصلاح الدين والظاهّر بيبرس.

ولتقول للعالم الأعداء قبل الأصدقاء، أنّ أهل فلسطين يعرفون أمانة التكليف الرباني لهم؛ لحماية أرض الرباط، فها هم واجهة أمّة العرب والإسلام والمستضعفين في الأرض في التصدي للاحتلال الإسرائيلي والإفرنجي الجديد، وقيادة مسيرة القتال والمقاومة ضد المحتلين اليهود وأعوانهم لأرض فلسطين وكل أرض دنسها الغزاة الجدد.

وها هو شعب فلسطين العظيم قد شكّل مرحلة جديدة في تاريخ العرب والمسلمين الحديث، فبدأ عصر الانتصارات والعزّة وولّى زمن الهزائم والذلة، وأنّ فجر نور الإسلام بدأ يشرق من جديد.

فهذه الأمّة –من الآن وصاعداً- مصمّمة على دحر العدوان وإعادة الكرامة المهدورة والعزة المسلوبة يتكامل فيها كل أطياف الحريّة: المقاتل الشجاع، والشعب الصابر والجماهير الغاضبة والمثقف الحر، والإعلامي البارع، والأديب والمغني الثائر.

فهاهم رجال الله عادوا من جديد ليحيوا مجد الأمّة، ويقودوا مسيرة النصر والتحرير.