أي معروف ..؟ وأي منكر ..؟

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

يقول الله تعالى:"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ"ولكن ما هو المعروفُ..؟وما هو المنكرُ..؟فلكلِّ أمةٍ وفق ثقافتها وقيمها فهمُها الخاص للمعروف وللمنكر..فما هو من المعروف عندَ أمةٍ قد يكونُ من المنكرٍ عندَ أخرى..!وما هو منكرٌ في ثقافة قومٍ قد يكونُ من المعروف في ثقافة أقوامٍ آخرين..!أما عندً المسلمين..فقد وضّحَ المفسرون ومنهم الإمامُ الطبريُّ يرحمه الله تعالى هذه المسألة على النحو التالي:"المعروفُ:الإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالْعَمَل بِشَرَائِعِه..وَأَصْلُ الْمَعْرُوفِ :كُلّ مَا كَانَ مَعْرُوفًاً وَفِعْله جَمِيل مُسْتَحْسَن غَيْر مُسْتَقْبَح فِي أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّه..وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ طَاعَةُ اللَّه مَعْرُوفًاً لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْرِفهُ أَهْلُ الْإِيمَان وَلَا يَسْتَنْكِرُونَ فِعْله..والْمُنْكَرُ:الشِّرْك بِاَللَّهِ،وَتَكْذِيب رَسُوله،وَالْعَمَل بِمَا نَهَى عَنْهُ..وَأصلُ الْمُنْكَرِ:مَا أَنْكَرَهُ اللَّهُ،وَكان قَبِيحًا فِعْله،وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مَعْصِيَة اللَّه مُنْكَرًا"وفي ضوءِ ما تقدمَ وعلى أساسٍ من مقاصد الشريعة..أقولُ وبالله التوفيق:المعروفُ:كلُ ما عُرف خيرُه..وتعيّن نفعُه لإجلال قدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته ومصالحه..وكلُ ما يصونُ سلامة البيئة والمجتمعات ويحققُ مصالحَ الناس..ويقيمُ العدلَ والتعايشَ الآمن بين الأفراد والمجتمعات وقدمت سورة الفرقان للناس بعض دلالاته من قوله تعالى:وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا وحتى قوله سبحانه:وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا..والمنكرُ:كلُ ما عُرف شرُه..وتعيّن ضررُه بقدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته ومصالحه..وكلُ ما يفسدُ سلامة البيئة والمجتمعات..ويدمرُ مصالحَ الناس..ويبعثُ روحَ الكراهية والعداوة والظلم والتدابر بين الأفراد والمجتمعات لقوله تعالى:"وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ"وجمع الله تباركت أسماؤه فضائل وجلائل معاني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بآية واحدة قوله تعالى:"وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..هو جوهر غاية ومقاصد دين الله تعالى وشرائعه التي جاء بها أنبياؤه ورسله منذ أبينا آدم عليه السلام وحتى خاتمهم نبينا ورسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم جميعاً أفضل الصلاة والتسليم..لقوله تعالى:"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ".