ندين ونستنكر العدوان على الإنسان 

ندين ونستنكر العدوان على الإنسان 

مسلما ومسيحيا ويزيديا،

سنيا وشيعيا وعلويا،عربيا وكرديا..

زهير سالم*

[email protected]

ندين المجرم القاتل مسلما كان أو مسيحيا سنيا كان أو شيعيا أو علويا ندين ازدواجية المعايير ونلحق أصحابها  بالقتلة المجرمين

ليست حضارتنا الإسلامية العريقة التي تُعطى الدروس في حماية الإنسان وتكريمه والحفاظ عليه مهما تعددت أعراقه وثقافاته وعقائده . ولسنا نحن الذين تُلقى علينا المواعظ في  حماية المخالفين دينا وعقيدة أو جنسا وعرقا . إن وجود هؤلاء المخالفين بين ظهرانينا على مرالقرون وكر الدهور هو وحده الكفيل بالرد على المشككين والمنددين والمدّعين .

  لم يسجل علينا التاريخ أننا نصبنا محاكم للتفتيش على قلوب البشر وعقائدهم من المسيحيين واليهود والمسلمين . ولم يعرف عنا أننا باركنا جريمة إبادة في حجم الهولكست النازي ، بالتشجيع الضمني أو الصمت المريب .

وأربعون شهرا وجريمة الإبادة يرتكبها القاتل المبير بشار الأسد بحق إنسان سورية ، بحق رجالها ونسائها وأطفالها ، بحق مسلميها ومسيحييها وبحق عربها وكردها ، وبحق أشجارها وعمرانها وما سمعنا كلمة استنكار للجريمة صريحة واضحة نافذة لا تلعثم ولا تردد  فيها  ممن قدرنا فيهم أنهم الأحق بها وأهلها ..

وكان من تمام الجريمة التي ارتكبها بشار الأسد وداعموه وممولوه والصامتون عليه  ما قاموا به من استنبات ميليشيات هجينة غريبة  بين ظهرانينا، ثبتوا أقدامها ، وظللوا عليها ، وفتحوا عليها أبواب التمويل ، وصنعوا لها راياتها المموهة الكاذبة ؛ لكي يحاربوا بها الصدق وأهله ، ومكنّوها من ارتكاب الجرائر لكي يحسبوها على الدين الحق والشريعة السمحة ، ولكي يقطعوا الطريق بممارساتها على مشروع السوريين الوطني الذي خرج ينشد العدل والحرية والكرامة والسواء الوطني في مجتمع أسنان المشط . الذي كان لنا فخربوه بكيدهم وتآمرهم علينا .

رايات عميّة رُفعت بالباطل فوق ديارنا ، تصديقا أصلا لدعوى المجرم السفاح قاتل الأطفال ومؤيديه وداعميه والصامتين عليه ، وليؤكدوا دعواه أنه إنما يقاتل إرهابيين ومجرمين فيبرر ويبررون معه الفعل الأثيم والجرائم النُّكر الذي ما زالوا صامتين عليها على مدى أكثر من ثلاث سنين ..

إن ما أصاب مسلمي سورية ومسلمي العراق ومسلمي العالم على أيدي هذه العصابات ( الذريعة ) و الهجينة والضالة المضلة هو أكبر في عمقه وحجمه وأثره وتداعياته من أي مصاب عدا على غيرهم ونزل بسواهم . ليبقى لنا اننا ما زلنا نتمسك أن الاستبداد والفساد والقتل الذي يمثله بشار الأسد هو العود وأن هذه العصابات هي ظله . وأننا ما زلنا ننظر إلى محنة مجتمعاتنا بعين واحدة هي محنة الإنسان مسلما ومسيحيا سنيا وعلويا عربيا وكرديا بالأصل وفرعه على السواء . رافضين أي تفتيت فئوي أو ديني او مذهبي لمجتمع سننظل نجاهد ونناضل باسمه وتحت رايته ، ومن أجل حماية وجوده وحريته وكرامته ..

 وكالة الأنباء الأمريكية ( السي ان ان ) استغربت  هذه الحمية غير المسبوقة للدفع في طريق القتل التي دبت فجأة في رؤوس أساقفة الكنيسة الكاثولكية في ( الفاتيكان  ) و في غيرالفاتيكان . والذين اندفعوا على غير روية في تأييد مشروع حرب غير مضمون العواقب والنتائج  في العراق وهم الذين دمدموا وحمحموا وجمجموا على مدى أربع سنوات على هولكست حقيقي مازال ينفذ على إنسان سورية رجالها ونسائها وأطفالها ..

وتساءلت الوكالة الأمريكية بالأمس فقط ...: لماذا ؟! وما الفرق ؟!

وخرج علينا  ناطقهم يفسر ، وليته صمت ، خرج يتحدث بلغة طائفية مقيتة من قرونهم القروسطية بأن تقديرهم أن المسيحيين السوريين سيكونون  ، في ظل المجرم القاتل المبير بشار الأسد ، أوفر حظا وأسعد حالا !! ولذلك فقد قرروا أن يحدبوا دعما وتأييدا ودفاعا وصلواتٍ للدفاع عن مجرم أثيم مغتصب نساء وقاتل أطفال ، مبيرٍ لأكثر من ربع مليون سوري ومثلهم من المعتقلين ، ومعهم عشرة ملايين مشرد ضاق الفضاء المسكوني بهم..!!

وعلى الإثر سارع الأساقفة الفرنسيون  إلى الدعوة  إلى استخدام القوة لحماية من يطلقون عليهم ( مسيحيي العراق ) . ومسيحيو العراق هم كما أكدنا بعض أبنائه ، مثلهم مثل مسلمي العراق مثل سنته وشيعته مثل عربه وكرده ، وحين يتعرضون لبعض الفتنة التي يتعرض لها كل أبناء العراق فإنهم يثبتون مواطنة أصيلة ويعبرون عن حجم الظلم الذي يصيب كل أبناء المنطقة في العراق والشام  ( سورية وفلسطين ولبنان ) وإنها لمحاولة  طائفية بغيضة عزلهم عن مواطنيهم أو تخصيصهم  بما يظن البعض أنه تمييز وهو في حقيقته اتهام خطير  ..

وحسب الغارديان البريطانية يدعو الفاتيكان المسلمين اليوم  إلى إدانة الجرائم بحق المسيحيين ، ويهدد ، بحسب الجريدة نفسها ،بمقاطعة دول العالم الإسلامي إذا تجاهلت  إدانة ما تسميه مذابح المسيحيين في العراق ..!!

الفاتيكان هذه المؤسسة أو المرجعية العالمية الذي أعلن (الحرب المقدسة ) على إنسان عالمنا على لسان البابا أوربان الثاني في الخامس والعشرين من تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1095 ، والذي أدان الإنسان مسيحيا ومسلما ويهوديا بأبشع أنواع محاكم الضمير التي عرفت باسم محاكم التفتيش ، والفاتيكان الذي تغافل عن الهولكست النازي تشجيعا  حتى اضطر إلى الاعتذار عن ذلك عن وقت قريب ؛ والذي يضم اليوم إلى خطاياه التاريخية الكبرى مناورة ومراوغة عن إدانة صريحة واضحة حاسمة لحرب الإبادة التي يشنها بشار الأسد وعصاباته الغارقة في الجريمة ضد الإنسان السوري رجلا وامراة وطفلا ، مسلما ومسيحيا عربيا وكرديا ؛ هذا الفاتيكان يهدد اليوم بوقف الحوار مع المسلمين إن لم يبادروا إلى إدانة ما يسميه ( العدوان على مسيحيي العراق )  . مما يدل على ان القائمين على هذه المرجعية التاريخية لمسيحية الروح والمحبة ما يزالون يرسفون في أغلال أوربان الثاني وبطرس الناسك .

نحن في حضارتنا نتبادل الوصية : تعلموا قبل أن تسوّدوا ..

لأنه من المعيب لمرجعية في حجم الفاتيكان الذي نتمنى للقائمين عليه كل الرشد لخير الإنسان  ، أن يتخبط بمثل هذا الوحل في الخطاب وفي الأداء ..

نقول لأساقفة الفاتيكان هلموا فقولوا بقولنا إذا كنتم تريدون حقا إدانة القتل والقاتلين والإرهاب والإرهابيين . قولوا بقولنا إذا كنتم حقا صادقين ، قولوا كما نقول

ندين ونستنكر العدوان على الإنسان 

        مسلما ومسيحيا ويزيديا وسنيا وشيعيا وعلويا وعربيا وكرديا

     ندين المجرم القاتل مسلما كان أو مسيحيا سنيا كان أو شيعيا أو علويا                      

         ندين ازدواجية المعايير ونلحق أصحابها  بالقتلة المجرمين

ونحن  باسم ربنا رب العالمين : نقول آمين  ...

قال لهم السيد المسيح : أعط ما لقيصر لقيصر فأبوا فلا جناح على من خاض مع الخائضين أن يصيبه من وحل الطريق ما يصيب الناس اجمعين ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية