لماذا يقتل نتنياهو أطفال غزة؟!

الطاهر إبراهيم

في إحدى موجات الإبادة على فلسطين، وقف أبو الشهيد يرد على تعزية الناس قائلا: "إن لدي من الولد تسعة آخرين،كلهم نذرتهم شهداء في فلسطين". وعلى ما يظهر أن لدى قادة إسرائيل واحدا بعد آخر، (من ليفي أشكول إلى بن غوريون إلى شمعون بيريز إلى سيء الذكر بنيامين نتنياهو) حساسية تجاه أطفال فلسطين وتعطشا لدمائهم. ألا تذكرون مذبحة قانا التي تم قصفها في عهد شمعون بيريز في 30/ 7 / 2006 في حرب شنها على لبنان. إذ تم تدمير مبنى من ثلاث طبقات في بلدة قانا في جنوب لبنان حيث انتشلت جثث 27 طفلا من بين الضحايا الذين لجؤوا إلى البلدة بعد أن نزحوا من القرى المجاورة،

أوباما الذي وضع قلبه في الثلاجة من أول يوم جلس فيه في المكتب البيضاوي، أفزعته دموع مدير مدارس الأونروا في غزة. إذ لم يتمالك هذا المدير نفسه أن يجهش بالبكاء أمام مذيع قناة الجزيرة بعد أن رأى بأم عينيه جثامين 48 طفلا بعد ثلاث هجمات شنتها طائرات نتنياهوعلى مدارس أونروا بغزة, فأرسل أوباما رسالة سرية إلى نتنياهو يقول فيها: فضحتنا"!
طبعا، أوبا لم تفزعه دماء الأطفال التي صبغت غرف نوم الأطفال في المدرسة باللون الأحمر ، بل فزع من دموع الموظف الذي ما يزال قلبه يخفق داخل جسمه وليس في الثلاجة كما هو قلب أوباما. ولأن هذا الموظف ليس فلسطينيا بل رجلا أبيض من أوروبا، فإن أوباما خشي من انتقادات الأوروبيين  التي تنشر صحفهم، في غالب الأحيان، ما يحدث في غزة، من جرائم لا تقع تحت طائلة الخطأ، بل عن عمد وسابق تصميم.

قد يقول قائل لمَ تستهدف إسرائيل أطفال غزة وهم لم يبلغوابعد السن التي يحفرون بها الأنفاق؟ ولم يستخدموها للعبور خلف خطوط الإسرائيليين ليقتلوا الجنود أو يأسروهم؟ على أن حسابات إسرائيل تختلف، إذ تعتبر أن هؤلاء الأطفال مشروع مقاتلين فلسطينيين في المستقبل أنشط من آبائهم، فعليها أن تقتلهم قبل أن يكبروا ويحفروا الأنفاق والعبور داخلها لأسر جنود إسرائيل.

حسابات إسرائيل خاطئة في الجملة، وعلى واشنطن أن تلحظ ذلك. لأن معالجتها لا تكون بقتل أطفال فلسطين، فالخطأ لا يصلح بالخطأ. وعلى واشنطن أن تكبح جماح إسرائيل وترغمها على التوقف عن مسلكها الإجرامي، فالاستمرار في هذا المسلك سيجعل كل فلسطينيي الضفة   الغربية وليس أهل غزة فقط مشروع استشهاديين، ويجعل إسرائيل تعيش على مرجل غضب ينفجر كل الأرض المحتلة، وليس في الضفة وغزة وحدهما.

إذا كانت واشنطن قد وضعت في حسابها أن تقتلع حركة حماس من غزة وتشرد ناشطيها في دول الجوار، كما فعل مع الأفغان العرب عندما انتهت الحرب الأفغانية، فإن هذا ينبئ عن نية سيئة لدى واشنطن تبيتها للمنطقة. وهي نية مسيئة مزدوجة: فهي تريد أولا أن تشيطن حماس وترغمها على التخلي عن اعتدالها الفلسطيني. كما تريد خلق مشكلة للدول العربية كما حصل مع الأفغان الذين شكلوا بعد رجوعهم من أفغانستان قاعدة في كل قطر عربي وإسلامي.

لكن حساب السوق لا يأتي دائما كحساب الصندوق. فحماس أثبتت أقدامها في أرض غزة رغم التضييق والحرب تشنها إسرائيل بين الفينة والأخرى، حيث رأينا حماس تخرج أقوى وأصلب عودا، ورأينا كل الفصائل تقف مع حماس في خندق واحد ضد إسرائيل.        

أدخلت واشنطن شيطنة الإسلام السياسي المعتدل في صميم خطتها للمنطقة العربية،لدفع دولها إلى الاحتراب الداخلي، مثلما حصل في الجزائر في تسعينات القرن الماضي فتلجأ إلى مجلس الأمن الذي تسيطر عليه واشنطن،وعندها تدخل المنطقة في نفق مظلم. فهل تنجح واشنطن في  أن تدخل المنطقة بخطتها الشيطانية، أم ستدخل نتنياهو في أنفاق حماس المظلمة.