سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ

عز الدين سلامة

10/7/2014 م

إن ما يجري من قتل وذبح لغزة وأهلها ومقاومتها ، وتكالب المؤامرات عليها من عدوان صارخ واضح من أعداء الأمة – بني صهيون -  وتآمر وكيد من بعض العربان وتخاذل وصمت مفضوح من إخوة البيت الواحد يجعلنا نتذكر غزوة الأحزاب في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما جمعت قريش رجالها وعتادها وجلبت معها قبائل الأعراب المتحلفة معها وقامت بمحاصرة مدينة الرسول المنورة – شعلة الحق المضيئة في ذلك الزمان – وتآلب كل من قبائل اليهود داخل المدينة ، وأهل النفاق ممن يدعون الإسلام ويبطننون الكفر ، ولكن المشهد هنا فيه تبادل للمواقع والأدوار ، فهنا في غزة جيش الإحتلال الإسرائيلي الغاشم هو من يهاجم بدل قوات قريش وحلفائها، وبعض دول العربان هم من ياخذون دور بني قريظة في الدسائس والتآمر عليها.

ما أشبه أحداث التاريخ بعضها ببعض ، هناك ثلة مؤمنة صابرة تواجه ثالوثاً خطراً يريد استئصالها والقضاء عليها ، وهنا ثلة مؤمنة مقاومة تواجه نفس الثالوث التي يريد رأسها والقضاء عليها ، هناك صبر وثبات واحتساب وثقة بنصر الله وهنا صبر وثبات واحتساب واعتماد على الله وثقة بنصره ، نعم لقد باتت غزة هي البقعة الوحيدة التي تجابه اسرائيل بكل ترسانتها وتفوقها العسكري والتكنولوجي ، تواجهها بصدرها العاري ولحمها التي تحرقه صوارخ طائرات ال إف 16 والأباتشي ، تقاوم بما أبدعته من أنفاق وصواريخ محلية الصنع فاجأت بها العالم حينما وصلت تل الربيع وديمونا وحيفا كما أبدع الرسول صلى الله عليه وسلم حين حفر الخندق وفاجأ قريش بهذه الفكرة الجديدة ، غزة محاصرة من البر والبر والجو كما كانت المدينة ، والصبر والإنتظار يسود الموقفين والمكانين كما وصفه الله تعالى " إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً (12 (/ ( الأحزاب 10 – 12 ) ، فالمشهد يتكرر بنفس المقاييس والمواصفات ، ونسال الله أن تتكرر النتائج وأن يكون ما بعد هذا العدوان الفاشي الغاشم نصر وتمكين لغزة ومجاهديها وأن يكون مقدمة لفتح بيت المقدس كما كان النصر في غزوة الأحزاب مقدمة لفتح مكة وما ذلك على الله بعزيز يقول الله تعالى " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ( 21 ) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ( 22 ) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ( 23 ) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ( 24 ) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ( 25 ) وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ( 26 ) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ( 27 ) / ( الأحزاب 23 – 27 ) .

نعم لقد انقلبت قدور أبي سفيان واندحرت قواته وفلوله وهاموا في الصحراء يطلبون النجاة ، وستنقلب قدور نتن ياهو وجيشه بعد أن تلقنهم المقاومة درساً لن ينسوه بعون الله ، أما أعراب المؤامرة وأحفاد بني سلول فستسوَّدُ وجوههم وسيتجرعون كؤوس الخزي والعار وسيحجزون لهم مكاناً وضيعاً في مزابل التاريخ وصدق الله تعالى " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)" / ( القمر 45 – 46)