"لواء أحرار السنّة" اللبناني لعبة استخباراتية؟

"لواء أحرار السنّة"

اللبناني لعبة استخباراتية؟

رأي القدس

July 6, 2014

مما يؤسف له في السياق الإعلامي العربي أن تظهر «مانشيتات» وتحليلات، وتتعزز استقطابات، وتتحدد مواقف أحزاب، وتنفعل شخصيات سياسية، بناء على «تغريدة» على شبكة للتواصل الاجتماعي الأمر الذي حصل مع ما يسمى «لواء أحرار السنة ـ بعلبك» الذي هدّدت «تغريدة» له المسيحيين في لبنان فحصل كل ما ذكرناه وأكثر.

وبحسب مصادر أمنية قامت بتتبع الحساب الذي أثار العاصفة الإعلامية فإنها خلصت الى أنه يدار من «حزب الله» وأن المسؤول المباشر عنه هو مدير مكتب قناة «العالم» الإيرانية في دمشق حسين مرتضى.

أما ردّ مرتضى على الاتهام فكان التعبير عن اعتقاده بأن «التنظيم غير موجود» وأنه «غطاء لأجهزة استخبارات خارجية».

يثير موضوع «لواء أحرار السنة – بعلبك» عدداً من الأسئلة المؤلمة فإذا كان «التنظيم غير موجود» وأنه «غطاء استخباراتي» فلماذا قامت وسائل الإعلام، وخصوصاً المحسوبة على إيران والنظام السوري باستخدامه، بطريقة يفهم منها تحريض عموم المسيحيين على السنّة (المتخفين تحت الإسم التنكّري «أحرار السنّة») ومحاولة خرط السنّة في قتال مع المسيحيين؟

الأمر الأكيد في لبنان أن تدخل «حزب الله» العسكريّ لصالح النظام السوري قد أدّى الى حصول احتقان طائفيّ كبير في المنطقة، كما أدّى الى ردود فعل إرهابية لتنظيمات سلفية متطرفة في الضاحية الجنوبية لبيروت وغيرها، لكنّ الأكيد أيضاً أن هناك ألعاباً عديدة في «الطبخة» وأن هناك جهات أمنية تسيء استغلال التوتّر الأمني الحاصل، وهو أمر لم ينفه مدير قناة «العالم» ولكن جلّ ما فعله أنه رمى الآخرين به.

من ذلك أن كثيرا من «العمليات» الإرهابية تبدو مبتذلة في ركاكتها، فيما يعلن كشفها عن قدرات «سوبرمانية» لدى أجهزة الأمن اللبنانية، بحيث تتمكن من الكشف عن «خلية إرهابية» في شمال لبنان «تخطط لاغتيال ضابط كبير» وتقبض عليها أثناء التخطيط، كما تكشف عن تفجير ضهر البيدر قبل أن يصل الانتحاري الى هدفه، وتكشف عن انتحاري في الضاحية الجنوبية قبل أن يفجر نفسه، ثم تكشف إرهابيي الفنادق الذين تعرف الأجهزة الأمنية اللبنانية (ترافقها أحياناً «قناة المنار» التابعة لحزب الله) أماكن اقاماتهم قبل أن يعرفوا هم أنفسهم ما هي مهماتهم.

كل ذلك ربما يعني أن هناك عمليات إرهابية حقيقية ضد «حزب الله» وأن هناك «عمليات» أخرى يتمّ «كشفها» والتلاعب بها لأهداف سياسية وأمنية وإعلامية محددة، القصد منها بحسب الشيخ اللبناني بلال دقماق «قلب الصورة» بحيث تظهر مدن السنّة في لبنان «أوكاراً للإرهاب»، بينما الإرهاب، في رأيه «موجود في معاقل حزب الله لأنه يرسل آلاف المقاتلين الى سوريا».

يخدم تعظيم ضجيج العمليات الإرهابية في لبنان، الحقيقية والمفبركة منها، عدة أهداف، أهمّها إبعاد الأنظار عن تورّط حزب الله العسكري في سوريا، ومنع أي صوت معارض لمغامراته داخل طائفته الشيعية من خلال إشعارها بالتهديد المستمر من «داعش» و»كتائب عبد الله عزام»، وكذلك تركيز التحشيد الطائفي ضد السنّة بتحميلهم ضمناً مسؤولية هذه العمليات، وهو ما يخلق الظروف العملية لانجرار أطراف سنّية أكثر فأكثر نحو التطرّف نتيجة إحساس بالتآمر والمظلومية وفقدان القدرة على الردّ.

تقوم الأطراف الفاعلة في لبنان، وخصوصاً حملة لواء المشروع العسكري والسياسي الإيراني، بجرّ البلد الى الهاوية المرعبة التي تنحدر إليها المنطقة كلها، وهو مشروع انتحاريّ للجميع.

مسلسل «لواء أحرار السنة» ليس إلا فاصلة بسيطة في خريطة معقّدة من الألعاب الاستخباراتية التي تتلاعب بأرواح ملايين العرب.

رأي القدس