نحو إسلام سياسي ناجح يحبه الناس

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

من أسوأ ما تتعرض له الاشياء الجميلة عمليات التشويه والتكريه.

لا شك أن الاسلام دين جميل متوازن شامل يسير، لكنه يتعرض لتشويهات من أعداء يجهلونه ومن أصدقاء يعتسفونه... ولا شك أن اعتساف الاصدقاء للاسلام أكثر ضرراً وأبلغ إساءة من تشويهات من يجهله...

يجب أن يقدم الاسلام للناس على أنه دين الحرية والعدالة والمساواة والشورى واليسر والتعايش. ولكن يحلو لبعض الاعداء والاصدقاء تقديمه على أنه دين السيف والقتل والاجبار والعسر والارهاب والتخلف والجهل!!!

ستبقى هذه المعركة مفتوحة حتى يستطيع المسلمون تقديم نموذج حضاري ناجح عادل ديمقراطي لما يرون أنه النموذج الاسلامي المحتذى...

للاسف فان أغلب المحاولات المعاصرة لتقديم نموذج للاسلام كان فاشلة أو غير مكتملة.

نموذج إيران نموذج إستبدادي يقوم على ولاية الفقيه ويتحكم فيه من يسمونه (آية الله) الذي يعتبرونه معصوما وهذا ليس من الاسلام، وتحجب فيه الحريات والحقوق السياسية عن القوميات غير الفارسة والطوائف غير الشيعية، وهذا ليس من الاسلام...

النموذج الخليجي نموذج استبدادي تتحكم فيه عوائل بالقرار السياسي وثروات الدولة وترتعد فرائصه من أي تجربة سياسية إسلامية ناجحة لانه يراها تهدد نموذجه المستبد العائلي أو العشائري...

نموذج أفغانستان والسودان والصومال يسوّد الوجه من تخلفه وجموده واهتمامه بالقشور دون توفير حرية وعدالة وتتنمية حقيقية...

نموذج الربيع العربي حمل إلى المقدمة الاسلام السياسي الذي تنقصه الخبرة والقوة، فوقع ضحية للثورة المضادة ومؤامرات الفلول وشراسة الدولة العميقة للعسكر...

وزاد في الطنبور نغماً نموذج داعش وحالش الذي يمارس أبشع وسائل التكريه والتخويف من الاسلام تحت دعاوى الخلافة والحكم الاسلامي الذي أصبح ينفر منه المسلم قبل غير المسلم...

أليس في هذا العالم المائج بعضُه في بعض أي أثارة من أمل أو قبس من نور؟!!!

يأتي النموذج التركي والنموذج الماليزي ليتركا بعض الامل في بناء أوطان جميلة يتعايش فيها الناس بمختلف ألوانهم وقومياتهم وأديانهم.

في خطاب داعش الاخير الذي يدعو لدولة الخلافة الاسلامية، إعتبروا أن الوطنية وثناً!!! واعتبروا أن على الناس السمع والطاعة لهم من مبدأ القوة والغلبة... وليتهم أتوا بما يفرح ويشجع بل أتوا بالبطش والقتل والحرابة حتى فزع منهم القريب والبعيد... وفي القرآن الكريم (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يامر بالفحشاء، أتقولون على الله ما لا تعلمون) الاعراف 28

إن الاسلام بريء من كل شر ومن كل عنف ومن كل اعتداء على المدنيين والضعفاء والمسالمين، وما أكثر الاحاديث والآثار التي تكلمت عن الخوارج الذي يدّعون الاسلام والتقوى وهم خارج الاسلام وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم... فعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  (إن بعدى من أمتى ( أو سيكون بعدى من أمتى ) قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم. يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرّميّة. ثم لا يعودون فيه. هم شر الخلق والخليقة). أخرجه مسلم في صحيحه

وعن أبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سيكون في أمتي اختلاف وفرقه؛ قوم يحسنونَ القيلَ، ويسيؤون الفعلَ، يقرؤنَ القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرّميّة، لا يرجعون حتى يرتد على فُوقِهِ؛ هم شر الخلق والخليقةِ ، طُوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم، قالوا يا رسول الله  ما سيماهم؟ قال: (التحليق)   صحيح أبى داود 

كل الطروحات الاسلامية التي تتبنى فرض الاسلام على الآخرين لا تصح، وعلى المسلمين تقديم إسلامهم للناس بالدعوة والتعريف والعلم والحكمة والموعظة الحسنة، وعليهم أن يقدموا حلول الاسلام للمجتمع عن طريق الشورى والبرلمانات والحوار والاقناع والصبر والحجة...

كل الاستشهادات بتحكيم القوة والسيف والعنف للوصول للاسلام لا تصح، فلا إكراه في الدين، الاسلام جميل وليس بحاجة إلى فرضه على الناس، إنه بحاجة إلى إظهار جماله وعدالته وإيجابيته إلى أن يسعى الناس إليه سعيا، بين مؤمن به ومؤمن بجماله وعدالته.

ظروف الجهاد والحروب الاستباقية وإزالة الطواغيت والدفاع عن المظلومين لها فقهها المرتبط بالزمان والمكان، وما جد من معاهدات دولية واتفاقيات إنسانية يجب أن يكون محل احترام وتقدير من الاسلام والمسلمين وأن يساهموا في صياغته ونشره واحترامه فالاسلام مع السلام وحقوق الانسان ومكارم الاخلاق والعلم والحرية.

نحن نريد لكل قوى الخير والحرية أن تربح، ولكن المسلمين سيكونون أكثر الرابحين عند انتشار الحرية والعدالة والعلم والتنمية، ليس بشطارتهم بل بما حباهم به الله عز وجل من دين متين صالح لكل زمان ومكان ولا يخص قوما أو عشيرة بل كافة للناس، وسيتحمل المسلمون المقصرون إثم "تطفيش" الناس وتفزيعم من الاسلام بينما هو دينهم الذي أراده الله لهم ليعم العالم الخير والسلام وليتعرف الانسان على عظمة خالقه فيعبده حق عبادته لينال خير الجزاء بعد الموت...

وإلى عالم ليس فيه ظلم ولا حالش ولا داعش...