﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾

﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾

شريف زايد

هو ولا شك نظام قديم وإن بدا بثوب جديد تمثل برئاسة وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي، فالشعارات هي نفس الشعارات وإن بدت أكثر حدة نظرا للمأزق الذي يعاني منه النظام الحالي، فـ"الحرب على الإرهاب" هي ما ظل مبارك لعقود يرفع لواءه، ويردد طوال فترة حكمه دعوة العالم لعقد مؤتمر دولي للحرب على "الإرهاب"، وما زالت مصر ترزح تحت الوصاية الأمريكية كما كانت في ظل كل ما سبق من أنظمة، وتأتي زيارة جون كيري لمصر اليوم 22/6 لترسخ لها بعد فترة من التوتر الموهوم الذي قد ينخدع به البسطاء، وها هو التنسيق الأمني مع يهود على قدم وساق، وكأن أمن دولة يهود هدف استراتيجي للنظام الجديد - القديم. لكن الأنكى من ذلك هي حالة البطش غير المسبوقة والتي فاقت ما كان يعاني منه الشعب المصري لعقود خلت، فالاعتقالات على قدم وساق، وأحكام الإعدام بالجملة دون تروٍّ ودون أدلة، أحكام قاسية ما سبقهم بها أحد من العالمين، فقد قامت يوم السبت 21/6 محكمة المنيا بتثبيت أحكام الإعدام الصادرة بحق 183 من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، بمن فيهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. وحرب فاشلة يشنها النظام على ملصق (هل صليت على النبي اليوم) الذي أصابهم بالذعر والهلع، وإغلاق للمساجد والزوايا، ومنع غير الأزهريين من اعتلاء المنابر، وتهكم شديد على الكثير من أحكام الإسلام على قنوات فضائية أطلق النظام ألسنتها لتنال من تاريخ الأمة وحضارتها، وأشياء وأشياء فاق بها النظام الجديد ما سبقه من طواغيت.

قد يظن النظام الحالي كما ظن سلفه أن هذه الأمة ماتت والسلام، وهو ظن لا يغني من الحق شيئا، والحق الذي لا مراء فيه هو أن هذه الأمة لا تموت، نعم قد تمرض ولكنها أبدا لا تموت، وقد مضت تلك العهود التي كانت تسكت فيها الأمة على الظلم والظالمين، فقد انكسر حاجز الخوف عند الأمة وهي كما أسقطت من قبل بن علي ومبارك والقذافي وغيرهم لقادرة على إسقاط كل الطواغيت. أولئك الذين سكنوا في مساكنهم، ولكنهم لم يتعظوا ممن سبقهم، بل يعيدون سيرتهم من جديد، بل وفي صلف وكبرياء غير مسبوق. قال تعالى: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: 14]، أي قد رأيتم وبلغكم ما أحللنا بالأمم قبلكم ومع هذا لم يكن لكم فيهم معتبر ولم يكن فيما أوقعنا بهم مزدجر، لله ما أضعف عقول الطغاة وأضيقها رغم ما تخيله لهم أنفسهم أو حثالة المنافقين المحيطة بهم من أنهم في عزة وسؤدد، وكيف يكونون في عز وهم لا يحكمون شرع الله في دولة الخلافة، ففيه وفي دولته فقط العز والسؤدد لو كانوا يعقلون.

لن ترضى الأمة عن الإسلام بديلا، ولن تقبل بغير الخلافة نظاما، ولن تتوقف حركة الأمة حتى تسفر عن صبح جديد في ظل دستور مستنبط من كتاب ربها وسنة نبيها، وحتى تبايع خليفة تقيا نقيا يقاتل بحق من ورائه ويتقى به، وما ذلك على الله بعزيز.

﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

ـ لا تلعب إلا عندما ندعوك للّعب يا بنيّ ..هكذا قال له أحد الكبار.